إنكي.. يحلق بأحلام الشباب السينمائية عالمياً

1٬222

 رجاء الشجيري/

مخرج مجتهد وطموح، حاصل على دبلوم عال اخراج سينمائي من كلية النسنغ في الولايات المتحدة 2015وعلى دبلوم اخراج سينمائي من اكاديمية نيويورك للفيلم في الولايات المتحدة ايضا عام 2011. انه المخرج السينمائي “علي محمد سعيد” مؤسس اكاديمية (إنكي السينمائية- Enki Film Academy ) التي يهدف من خلالها صناعة جيل سينمائي جديد مواكب لأحدث التقنيات المعمول بها في مجال صناعة الفيلم السينمائي العالمي، وظف جل خبرته في السينما في دعم السينمائيين الشباب والاخذ بآفاق أفلامهم واطلاقها للوجود برغم كل الظروف التي جعلت من السينما لدينا في سبات وتأخر عن مواكبة العالمية. عن مشاريعه وأهدافه في احياء السينما، التقته مجلة ( الشبكة ).

*من أين بدأت فكرة انشاء أكاديمية إنكي للفيلم وما الهدف منها؟

– في عام ٢٠١١ التحقت بأكاديمية نيويورك للفيلم في الولايات المتحدة الامريكية لدراسة الإخراج السينمائي، في أولى تجاربي الدراسية مع مؤسسات عالمية مختصة بالسينما، بعد تخرجي عزمت على اطلاق مؤسسة على غرار الأكاديمية في نظامها التعليمي وطرق التدريس فيها، قادرة على نقل الخبرات الامريكية الى العالم العربي والعراق تحديدا. في عام ٢٠١٣ تم الإعلان عن انطلاق أكاديمية إنكي للفيلم بدعم من جامعة ميشيغان، منذ البداية كان هدف الاكاديمية المساهمة في صناعة جيل سينمائي جديد مواكب لأحدث التقنيات العالمية المعمول بها في مجال صناعة الفيلم في الولايات المتحدة الامريكية خاصة، وكانت الخطة تسير في مسارين متوازيين:

الأول: نقل الخبرات الامريكية الى العالم العربي عبر دروس تلفزيونية تبث على موقعنا الرسمي وصفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، في هذا السياق تضع الاكاديمية في متناول صناع الافلام، أفضل البرامج التدريبية ضمن دورات متكاملة، بالتعاون مع مجموعة من ذوي الخبرة والاختصاص. والثاني: اقامة ورشات تدريبية، في البلدان العربية، بإشراف خبراء في مجال صناعة الفيلم من الولايات المتحدة الامريكية، تركز على تنمية المهارات العملية للمتدرب وتعريفه بأحدث الاجهزة والمعدات المستخدمة في صناعة الفيلم، إضافة الى منحه فرصة انجاز فيلمه الخاص مع نهاية الورشة.

*ما مشاريع الأكاديمية التي اطلقتها والتي في برنامجها الآن؟

– تعتمد الاكاديمية على الجانب العملي كثيرا وتشجع على تطوير مهارات السينمائيين الشباب وتعميق خبرتهم ومن هذا المنطلق أعلنت الاكاديمية عن انطلاق مشروع ” اصنع فيلمك” الذي يستهدف المخرجين العاملين على فيلمهم الأول، المشروع انطلق في نسخته الأولى من الأردن حيث تم الاتفاق مع المشاركين في الورشة على اختيار موضوعة ” أطفال المنافي والحروب” محوراً رئيسا لخمسة عشر فيلما روائيا قصيرا سيتم انتاجها خلال الورشة بهدف لفت الانظار الى ضرورة معالجة واحدة من اهم القضايا الانسانية العاجلة في المنطقة العربية وتسليط الضوء على مصائر اطفال وجدوا أنفسهم ضحايا جحيم المنافي او نيران الحروب.

اما المشروع الثاني الذي اطلقناه هذا العام فكان موجها بشكل رئيس لصناع الأفلام الشباب في العراق وهو برنامج “داعم” السينمائي الذي يهدف الى تقديم الدعم للمشاريع السينمائية الواعدة وتشجع صناعة الفيلم المستقل في العراق، كذلك يسعى الى المساهمة في صناعة الافلام المستقلة وتطوير المواهب المحلية العاملة في قطاع السينما من خلال تقديم دعم انتاجي متكامل للمشاريع السينمائية المتميزة. وتسعى الاكاديمية الى عقد شراكات اضافية مع شركات الانتاج العربية والعالمية والمهرجانات الدولية اضافة الى التعاون مع برامج التمويل المحلية والاجنبية من اجل توسيع دائرة الاختبار ومنح الفرصة لأكبر عدد من المخرجين الشباب

*لكم مسعى مهم قدمتموه عن ابراز وإعطاء فرص لمخرجات عراقيات؟

-هذا صحيح ومن المؤمل ان نعلن رسميا عن مشروع “عيون المها” المخصص لدعم المخرجات العراقيات، وهو هدف نحاول تحقيقه بإصرار برغم صعوبته وذلك بهدف خلق مساحة اوسع للسينما النسوية في العراق وفسح المجال امامهن للتعبير بصريا عن أفكارهن ورؤيتهن للعالم . ليس لدينا تجربة رصينة في هذا المجال والمخرجات الرواد لا يتجاوزن عدد أصابع اليد، لدينا الان إمكانيات إنتاجية اكبر وتلاقح معرفي أوسع وتبادل للخبرات افضل مما سبق، لقد اثرت ثورة الاتصالات على قطاع السينما بشكل ملحوظ ولا بد لنا كصناع أفلام عراقيين الاستفادة من هذه الفرصة، واعتقد شخصيا ان مجتمعاتنا العربية ذكورية بشكل صارخ وليست معنية بتصدير صوت المرأة او خطابها الجمالي وهذه المجتمعات مازالت قامعة لكل التجارب الفردية النسوية في حقل السينما بسبب المحظورات الاجتماعية والعرفية ولهذه الأسباب تحديدا سوف نطلق هذا المشروع لتمكين المرأة من ان تقول ما تشاء وكيف ترى العالم حولها على ان يكون هذا في اطاره الجمالي المصنوع بحرفية وتقنية متطورة.

