السحب.. يعرّي نظرة المجتمع للأرملة!
محمود الغيطاني /
يحاول المخرج الإيطالي فرانشيسكو لوداديو تقديم قصة درامية اجتماعية عن أرملة وحيدة لا تدري كيف تستمر حياتها من بعد موت زوجها الذي تركها غارقة في الديون من خلال فيلمه السحب، لكن هل نجح المخرج في تقديم فيلم جاد ومُقنع يجعلنا نتعاطف مع ما تفعله هذه الأرملة التي يطمع فيها كل رجال البلدة التي تقطن فيها، لا سيما أثرياءها، وأصحاب النفوذ فيها؟
يبدأ المخرج فيلمه باتصال هاتفي يأتي منتصف الليل للزوجة الشابة الجميلة فرانشيسكا- قامت بدورها الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي- يخبرها بموت زوجها الذي يعمل في مجال سياحة الموانئ بسبب حادث تصادم على الطريق؛ الأمر الذي يجعلها تُسارع بالاتصال بمحامي الزوج سيزار- قام بدوره الممثل الإيطالي ماسيمو جيني- ويسرعان حيث مكان الحادث؛ لتجد سيارة زوجها مُحطمة على جانب الطريق بعد اصطدامه بشاحنة. تتجه الزوجة مع محاميها إلى المشرحة؛ للتعرف على جثة الزوج وتتأكد أنها تخصه بالفعل.
زوج غارق بالديون
يخبرها سيزار أن الزوج كان مديونا ببضع مئات من الملايين للبنوك وغيرهم ممن كانوا يعملون معه، وأن هذه الديون يتحمل مسؤوليتها الورثة – أي هي وابنتها- وأنها لا بد أن تعمل على تسديد الديون الغارق فيها زوجها؛ فتخبر سيزار أن تأمين الزوج من الممكن له سداد ديونه، لكنه يخبرها أن الزوج قد ألغى التأمين منذ فترة؛ لحاجته الشديدة للمال، فتفكر في بيع ممتلكاتها من أجل الوفاء بهذه المئات من الملايين، والاستمرار في الحياة هي وابنتها، لكنه يخبرها أن البيت الكبير الذي تعيش فيه لا يمكن لها التصرف فيه؛ لأنه مؤجر، وإن كانت تستطيع التصرف في محتوياته فقط، كما أن الكوخ الذي على الشاطئ مرهون لأحد البنوك؛ وبالتالي لا يمكن لها التصرف فيه، وأن كل ما يمكن لها بيعه هو اليخت وسيارتها فقط، إلا أن هذه الأشياء لا يمكن لها الوفاء بالديون الكبيرة.
تحاول فرانشيسكا جاهدة العمل في أي مجال من المجالات بعدما تبيع سيارتها واليخت الذي يشتريه المحامي منها بأقل مما يستحق، وتنجح بالفعل في العمل كبائعة ملابس لدى أحد أصدقاء زوجها، وحينما تراها صديقتاها كارلا – قامت بدورها الممثلة الإيطالية ساندرا كولودل- وسيرينا- قامت بدورها الممثلة الإيطالية إيلينا كانتاروني- في محل الملابس حينما تذهبان لشراء معطف من الفرو؛ تشعران بالحرج الشديد، إلا أنها تخبرهما أنه لا سبيل آخر لها من أجل الاستمرار في الحياة من دون هذا العمل، لكن صاحب العمل يحاول الاعتداء عليها؛ الأمر الذي يجعلها ترحل.
تسديد الديون
تفكر فرانشيسكا في بيع محتويات البيت الكبير الذي تسكنه، لكن صديقتيها تقترحان عليها البيع من خلال مزاد في البيت؛ الأمر الذي سيجعلها تربح بشكل أفضل؛ وبالفعل تجري مزادا تبيع من خلاله كل ما تمتلكه من تحف، ومصاغات، وملابس، وتشترك صديقتاها في المزاد لتشتريا ملابسها التي كن يطمعن فيها ويحسدنها عليها.
