الذكرى السنوية لرحيل عفيفة اسكندر.. فاتنة بغداد

787

إعدا د: مجلة الشبكة العراقية  /

بعد ظهيرة كل جمعة وحين انتهاء بث الفيلم العربي كان المشاهدون يتسمرون أمام شاشة التلفاز، وما إن تنطلق حنجرة عفيفة اسكندر( ياحلو يا أسمر غنى بك السُمَّر) حتى يتمايل المشاهدون طرباً.
عفيفة اسكندر.. صاحبة الإمكانيات والقدرات الصوتية الهائلة والحنجرة الذهبية ذات أداء متميز وصوت دافئ يصل القلوب ويحلق بك عالياً إلى عوالم أخرى, نبرات صوتها هي نبضات القلب تستقر في أعماق الروح, وعبر سنوات طوال شكّل اختيارها الغنائي رقّة جميلة وفّرت للملحنين مساحة لحنية للتعامل مع تلك الحنجرة الذهبية. وفي دوامة الصخب والضوضاء الذي يخنق كل شيء جميل نستذكر صوت عفيفة اسكندر وصوتها الذي طالما أنعش مسامعنا، ونقلنا من عالم الفوضى الغنائية على أجنحة الحس المرهف والصدق محلقين في سماء الخيال والمشاعر الصادقة.
شحرورة العراق
في مدينة الموصل، ولأب عراقي وأم يونانية ولدت عفيفة اسكندر في العام 1921, صدح صوتها وهي في عمر خمس سنوات، ظهرت لأول مرة على المسرح في ملهى صغير بمدينة أربيل في أواسط الثلاثينات وكانت أول حفلة أحيتها عام 1935، انتقلت بعدها إلى بغداد وغنت في أرقى ملاهي العاصمة حينها ، وتنقلت فيما بينها وحققت شهرة واسعة في فترة الثلاثينات وغنت بلغات عدة منها التركية والألمانية واليونانية، اشتهرت بإجادة جميع ألوان الغناء والمقامات العراقية، وبالأخص الأغاني البغدادية.
شهرة عربية
سافرت إلى القاهرة عام 1938 وغنت هناك وعملت لمدة طويلة مع فرقة (بديعة مصابني) في مصر وهي أشهر راقصة وممثلة مصرية في الأربعينات وكذلك عملت مع فرقة الممثلة والراقصة تحية كاريوكا.
حققت في القاهرة شهرة كبيرة جعلتها تقوم بالتمثيل أمام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في فيلم (يوم سعيد) بمشاركة فاتن حمامة كما كانت لها أغنية في ذلك الفيلم ولكنها لم تُعرض حيث تم حذفها لطول الفيلم وللتقليل من وقته.
مثلت عفيفة في أفلام عدة، في لبنان وسوريا ومصر منها: (القاهرة ـ بغداد ) إخراج أحمد بدرخان وفيلم (ليلى في العراق) إنتاج ستوديو بغداد وإخراج أحمد كامل مرسي ومثل فيه الفنانون جعفر السعدي والراحل محمد سلمان والفنانة نورهان وعبد الله العزاوي وعُرض الفيلم في سينما روكسي عام 1949، ثم تعرفت إلى الأديب المازني والشاعر إبراهيم ناجي وعندها بدأ شوطها الأدبي ثم عادت إلى العراق واستقرت في بغداد.
صالون ثقافي
عند عودتها إلى بغداد أصبح لديها صالون ثقافي في منزل أنيق وحديث يطل على نهر دجلة في منطقة المسبح، وكان يرتاد صالونها الثقافي أبرز رموز الثقافة والسياسة في العراق ومنهم الشاعر حسين مردان, التقت عفيفة اسكندر في مصر بكبار الشعراء والفنانين أمثال الشاعر ابراهيم ناجي صاحب قصيدة (الأطلال) ومحمدعبد الوهاب وتحية كاريوكا. حضر صالونها الثقافي نوري السعيد والأمير عبد الإله وفائق السامرائي عضو حزب الاستقلال وعضو مجلس الأمة وجعفر الخليلي والمحامي عباس البغدادي والعلّامة الدكتور مصطفى جواد، وكان مستشارها اللغوي, وعميد المسرح العراقي حقي الشبلي وعبدالله العزاوي وصادق الأزدي والمصور إمري سليم والمصور الراحل حازم باك والدكتور علي الوردي والشيخ جلال الحنفي .
غنّت عفيفة اسكندر أكثر من أربعين قصيدة من عيون الشعر العربي منها (نم . . نم وسادك صدري وطوع أمرك أمري) و (ياسكري ياعسلي) و (غبت عني فما الخبر؟)وغيرها الكثير.. ومن أغنياتها بالعامية المحكية (بعيونك عتاب) التي غنتها في العام 1957 وقام بتلحينها أحمد الخليل. غنت عفيفة ما يقرب من 1500 أغنية طوال مشوارها الفني.
توفيت في العام 2012, وقد طلبت في وصيتها أن تدفن في مقبرة الأرمن ببغداد.