*هل أنت متفائل في محاولات احياء السينما لدينا؟

– امام نجاح صناعة الفيلم في العراق عقبات “فنية” وعقبات “إنتاجية” ومتى ما تخلص صناع الأفلام من تلك العقبات فان بإمكانهم صناعة فيلم بمقاييس عالمية، اول العقبات الفنية هي مشكلة كتابة السيناريو المخصص للفيلم السينمائي وهي مشكلة لا تنال الكثير من تسليط الضوء برغم انها تمثل الحجر الأساس لبناء منتج سينمائي صالح للعرض، غالبا ما يتورط الكتاب بالاستسهال بكتابة السيناريو ويتوهمون انهم يكتبون للسينما لكنهم في الحقيقة ووفق التعريفات الاكاديمية الرصينة فان ما يكتبونه هو نص مسرحي او نص تلفزيوني في احسن الأحوال، ان اشتراطات الكتابة للفيلم تحتم عليك ان تدعم مساحة أوسع للمتلقي من اجل ان يتورط ابداعيا مع الفيلم وان يشارك في صياغة الاطار العام التفاصيل الخفية للبناء السردي للفيلم، في السينما نحن نكتب للصورة، كلما ازحنا هيمنة الحوار عن الفيلم كلما تقدمنا بصريا واقتربنا اكثر من فهم السينما.

*برغم معرفتي بانك احد شعراء مشروع “قصيدة الشعر” الذين غادرتم الشعر، إلا أنني أود معرفة رأيك بالأفلام التي تمزج بين قصيدة وأحداث حياة في توليفة سينمائية؟

-كانت السينما حلم الطفولة الأول الذي أطاحت به أنزاق الشعر والركض وراء القصيدة لاسيما في مناخ ثقافي يقدس الشعر في بلد مثل العراق حيث الشعر هو الظاهرة الثقافية الأكثر شيوعاً ومقبولية مقارنة بالظواهر الأدبية والإبداعية الأخرى. غادرت الشعر مبكرا برغم فوزي بجائزة حميد سعيد الإبداعية عام ٢٠٠١ لكني بقيت وفيا للصورة ولتكويناتها ودلالاتها وللشعر الفضل الأكبر في توظيف وتطوير تقنيات الكتابة للصورة فيما بعد والتي انعكست بشكل صريح في مسرحيتي ” الطريق الى بغداد” الفائزة بجائزة الشارقة للإبداع عام ٢٠٠٩ حيث الطغيان الهائل للتكوين البصري داخل فصول المسرحية وهو ما شجعني لاحقا “للإخلاص” للتلفزيون واحتراف الكتابة للأفلام الوثائقية وكتابة سيناريو الفيلم القصير في مرحلة لاحقة.

يقول حكيم صيني «الصورة بألف كلمة»، لا توجد قوة قادرة على ابطاء هذا المد الجارف من هيمنة الصورة على جميع مفاصل الحياة، انها صاحبة السلطة المطلقة الان في حالتيها الإبداعية والاستهلاكية، سيبدو حديثي عن مطابقة الشعر للفيلم فضفاضا وغير علمي مع غياب التجارب “المختبرية” للأفلام ذات السمات الشعرية الواضحة ، لكني مع هذا اميل الى فكرة التمازج والتجاور بين الاثنين واحيانا كثيرة يصبح كل مشهد سينمائي هو مقطع من قصيدة تنبض بالحياة والتكوينات البارعة. انه عصر الصورة، ما تصنعه الصورة تعجز عنه الكلمة!

*حدثنا عن كيفية تسويق أفلام الشباب في المهرجانات العالمية؟

-الاشتباك الثقافي مع الاخر منحني فرصة التعرف على عوالم جديدة لم يكن مقدرا لي معرفتها لولا هذا الترحال الطويل بين المدن المختلفة، هنا اود ان انقل تجربتي في الولايات المتحدة بعد تأسيس الاكاديمية وفتح قنوات حوار مع جيل سينمائي شاب في العراق يسعى لتسويق فيلمه عالميا لكنه لا يذهب مباشرة للهدف ويضطر أحيانا للاستعانة بخبرات عربية تكلفه أموال كثيرة واحيانا خيبات امل واستغلال، لقد حاولت ان تكون الورش التي نقدمها تتضمن قسم مخصص للحديث عن اليات التسويق العالمية وكيفية الدخول للسوق الأمريكي او الأوروبي، ابوابنا مفتوحة لمساعدة صناع الأفلام في تقديم افلامهم للمهرجانات العالمية وارشادهم لعقد شراكات مع جهات مانحة او مؤسسات تدعم الفيلم العراقي.