تشعر فرانشيسكا بالكثير من الحيرة في كيفية الاستمرار في حياتها، وتسديد ديون زوجها الكثيرة، ويترك لها أحد رجال السلطة في المدينة خبرا أنه يريد أن يلتقي بها، وبالفعل يذهب إلى بيتها ومعه عدد كبير من رجال الأمن، ويبدو الأمر كأنه يختطفها في فيلم من أفلام العصابات. يعرض عليها الرجل أن تكون شريكته في حياته، لكنها تسأله عن أمر زوجته وأولاده الثلاثة الذين يقطنون في روما، إلا أنه يخبرها بشعوره بالوحدة القاسية في هذه المدينة الصغيرة، وأن مهام الحكم أمر صعب وشاق، وهو يريدها أن تشاركه في كل شيء، كما يخبرها بأنه يعرف بشأن ديون زوجها ومشاكلها، ويعدها بأنه سيعمل على حلها، وسيخصص لها راتبا شهريا، وسيتكفل بمصاريف دراسة ابنتها، وإيجار بيتها، فضلا عن تصريح مرور خاص لسيارتها في أي مكان وأي وقت، وسيمنحها الكثير من الصلاحيات، لكنها رغم ذلك ترفض عرضه عليها.
خطة لتسديد الديون
حينما تجد فرانشيسكا نفسها في ورطة الديون بينما جميع رجال البلدة يرغبون فيها محاولين التودد إليها طمعا في جمالها اللافت تفكر في خطة تستطيع من خلالها تسديد كل ديونها، بل والادخار منها أيضا؛ فتُفاتح محاميها- الطامع في أنوثتها- في أنها ترغب في إجراء سحب ياناصيب “لوتاري” يستمر لمدة أربع سنوات، وعليه أن يُعد الأوراق لذلك مع وضع قوانين السحب، وهذا السحب لا بد أن يضم 20 مُشتركا على الأقل، وإلا لن يكون هناك أي سحب، كما أنه سيوفر لها 100 مليون في العام، أي أربعة ملايين في فترة الأربع سنوات، بالإضافة إلى مصروفاتها هي وابنتها وإيجار المنزل، وحينما يسألها عن جائزة السحب، تخبره أنها لا تمتلك سوى أنوثتها وجمالها، وبما أن جميع رجال البلدة يطمعون فيها؛ فستكون هي جائزة السحب لمن يفوز.
يشيع سيزار، بالفعل، الأمر في البلدة ويبدي الكثير من رجالاتها الرغبة في الاشتراك في السحب طمعا في الحصول على فرانشيسكا، ويحاول الحاكم، الراغب فيها، مقابلتها مرة أخرى، ويخبرها أنه يريد أن يفوز بها، لكن الأمر بالنسبة له يُشكل صعوبة كبيرة بسبب منصبه الحساس، كما أن الآخرين من منافسيه السياسيين إذا ما علموا باشتراكه في السحب للفوز بها؛ سيستغلون الفرصة ضده ويحاولون التنكيل به، لكنها لا تهتم به وتخبره بأنها ستعلمه بموعد فتح باب الاشتراك.
يصل بلاغ للنائب العام من مجهول بشأن السحب، وقائمة المشتركين فيه من رجالات القرية أصحاب المناصب السياسية الحساسة؛ فيتم تفتيش مكتب الحاكم ويجد النائب العام 19 شيكا؛ كل شيك منهم بمليون وكلهم باسم فرانشيسكا في صندوق أماناته الخاص في البنك، كما يفتش مكتبه ويحيله للتحقيق؛ مُخبرا إياه أنه سيواجه تهمتي الترويج للبغاء وتسهيل القمار، واليانصيب غير المُصرح به، كما يستدعي النائب العام فرانشيسكا للتحقيق.
