السينما الإيرانية.. كسرٌ للمألوف ونيلٌ للألوف

140

سنان باسم/

تبادر إلى ذهني سعي في الكتابة عن مشروع السينما الإيرانية في مراحلها العديدة، برغم أنه سعي مؤجل، لكني عزمت وتوكلت، والكلمات انسابت بلا توقف عن ظاهرة تجاورنا، لم نتأثر بها بل أثرت في أذهاننا. ويعود تاريخ الفن السابع –كصناعة- في إيران إلى العام 1900 من القرن الماضي، بعد إحضار الشاه الإيراني آنذاك آلة تصوير من أوروبا كانت تعد الأولى في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، لتفتتح بعد أربع سنوات أول صالة سينما، وعلى مدار القرن ونيف، مرت على السينما الإيرانية أسماء مخرجين أثروا بشكل واضح على مسيرتها، ونتاجهم بقي عالقاً في الوجدان، ومن أبرزهم (جعفر بناهي) و(علي حاتمي) و(عباس كيارستمي)، بالإضافة إلى (أصغر فرهادي)، كذلك إلى مخرجات وفنانات، منهن (سميرة مخملباف) و(منيغة حكمت) و(شيرين نشأت).
اللافت في الأمر أن صناعة السينما الإيرانية لم تتأثر بالمتغيرات السياسية، إلا ماندر، حتى في حالات الحروب والحصار، وإندلاع الثورة الإيرانية في العام 1979، بالإضافة إلى الحرب العراقية الإيرانية التي أنتج خلالها آنذاك فيلم مهم وهو (الراكض)، الذي أنتج في العام 1984، إذ جرى تصوير مشاهده بمواقع متعددة في مناطق قريبة من جبهات القتال المستعر، وربما يشمل الأمر المؤثر من الأفلام على مر تاريخ صناعتها، فقد أنتج المخرج المخضرم عباس كيارستمي فيلم (عن قرب)، بالإضافة إلى فيلم (اين دار الصديق)، كذلك (مذاق الكرز)، كما نذكر في القائمة ذات التأثير الكبير فيلم المخرج العالمي (أصغر فرهادي)، الذي حمل عنوان (انفصال).
لقد شقت الكثير من الأفلام الإيرانية طريقاً معبداً، لا يعرف الوعورة، نحو العالمية ومهرجاناتها، ومنها كان والبندقية والأوسكار وبرلين. وهذا ما حدث مع المخرجة الشابة (سميرة مخملباف) التي لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها في نهاية التسعينيات من القرن الماضي عندما قدمت فيلمها (التفاحة). بالإضافة إلى ما لحقها من نتاج مؤثر على يد المخرج (جعفر بناهي) مع فيلمه (الدائرة)، الذي شارك ببذرته المؤثرة في مهرجان البندقية الإيطالي. أما مرحلة فرهادي، فالتفرد فيها بات العنوان الأبرز مع الألفية الثالثة في فيلم (الانفصال)، بالإضافة إلى فيلم (البائع)، إذ نال جائزتي أوسكار في ظرف أربع سنوات من العام 2012 إلى 2016، وهنا نالت السينما الإيرانية الهيمنة في النتاج السينمائي حين عنونت لنفسها (فترة فرهادي الوردية) التي شملت نتاجات تتمثل بالنهايات المحيرة والتساؤلات التي تتعدد وفق عدد المشاهدين .
باحة من الراحة والبحث عن الغموض والجمالية في الحوار الواقعي، تنتجها السينما الإيرانية المؤثرة برغم مثالب الحصار المفروض منذ قرابة الأربعين عاماً، والمشاركة الواعدة في مختلف المهرجانات العالمية، والأكثر من ذلك هو نيل الجوائز القيمة، كما لايمكن تجاهل وفرة الأفلام والمسلسلات التاريخية التي تحكي عن التاريخ الإسلامي في مختلف العصور، مع فخامة التصوير والديكور، بالإضافة الى مكياج مذهل وملابس تحاكي ذات العصور التي تعكسها القصة في الفيلم أو المسلسل التاريخي، لتكسر مألوفاً اعتادته عيون المشاهدين في المنطقة الشرق أوسطية على مستوى الشاشة الفضية، لتكسب قلوب الألوف بانتظار مرفق بشغف واضح .