العراقي.. في السينما والدراما المصرية

937

سنان باسم/
طموح يلازم الممثل العراقي في الحصول على شهرة تدر عليه المعجبين والمال والحظوة لدى منتجي الافلام ، طموح لطالما تحول من السعي المكثف في فترات السيتينيات الى اعوام ما بعد الفين وثلاثة ، حتى الوصول الى العام الفين وعشرة مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي عبدت الطريق أمام نيل الشهرة بسعي أقل وحظوة أكبر ، مدججة بشيء من العلاقات باعتبارها امراً لابد منه من أجل التوسع الافقي المبتغى
الا أن الامر هنا يدفعنا الى التساؤل والبحث وهو كيف كان الممثل العراقي على مستوى منحه الدور الجيد من عدمه ، ولماذا فوت الفنان العراقي الفرصة على نفسه في فترات ماضية وعلى سلفه في فترات لاحقة المشاركة في افلام ومسلسلات مصرية رصينة .
من خلال المراجعة والاستذكار الشخصي والذي بني على ذاكرة مفعمة بالمواقف التي سجلت فيما يخص الفنان العراقي ومدى قوة مشاركته بالاضافة الى ذكر اسم العراق أو الشأن العراقي في اعمال الدراما التلفزيونية أو السينمائية ، فإن الامر هنا يدعوني الى التوقف عند عدد من النقاط والاعمال التي سوف أمرعليها من أجل تحليلها واشراك القارئ فيها، اذ خرجت بخلاصة تبين منها هل أن الفنان العراقي ارتضى التهميش أم ابتعد بملء ارادته عن زاوية ضيقة يشار لها بالتهميش عن لعب ادوار سطحية التعبير ومنحسرة الشهرة ، وفق معادلة غير عادلة .
مراحل الستينيات
يتبادر الى الذهن في بادئ الامر الفنان الراحل كنعان وصفي الذي لعب العديد من الادوار التي ظهر فيها ذا جسد ممتلئ جاهز للمشاجرة أو أن يكون في موضع حارس شخصي ربما وينتمي الى عصابة تحت امرة شخص ما ، وانحسر هذا الامر في تأدية تلك الادوار وباتت لصيقة به في أغلب المواضع التي مرت عليه ، وهو أمر لايعكس باطن هذا الفنان الراقي والعذب من خلال تمعنه بالموسيقى والفنون الاخرى ، وكأن الامر كان مكتوباً عليه بأن يعامل بهذا الشكل ،كما نذكر مشاركته في فليم ” الناصر صلاح الدين ” .
مرحلة مابعد احتلال الكويت
تبدأ حقبة بالغة الرمادية على العراقيين بعد الخروج من حرب مدمرة أكلت اخضرها ويابسها بلا رابح يذكر ، وما زلت أذكر مقطعاً واضح التأثير من خلال مسلسل ليالي الحلمية الجزء الخامس بالحلقة الحادية عشرة عبر زج مشهد للعمدة سليمان الغانم في تحليل حرب الخليج الثانية ، والتعامل مع تفاصيل دقيقة يذكرها عجوز مائل للخرف ، والغرض منها هو زج حوار يظهر تعبئة إجبارية في مسلسل مشاهد من قبل الملايين خلال الموسم الرمضاني ، وهو الامر الذي يؤدي الى تفاعل مع الحدث ونفور من العرب للعراقيين .

مابعد 2003 .. من هنا تبدأ الحكاية
فوجئنا في أول مسلسل تناول العراق ومابعد العام 2003 والاحتلال الاميركي ، حيث هروب المصريين من العراق ومنهم عباس الدميري الذي جسد دوره الفنان يحيى الفخراني في مسلسل عباس الابيض في اليوم الاسود ، انتاج عام الفين واربعة وتأليف السيناريست الكبير يوسف معاطي وسمير خفاجي واخراج نادر جلال ، حيث يظهر المسلسل عباس الدميري المصري الذي اضطرته الاوضاع الاقتصادية السيئة الى السفر كحال اقرانه الشباب في الشتات وهو مدرس لمادة التأريخ ويسافر الى العراق تاركاً خلفه زوجة واولاد ، لكن الصدمة تعتريه عند العودة في الاصطدام بالعديد من المواقف الاسرية والمجتمعية ، بعد ظنهم انه توفي لانقطاع اخباره بسبب ايداعه السجن ويعود بهوية اخرى غير التي عليها ليشاهد العجب ويضطر للعيش مع اسرته الجديدة ، ويظهر في الحلقة الثانية حوار مع رفيق السجن مرسي مصطفى ويروي بأنه وقف في الصف وسأل عدداً من الطلبة من هو مؤسس الدولة العباسية لتكون الاجابة على الفور ” الرئيس القائد الملهم صدام حسين ” ليعديها بمزاجه حسب قوله ، ليسأل بعدها من هو مؤسس الدولة الاموية ليرفع أحد الطلبة اصبعه بالاشارة الى معرفة الاجابة فقال له ذات الاجابة ، ليسأل سؤالاً ثالثاً في القول من هو الذي بنى حدائق بابل المعلقة من ثلاثة الاف عام ليجيب الصف الدراسي باجمعه وبقول واحد وهو الزعيم الملهم ، ليسخر من الطلبة ويعرج على أن الفراش دخل عليه بالاشارة بأن حديثه مسجل بالكامل ليقوم بالتملق للزعيم في اظهار دوره بتحرير عكا ودحر الهكسوس ، ليودع على اثرها السجن .
كما نمر على الصورة السلبية الاخرى وهو فلم الكباريه الذي تظهر فيه الفنانة هالة فاخر بدور امرأة عراقية تدخل بمالها الوافر الى الكباريه لتختار رجلاً سحرها ” خالد الصاوي ” لتقضي ليلتها الحمراء معه ، علماً أن المنتج أحمد السبكي قد طرح الدور على الفنانة العراقية نادية ، الا انها رفضته بشكل قاطع باعتباره مشوهاً لصورة المرأة العراقية ، ليقول لها بملء الفم ” انت مش وش نعمة ” .
ولاننسى بأن العديد من الاعمال تناولت العراقيين بشكل سلبي ومنها فلم ” اولاد العم ” وهو يتناول قصة اسرائيلي “شريف منير ” من أصل عراقي يستدرج زوجته المصرية المسلمة ” منى زكي الى تل ابيب مع بناتها وايهامهم بأن الامر سيكون طبيعياً ، بالاضافة الى مسلسل ” فرقة ناجي عطا الله ” للفنان عادل امام وهو يصور المجتمع العراقي المنفصل على نفسه واللاهث خلف الاختلافات والتقسيم بالاضافة الى فلم محمد عادل امام ” لص بغداد ” والامن الهش والقدرة على التسلل والسرقة بلا هم أو مصاعب .
خلاصة القول تكمن في التساؤل عن ماهية التسقيط والاستهداف للشخصية العراقية ، علماً أن العراق لطالما كانت أبوابه مشرعة للاخوة والاشقاء المصريين منذ نهاية السبعينيات مع توقيع اتفاقية ” كامب ديفيد ” ، واحتضان العراق للفنانين المصريين من كرم مطاوع وسهير المرشدي الذين كانوا رافضين للمعاهدة ، بالاضافة الى ضرورة اعتبار روح الاخوة والتعاضد المرجو في اعطاء الشخصية العراقية وحتى العربية جانباً من السمو والارتقاء .