يشعر معظم رجالات القرية من أصحاب المناصب الحساسة بالخطر على مستقبلهم بسبب التحقيقات، وحينما يسأل النائب العام فرانشيسكا عن علمها من عدمه بأمر السحب الذي سيؤدي بها إلى العديد من التُهم؛ تُبدي الكثير من الدهشة لتتساءل: وهل الأعمال الخيرية ممنوعة؟ هنا يسألها النائب: هل السحب يُعد عملا خيريا؟ تخبره فرانشيسكا أن جميع من اشتركوا في السحب هم أصدقاء لها ولزوجها، وحينما توفي زوجها تاركا لها الكثير من الديون، وعلموا بأنها لا تستطيع الاستمرار في الحياة بكرامة؛ رغبوا في مُساعدتها بشكل فيه الكثير من الكرامة؛ ومن ثم فكروا في هذا السحب الذي سيوفر لها الكثير من المال كي تحيا بكرامة هي وابنتها: لتجنب إذلالنا بفعل الصدقة؛ تم إنشاء السحب، وغرض السحب هو التأكد من إني أعيش بكرامة أنا وابنتي، وضمان دفع كل مصاريف دراسة ابنتي.
فيسألها النائب عن السبب في سرية هذا السحب ما دام عملا خيريا؛ فتخبره: حتى لا يجرح مشاعري أنا وابنتي؛ فالأمر مُؤثر جدا وحساس. هنا يسألها النائب: لكن كل سحب لا بد له من جائزة، فما هي الجائزة في هذه الحالة؟ فترد عليه ببراءة: ألا تعرف؟ ألم يخبرك سيزار؟ إنه يخته.
يقتنع النائب العام بما قالته فرانشيسكا، وهو الأمر الذي استطاعت من خلاله الاحتفاظ بكل أموال المُشاركين في السحب، بل والحصول على الـ19 شيكا المكتوبين باسمها؛ حيث أعطاهم لها القاضي، في حين تملصت من أن تكون هي جائزة السحب، أي إنها نجحت بخبث في الحصول على أموال الجميع في مُقابل الحفاظ على مناصبهم ومستقبلهم السياسي، بل والحصول على مليون كل عام بسبب السحب الذي سيستمر.
لكن النائب العام يتشكك في فرانشيسكا، ويتأكد أنها لم تقل الحقيقة، وأنها قد أنقذت الرجال جميعا مقابل أموالهم، بينما التزموا الصمت خوفا من الفضيحة، بل ويعرف أيضا أنها هي من تقدمت بالشكوى المجهولة ضد الحاكم وفضح كل شيء من أجل الحصول على المال بشكل خبيث والتملص من أن تكون هي الجائزة؛ لذلك يلحقها في المطار حينما تكون مسافرة ويسألها عن الشخص الذي قدم الشكوى له، لكنها تخبره ببراءة أنها لا تعلم عنه شيئا.
سيناريو سيئ
إن المُشاهد لفيلم “السحب” للمخرج الإيطالي فرانشيسكو لوداديو يتبين له أن المخرج كان لديه الرغبة في تقديم دراما اجتماعية توضح نظرة المُجتمع إلى أرملة وحيدة وجميلة وشابة، ومدى طمع الجميع فيها ورغبتهم في الحصول عليها، لكن ربما كان السيناريو المكتوب للفيلم – قام المخرج بكتابته – من الخفة التي جعلته مجرد فيلم مسلٍ لا يحمل فيه الكثير من العمق، أو محاولة الإيغال في الأمراض الاجتماعية في المجتمع الإيطالي التي قد تدفع بأفراده إلى مثل هذا السلوك؛ وبالتالي تلجأ المرأة إلى الخبث الشديد من أجل النجاح في التعامل معهم؛ لذلك تحول الفيلم إلى مجرد حكاية قد تميل به إلى السخرية من رجال المجتمع، والطرافة؛ لتصرف هذه الأرملة معهم، لكنه لم يحمل في أحداثه أي شكل فني مهم، أو حتى تفرد على مستوى السيناريو، أو المونتاج، أو التصوير، كما كان أداء مونيكا بيلوتشي وغيرها من الممثلين فيه من المسرحية الكثير الذي أفقد الفيلم أهميته وفنيته.
