الفنان شمم الحسن: الدراما في العراق مازالت كلاسيكية!

248

حوار: محسن إبراهيم /

طرق أبواب الدراما العربية من خلال رحلة مهمة وصعبة في حياته، حاول أن يؤسس له اسماً ومكاناً، اجتهد في التعلم وكسب الخبرة والاطلاع على تجارب الآخرين، اشترك في الدراما السورية، ليتجه بعدها الى الدراما المصرية، فشارك في مسلسلات عدة مع كبار الفن المصري، منها (سكن البنات) مع وفاء عامر و(كفر دلهاب) مع محمد رياض وهادي الجيار و(هجمة مرتدة) مع أحمد عز وهند صبري و(قوت القلوب) مع ماجدة زكي.
الفنان شمم الحسن حل ضيفاً على مجلة “الشبكة العراقية” فكان معه هذا الحوار:
* من العراق إلى سوريا ثم إلى مصر.. حدثنا عن هذه الرحلة؟
– رحلة مهمة جداً في حياتي، بنيت من خلالها اسم شمم الحسن بشكل صحيح, كانت رحلة صعبة جداً، لكنها ممتعة في نفس الوقت, إذ مررت خلال هذه الرحلة بتحولات كبيرة في حياتي، واجهت فيها صعوبات ضخمة، ولاسيما في طور تأسيس اسم لي، ومن الصفر. تخرجت في كلية الفنون الجميلة وعملت في مجال المسرح، وقررت بعدها السفر, الهدف هو الانتشار الأوسع وتجاوز المحلية، وهنا تكمن صعوبة تلك الرحلة, في السنوات الأولى لم أستطع أن أقدم شيئاً، بعدها كانت البداية بمسرحية في سوريا، ومنها انطلقت الى عالم التلفزيون.
* قررت العيش في الغربة.. هل اتخذت القرار لتطوير مسيرتك الفنية؟
– حتى أطور ما اكتسبته من الدراسة، الكل يعرف أن الاتجاه العملي يختلف كثيراً عن الاتجاه النظري، ولاسيما أن دراستي كانت متخصصة في المسرح, الهدف الأساسي من الغربة هو التأسيس أولاً للتعامل مع الوسط الفني والاطلاع على تجارب الآخرين، أما النقطة الأخرى فكانت الانتشار الفني، ولاسيما أن الدراما السورية التاريخية –الفنتازية- كانت في أوج ألقها مثل مسلسل (الكواسر والجوارح)، لانتقل بعدها في العام 2006 للعمل في الدراما العراقية.
* من بين كل الأعمال، ثمة عمل يقدم الفنان إلى الجمهور، ما هذا العمل؟
– أول عمل عراقي عرفني على الجمهور هو مسلسل (الباشا) من إخراج فارس طعمة، وجسدت فيه شخصية صباح نوري السعيد, هذا العمل جعل المشاهد العراقي يتعرف على شمم الحسن، إذ أن الشخصية التي أديتها كانت شخصية مهمة ذات مساحة جيدة، برغم أني اشتركت في أكثر من عمل قبل هذا المسلسل، لكنها لم تكن أدواراً حقيقية بمساحات جيدة لكي يتعرف عليك المشاهد بشكل جيد, (الباشا) كان البداية الحقيقية لشمم الحسن مع الجمهور.
* تتمتع بقدرتك على تقديم لهجات مختلفة.. من أين اكتسبت هذه القدرة؟
– هي كانت مصادفة، فلم أكن أعرف أني أستطيع أن أتكلم بأكثر من لهجة، لكني بحكم معيشتي في سوريا، وبعد سنتين، حين بدأت أتحرك في الشارع وأتعامل مع من حولي، لم يقتنع السوريون بأني عراقي، اكتشفت حينها إتقاني اللهجة السورية. كذلك كان الحال في لبنان، حين أحسست بأن لدي القدرة على التحدث بلهجة البلد الذي أسافر إليه وبسهولة. أما في مصر فأعتقد أن هناك خزيناً من اللهجة المصرية من خلال متابعتي للمسلسلات والأفلام المصرية، لا أعرف هل هي قدرة أم أنك تجتهد كي تتقن لهجات عدة لكونك فناناً.
* “الدراما العراقية عاجزة”.. تصريح سابق لك، إذن ما الذي تحتاجه هذه الدراما لتنافس مثيلاتها؟
