التشكيلي أديب مكي: العراق بلد الفن منذ فجر التأريخ

20

زياد جسام
ولد الفنان أديب مكي في بغداد عام 1951، شارك في تأسيس أول مجلة طفل في العراق، وأول فيلم «كارتون» عراقي، وهو فنان يحب التجريب والتنقل بين المدارس والخامات. ترك بلاده باحثاً عن فسحة للحرية والهدوء ليواصل مشروعه الفني الإبداعي، إذ غادر العراق مطلع سنة 1997، متجهاً إلى محطته الأولى الأردن، وبقي فيها 7 أعوام، بعد ذلك غادر إلى الولايات المتحدة، وما زال مقيماً فيها،

انطلق بإبداعه لإقامة معارض شخصية عدة في العديد من دول العالم، مثل نيويورك ولندن وكاليفورنيا والمكسيك والكويت وبيروت، وأنجز بعض قصص الأطفال. في زيارته الأخيرة إلى العراق التقيناه، وكان معه هذا الحوار:
*من يتابع لوحاتك وسيرتك الفنية يرى أن هناك تحولات كبيرة في التقنيات والمدارس التي تعمل عليها، ما أسباب ذلك؟
-إذا نظرت إلى الطبيعة، وإلى البيئة المدينية، سترى الاختلافات في كل مكان، سترى الواقعية إلى جانب الزخرفة والتجريد، إلى جانب الرمزية. وفن الرسم عبارة عن عرض لتلك الأدوار، حسب الهوى، والاستجابة إلى الإظهار، فهو لعبة أدوار، متى ما وجدت نفسك متعلقة بدور، عرضته للجمهور.
*هل تعتقد أن الفنان الحقيقي هو نتاج الدراسة الأكاديمية أم نتاج الحالة الإبداعية؟
-كلاهما، الموهبة وحدها لا تكفي، فهناك أسرار كثيرة في استخدام الخامة، من شأنها وحدها التأثير على أسلوب الفنان، وكذلك الدراسات النظرية، والاختلاط، والتجارب التي يعطيها الأستاذ لتلامذته، كل هذا يخلق الفارق، لكن الدراسة وحدها لا تخلق فناناً، إذ لابد من وجود بادرة داخل الإنسان، نسميها موهبة.
*هل يمكن القول إن الفنان أديب مكي حقق المعادلة الصعبة بين تقديم نتاج فني حديث وإرضاء ذائقة الجمهور البسيط؟
-لا أسمي ذلك إرضاء ذائقة الجمهور، ولكن هو الحنين، أحياناً تتعبني البحوث، والخوض في تجارب جديدة، فأركن إلى الراحة، أتذكر الأسلوب الذي ظهر به اسمي لأول مرة، فأتلذذ برسم بعض اللوحات بمختلف الخامات، خصوصاً الخامة التي اكتشفتها مؤخراً، التي بدأت بإنتاج مجموعة من اللوحات بها، وهي ما تعرف باسم ( تيمبرا tempera).
*حركة الفن التشكيلي في العراق زاخرة بالأسماء الكبيرة، كيف تنظر إلى هذه الظاهرة؟
– هذه ظاهرة صحية، ولاسيما في العراق الذي يمتلك الأسماء الكبيرة والواعدة، وآلاف تلاميذ الفن الذين سيكبرون ويلمعون في سماء الفن، شأنهم شأن أساتذتهم وزملائهم الآخرين، فالعراق هو بلد الفن منذ فجر التاريخ، والفن يجري في دماء العراقيين، إن كانوا محترفين أو هواة، أو حتى جمهوراً متلقٍّياً.
*من يلهمك أكثر: المرأة أم الطبيعة أم معاناة الشعوب؟
-كلها تلهمني، فهي أسباب مهمة لخلق فن صادق بدون رياء أو زيف، كلها على نفس المستوى، لا أفرق بين أحد منها وآخر، ولا أفضل أحدها على الآخر، الطبيعة هي منشأ الفن، وهي أمنا التي علمتنا كل ما هو بشري وإنساني سامٍ، والمرأة بتعدد صلاتها بالرجل اقتربت كثيراً من دور الطبيعة في وظيفتها الإنسانية، فهي العلاقة الخالدة لدى كل البشر، هي الأم، وهي الحبيبة المكملة لهناء الرجل وسعادته، وهي الأخت، وِسادة الحنان ونبع الارتياح. أما معاناة الشعوب، فهي الثوب الحقيقي الذي يرتديه الفنان، منه يظهر ومنه يستقي الأصالة والصدق.
*ما العمل الذي تعتبره من أهم الأعمال التي قدمتها؟
-من أهم الأعمال التي أنجزتها وأفخر بها معرضي الشخصي، الذي بدأت به من أربيل، ثم أتممته في سان دييغو، وعرضته في تيخوانا، المدينة المكسيكية المتاخمة لسان دييغو، الذي نال الإعجاب والتقدير من الجمهور المكسيكي ذي الثقافة العالية، وقد نقلته، بناءً على الطلبات، إلى صالة مطار تيخوانا، وكل ذلك حدث مابين 2010 إلى 2012.
*ما رأيك بجيل الفنانين الشباب العراقيين؟
-أحب هذا الجيل، فهو جيل يعد بأسماء لامعة، بالنظر لقوة حضوره، وكثرة مشاركاته وطموحاته، الكثير منه يتمتع بمزايا واعدة كثيرة، وألمس هنا وهناك تشجيعاً من الأساتذة والمقيمين، وعلى رأسهم جمعية التشكيليين العراقيين، التي تفرد في كل عام معرضاً خاصاً بالفنانين الشباب، ما يعد تظاهرة مستقبلية مهمة.