يبدأ المخرج فيلمه باتصال هاتفي يأتي منتصف الليل للزوجة الشابة الجميلة فرانشيسكا- قامت بدورها الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي- يخبرها بموت زوجها الذي يعمل في مجال سياحة الموانئ بسبب حادث تصادم على الطريق؛ الأمر الذي يجعلها تُسارع بالاتصال بمحامي الزوج سيزار- قام بدوره الممثل الإيطالي ماسيمو جيني- ويسرعان حيث مكان الحادث؛ لتجد سيارة زوجها مُحطمة على جانب الطريق بعد اصطدامه بشاحنة. تتجه الزوجة مع محاميها إلى المشرحة؛ للتعرف على جثة الزوج وتتأكد أنها تخصه بالفعل.
زوج غارق بالديون
يخبرها سيزار أن الزوج كان مديونا ببضع مئات من الملايين للبنوك وغيرهم ممن كانوا يعملون معه، وأن هذه الديون يتحمل مسؤوليتها الورثة – أي هي وابنتها- وأنها لا بد أن تعمل على تسديد الديون الغارق فيها زوجها؛ فتخبر سيزار أن تأمين الزوج من الممكن له سداد ديونه، لكنه يخبرها أن الزوج قد ألغى التأمين منذ فترة؛ لحاجته الشديدة للمال، فتفكر في بيع ممتلكاتها من أجل الوفاء بهذه المئات من الملايين، والاستمرار في الحياة هي وابنتها، لكنه يخبرها أن البيت الكبير الذي تعيش فيه لا يمكن لها التصرف فيه؛ لأنه مؤجر، وإن كانت تستطيع التصرف في محتوياته فقط، كما أن الكوخ الذي على الشاطئ مرهون لأحد البنوك؛ وبالتالي لا يمكن لها التصرف فيه، وأن كل ما يمكن لها بيعه هو اليخت وسيارتها فقط، إلا أن هذه الأشياء لا يمكن لها الوفاء بالديون الكبيرة.
تحاول فرانشيسكا جاهدة العمل في أي مجال من المجالات بعدما تبيع سيارتها واليخت الذي يشتريه المحامي منها بأقل مما يستحق، وتنجح بالفعل في العمل كبائعة ملابس لدى أحد أصدقاء زوجها، وحينما تراها صديقتاها كارلا – قامت بدورها الممثلة الإيطالية ساندرا كولودل- وسيرينا- قامت بدورها الممثلة الإيطالية إيلينا كانتاروني- في محل الملابس حينما تذهبان لشراء معطف من الفرو؛ تشعران بالحرج الشديد، إلا أنها تخبرهما أنه لا سبيل آخر لها من أجل الاستمرار في الحياة من دون هذا العمل، لكن صاحب العمل يحاول الاعتداء عليها؛ الأمر الذي يجعلها ترحل.
تسديد الديون
تفكر فرانشيسكا في بيع محتويات البيت الكبير الذي تسكنه، لكن صديقتيها تقترحان عليها البيع من خلال مزاد في البيت؛ الأمر الذي سيجعلها تربح بشكل أفضل؛ وبالفعل تجري مزادا تبيع من خلاله كل ما تمتلكه من تحف، ومصاغات، وملابس، وتشترك صديقتاها في المزاد لتشتريا ملابسها التي كن يطمعن فيها ويحسدنها عليها.
