الفنان المصري فتحي عبد الوهاب لـ(الشبكة):أواجه صعوبة في التخلص من الشخصيات التي أمثلها
حيدر النعيمي/
يتقمص شخصياته الى درجة أنه يظل يعيش معها مدة طويلة حتى بعد انتهاء أعماله. صاحب أداء مدهش، فهو كوميدي بارع ينتزع الضحكة من أفواه وقلوب مشاهديه، وممثل تراجيدي عميق يجعل المشاهدين يعيشون أحزانه ويتعاطفون مع قضيته.
يؤكد دائماً أنه لايتضايق من أشد النقد قسوة لأنه لن يكون أشد من نقده لنفسه.
فتحي عبد الوهاب الذي أدهش المشاهدين بسحر تمثيله منذ ان اخترق عالم الأضواء والشهرة حتى غدا في مقدمة الفنانين، التقته مجلة “الشبكة” وخاضت معه حواراً تناول جانباً من مسيرته الفنية :
تناقض
* تارة نشاهدك كوميدياً ساخراً، وتارة تفاجئنا بأدوار تراجيدية عميقة المضمون، كيف استطعت أن تقنع المشاهد بأدائك رغم كل هذا التفاوت في الأدوار ؟
– الموضوع مرتبط بصدق الممثل في التعاطي مع الشخصية التي يمثلها، وبالتالي يبدأ التخيل في داخله لكل تفاصيل الدور، كما أن الأمر منوط أيضاً بكتّاب السيناريو وحبكتهم في النص، فأنا أتخيل الحياة قبل الدور وأحياناً ما بعد الدور، وأسأل ما مصيره، وبالتالي مادمت صدقت بأداء الدور فهذا ينعكس بالتالي على تأثر المشاهد.
* هذا الجهد هل يضعفك كونه يأخذ طاقة كبيرة منك؟
– طبعاً، كلنا ممكن أن ننتحل شخصية ما، لكن أن تعيشها ذهنياً ونفسياً وبدنياً، فهذا شيء بمنتهى الصعوبة والقسوة وبذات الوقت بمنتهى المتعة ويصيبك بكثير من البهجة، الموضوع الأصعب هو أن تتخلص بسرعة من الشخصية بعد الانتهاء منها، ولكن ذلك يتطلب وقتاً وإلا ستجلس يوماً ما أمام المرآة للتعرف على نفسك لكونك ستستسلم وقد تدمر حياتك الإنسانية.
* هل تقسو في نقدك لنفسك؟
– أنا أقسى ناقد على نفسي ولا أرحمها أبداً، هنالك أشخاص إذا كتب عنهم النقد ممكن يزعلوا ويتضايقوا، أما أنا فلا يفرق معي بشيء، وهذا ليس من باب التعالي، لكن مهما كانت قسوة النقد فهي أرحم من نقدي لنفسي .
كباريه
* شكلت شخصيتك في فيلم “كباريه” وما أحدثه هذا الفيلم من ضجة في مضمون رسالته أنه جعل المشاهد الذي كرهك بشدة يتعاطف معك في نهاية الفيلم، كيف تعلق، وهل كان الفيلم يتنبأ بما حدث في الدول العربية بعدها ؟
– الموضوع ليس تنبؤاً، بل أن المقدمات الواضحة تقود الى نتائج أوضح، فإذا مددت الخطوط على استقامتها بالنسبة لأي إرهاص على مستوى الواقع سيفضي الى ما وصلنا إليه، لأن الفكرة الأساسية هي أني لا أختلف معك في أي شيء إلا الشيء الوحيد الذي ليس من حقي أن أختلف عليه وليست لي علاقة به أصلاً.
لا أتفق ولا أختلف ولا أسأل ولا من حقنا حتى أنا وأنت، كل بشر لديه كيفية في التعامل مع الآخر بعيداً عن العقيدة وعلاقتك بالخالق، فهذا عمل خاص بك حتى ان كنت لاتؤمن بأي شيء ولو كنت كائناً فضائياً.
إن توصلنا لهذه القناعة أتعبنا كثيراً وهذه رواسب كثيرة بحكم النشأة في البيوتات العربية، فالتربية ليست لها علاقة بالأهل بل بالموروث الشعبي، إنه في ثوابت لايمكن الاقتراب منها.
* كم “كباريه” يوجد الآن في الدول العربية؟
– “صمت”… في كل حارة وزقاق وشارع … “ربنا يستر”.
حدث في مصر
* حدثت في مصر انعطافة تأريخية أثرت فينا جميعاً، ماذا تعني لك شخصياً ؟
– أنا أرى أنها بقدر ما، في يوم من الأيام في “يناير”، شاهدت أنبل وأجمل وأبهى صورة من المصريين بقدر ما تحول هذا الحلم الجميل الى كابوس نعاني منه حتى اليوم.
* كيف ترى المقبل؟
– أنا بطبعي غير متفائل أصلاً ولكني كما يقولون “متشائل”، فقد يكون ما يحدث خيراً، لكني لا أشك أنه مرتبط بشكل ما بالتأريخ وببدايات القرون، الناس تغلي ولا تعرف لماذا، ولكن لتعرف بالمحصله النهائية ما الذي سيحصل وهل سنشهدها أم لا، الله أعلم.
نحن كنا نعيش في وهم وفجأة في خلال عشر سنوات كل ذلك تهدم فوق رؤوسنا ولم يتبق أي شيء تربينا عليه وعلى معانيه، لاسيما القيم والمعاني التي هتف بها الإعلام وصدحت بها الحناجر ورددها الزعماء والقادة الملهمون الذين كانوا طوال الوقت يبثون حماسهم وأفكارهم، كل هذا في الأخير صار لاشيء.
كلكامش
* الطيبة والبكاء، هل يجتمعان فيك؟
– يجتمعان مع أي كائن ينبض قلبه، لأن في الحياة آلاماً أنت أضعف من تحملها ، ولكن الآن الاستيعاب أصبح أكبر بسب الكوارث التي تحصل حولنا.
* ماذا تعرف عن بغداد بالتحديد، ماذا عنها في ذاكرتك؟
– بغداد في وجدان أي عربي، فهي الحضارة والتأريخ والتنوير والتي أضاءت ما حولها، فمثلما في مصر الفراعنه في العراق بابل وكلكامش وأنا متلهف لزيارة بغداد متى ما توفرت الدعوة.