– تحدثت عن هذا الموضوع كثيراً, سؤالك سيجبرني على أن أجيب بقسوة عن: ما الذي ينقص الدراما العراقية للمنافسة؟ أقول لك إن من الصعب المنافسة، ممكن أن تواكب الآخرين لكن أن تنافس فذلك صعب جداً, الدراما العراقية ينقصها الكثير من أول حرف يكتب في النص الى آخر لحظة في المونتاج، الضعف واضح في طريقة كتابة النص، فضلاً عن ضعف عملية الإخراج، ولكي لا أكون مجحفاً، فإن هناك بعض المخرجين الذين من الممكن أن يواكبوا الدراما العربية. هناك مشاكل أخرى في التمثيل والإنتاج والتسويق، بل يتعدى الأمر حتى الى طريقة عرض العمل على القنوات العراقية, أعتقد أن العمل الفني هو صناعة، ويتطلب أموراً عدة، منها: متى تكتب؟ ومتى تعرض العمل في العراق؟ فنحن مازلنا نتبع الطريقة الكلاسيكية في جميع مراحل العمل نصاً وتمثيلاً وإخراجاً.
* التمثيل هو تعايش وتجسيد لشخصيات أخرى.. ألم يعتريك الخوف وأنت تجسد شخصية أبي بكر البغدادي؟
– المصادفة الغريبة أن شخصية أبي بكر البغدادي كنت قد جسدتها مرتين في أعمال درامية سابقة: (سهام مارقة) و (العائدون)، وللمصادفة أيضاً عرض علي نص مسلسل (الاختيار) الجزء الثاني لأجسد الشخصية ذاتها لكني رفضت, إلا أن المخرج نادر جلال -وبعد جلسات طويلة- أقنعني بتجسيدها مرة أخرى وبشكل مختلف, حاولت أن أشتغل مع نفسي لأكون مختلفاً عن الأدوار السابقة, وبالنسبة للشخصيات التي أجسدها دائماً ما يكون التأثير نفسياً ولفترة مؤقتة، ودائماً الشخصيات المتوترة والمجرمة تجعلني متوتراً بعد التصوير، لذا أحاول قدر الإمكان أن أخرج من أجواء هذه الشخصيات.
* ما العمل الأقرب الى شمم الحسن.. وما الشخصية التي تتمنى أن تلعبها؟
– بصراحة أنني ربما أختلف عن الكثير من الممثلين، فجميع أعمالي، ما نجح منها وما فشل، هي قريبة إلى قلبي، في نهاية الأمر هو مجهود قدمته، وربما يكون سبب فشل العمل ضمن أسباب أخرى، أو ربما أنه لم يلقَ نجاحاً واسعاً. جميع الأدوار أخذت مني جهداً وبحثاً وتفكيراً وقراءة، لذلك لا أستطيع أن أبعد عملاً عن آخر. أما الأدوار التي أتمنى أن أجسدها فهي كثيرة، وسقف الطموح مفتوح، والشخصيات واسعة في الحياة، ومن الممكن أن أجسد أية شخصية، ربما كنت في السابق أحدد الشخصيات، لكن الآن اختلف التفكير وتوسع كثيراً, لذلك لا يمكن ان أحدد شخصية ما.
* هل كنت تتوقع حب الجمهور والترحاب بك؟
– أعتقد أن حب الجمهور هو هبة من رب العالمين, الحب يكمن داخل الإنسان، لا يمكن التحكم به، ولكن هو قبول من الله أن يجعل الجمهور يكن لك الحب, أما عن الترحاب فإن من الطبيعي جداً أن بعض الجمهور قد لا يرحب بي في يوم ما بسبب دور معين او لسبب آخر، مثل بعض الجمهور الذي يعتب ويزعل ويتساءل لماذا أقدم أعمالاً بلهجات أخرى ولا أقدم عملاً بلهجة عراقية, هذا الأمر أعتبره عدم ترحاب بي كممثل، وهذه القضية تقلقني كثيراً, لكن هذا هو الواقع المعاش، أنا الآن اعمل في الدراما المصرية، ويجب أن أعمل بلهجة أخرى، وهذه هي مهنة الممثل، فضلاً عن الأداء والإحساس, وبرغم ذلك فإن هناك الكثير من الجمهور ممن يساندني ويكن لي ولأعمالي كل الحب والاحترام.
* أنت قريب من صنّاع السينما في مصر.. متى سنشاهدك في دور مهم؟
– بالنسبة للدور المهم لي -ولكل صنّاع السينما- هو ليس بكثرة المشاهد, ربما هناك خمسة مشاهد، أكثر أو أقل، تكون مهمة ويرتكز عليها العمل ككل, خذ على سبيل المثال الفنان خالد الصاوي في فيلم (عمارة يعقوبيان)، لم يكن دوراً رئيساً، لكنه ترك بصمة واضحة لدى المشاهد. أنا أقدم الدور بكل ما أمتلك من طاقة، وحين يظهر للجمهور هنا سيكون ذلك مهماً ويترك بصمة. النقطة الأخرى هي أن السينما هي صناعة، فضلاً عن أنها عملية تجارية، وأعتقد أني لم أصل في مصر الى مرحلة أن أحقق أرباحاً للشركة المنتجة، وفي النهاية فإن المنتج، إضافة الى الجانب الفني، يبحث أيضاً عن الجانب التجاري والربحي، لذلك فإن البحث عن النجم الأول هو هاجس كل منتج كي يحقق الفيلم إيرادات في شباك التذاكر.