تشعر فرانشيسكا بالكثير من الحيرة في كيفية الاستمرار في حياتها، وتسديد ديون زوجها الكثيرة، ويترك لها أحد رجال السلطة في المدينة خبرا أنه يريد أن يلتقي بها، وبالفعل يذهب إلى بيتها ومعه عدد كبير من رجال الأمن، ويبدو الأمر كأنه يختطفها في فيلم من أفلام العصابات. يعرض عليها الرجل أن تكون شريكته في حياته، لكنها تسأله عن أمر زوجته وأولاده الثلاثة الذين يقطنون في روما، إلا أنه يخبرها بشعوره بالوحدة القاسية في هذه المدينة الصغيرة، وأن مهام الحكم أمر صعب وشاق، وهو يريدها أن تشاركه في كل شيء، كما يخبرها بأنه يعرف بشأن ديون زوجها ومشاكلها، ويعدها بأنه سيعمل على حلها، وسيخصص لها راتبا شهريا، وسيتكفل بمصاريف دراسة ابنتها، وإيجار بيتها، فضلا عن تصريح مرور خاص لسيارتها في أي مكان وأي وقت، وسيمنحها الكثير من الصلاحيات، لكنها رغم ذلك ترفض عرضه عليها.
خطة لتسديد الديون
حينما تجد فرانشيسكا نفسها في ورطة الديون بينما جميع رجال البلدة يرغبون فيها محاولين التودد إليها طمعا في جمالها اللافت تفكر في خطة تستطيع من خلالها تسديد كل ديونها، بل والادخار منها أيضا؛ فتُفاتح محاميها- الطامع في أنوثتها- في أنها ترغب في إجراء سحب ياناصيب “لوتاري” يستمر لمدة أربع سنوات، وعليه أن يُعد الأوراق لذلك مع وضع قوانين السحب، وهذا السحب لا بد أن يضم 20 مُشتركا على الأقل، وإلا لن يكون هناك أي سحب، كما أنه سيوفر لها 100 مليون في العام، أي أربعة ملايين في فترة الأربع سنوات، بالإضافة إلى مصروفاتها هي وابنتها وإيجار المنزل، وحينما يسألها عن جائزة السحب، تخبره أنها لا تمتلك سوى أنوثتها وجمالها، وبما أن جميع رجال البلدة يطمعون فيها؛ فستكون هي جائزة السحب لمن يفوز.
يشيع سيزار، بالفعل، الأمر في البلدة ويبدي الكثير من رجالاتها الرغبة في الاشتراك في السحب طمعا في الحصول على فرانشيسكا، ويحاول الحاكم، الراغب فيها، مقابلتها مرة أخرى، ويخبرها أنه يريد أن يفوز بها، لكن الأمر بالنسبة له يُشكل صعوبة كبيرة بسبب منصبه الحساس، كما أن الآخرين من منافسيه السياسيين إذا ما علموا باشتراكه في السحب للفوز بها؛ سيستغلون الفرصة ضده ويحاولون التنكيل به، لكنها لا تهتم به وتخبره بأنها ستعلمه بموعد فتح باب الاشتراك.
يصل بلاغ للنائب العام من مجهول بشأن السحب، وقائمة المشتركين فيه من رجالات القرية أصحاب المناصب السياسية الحساسة؛ فيتم تفتيش مكتب الحاكم ويجد النائب العام 19 شيكا؛ كل شيك منهم بمليون وكلهم باسم فرانشيسكا في صندوق أماناته الخاص في البنك، كما يفتش مكتبه ويحيله للتحقيق؛ مُخبرا إياه أنه سيواجه تهمتي الترويج للبغاء وتسهيل القمار، واليانصيب غير المُصرح به، كما يستدعي النائب العام فرانشيسكا للتحقيق.
يشعر معظم رجالات القرية من أصحاب المناصب الحساسة بالخطر على مستقبلهم بسبب التحقيقات، وحينما يسأل النائب العام فرانشيسكا عن علمها من عدمه بأمر السحب الذي سيؤدي بها إلى العديد من التُهم؛ تُبدي الكثير من الدهشة لتتساءل: وهل الأعمال الخيرية ممنوعة؟ هنا يسألها النائب: هل السحب يُعد عملا خيريا؟ تخبره فرانشيسكا أن جميع من اشتركوا في السحب هم أصدقاء لها ولزوجها، وحينما توفي زوجها تاركا لها الكثير من الديون، وعلموا بأنها لا تستطيع الاستمرار في الحياة بكرامة؛ رغبوا في مُساعدتها بشكل فيه الكثير من الكرامة؛ ومن ثم فكروا في هذا السحب الذي سيوفر لها الكثير من المال كي تحيا بكرامة هي وابنتها: لتجنب إذلالنا بفعل الصدقة؛ تم إنشاء السحب، وغرض السحب هو التأكد من إني أعيش بكرامة أنا وابنتي، وضمان دفع كل مصاريف دراسة ابنتي.
فيسألها النائب عن السبب في سرية هذا السحب ما دام عملا خيريا؛ فتخبره: حتى لا يجرح مشاعري أنا وابنتي؛ فالأمر مُؤثر جدا وحساس. هنا يسألها النائب: لكن كل سحب لا بد له من جائزة، فما هي الجائزة في هذه الحالة؟ فترد عليه ببراءة: ألا تعرف؟ ألم يخبرك سيزار؟ إنه يخته.
يقتنع النائب العام بما قالته فرانشيسكا، وهو الأمر الذي استطاعت من خلاله الاحتفاظ بكل أموال المُشاركين في السحب، بل والحصول على الـ19 شيكا المكتوبين باسمها؛ حيث أعطاهم لها القاضي، في حين تملصت من أن تكون هي جائزة السحب، أي إنها نجحت بخبث في الحصول على أموال الجميع في مُقابل الحفاظ على مناصبهم ومستقبلهم السياسي، بل والحصول على مليون كل عام بسبب السحب الذي سيستمر.
لكن النائب العام يتشكك في فرانشيسكا، ويتأكد أنها لم تقل الحقيقة، وأنها قد أنقذت الرجال جميعا مقابل أموالهم، بينما التزموا الصمت خوفا من الفضيحة، بل ويعرف أيضا أنها هي من تقدمت بالشكوى المجهولة ضد الحاكم وفضح كل شيء من أجل الحصول على المال بشكل خبيث والتملص من أن تكون هي الجائزة؛ لذلك يلحقها في المطار حينما تكون مسافرة ويسألها عن الشخص الذي قدم الشكوى له، لكنها تخبره ببراءة أنها لا تعلم عنه شيئا.
سيناريو سيئ
إن المُشاهد لفيلم “السحب” للمخرج الإيطالي فرانشيسكو لوداديو يتبين له أن المخرج كان لديه الرغبة في تقديم دراما اجتماعية توضح نظرة المُجتمع إلى أرملة وحيدة وجميلة وشابة، ومدى طمع الجميع فيها ورغبتهم في الحصول عليها، لكن ربما كان السيناريو المكتوب للفيلم – قام المخرج بكتابته – من الخفة التي جعلته مجرد فيلم مسلٍ لا يحمل فيه الكثير من العمق، أو محاولة الإيغال في الأمراض الاجتماعية في المجتمع الإيطالي التي قد تدفع بأفراده إلى مثل هذا السلوك؛ وبالتالي تلجأ المرأة إلى الخبث الشديد من أجل النجاح في التعامل معهم؛ لذلك تحول الفيلم إلى مجرد حكاية قد تميل به إلى السخرية من رجال المجتمع، والطرافة؛ لتصرف هذه الأرملة معهم، لكنه لم يحمل في أحداثه أي شكل فني مهم، أو حتى تفرد على مستوى السيناريو، أو المونتاج، أو التصوير، كما كان أداء مونيكا بيلوتشي وغيرها من الممثلين فيه من المسرحية الكثير الذي أفقد الفيلم أهميته وفنيته.