الفنان علي جمال: أكافح النسيان والموت بالدبابيس

887

ذوالفقار يوسف /

فتى غمس أنامله المتألقة في نهر الإبداع، وسخّر فائض قواه في خدمة الفن، دخل أحد أديرة التميز ليخرج منه كاهناً ذهبياً يرتدي زي الابتكار، لم يخش شيئاً من تلك العقبات المتطرفة التي واجهها في مسيره نحو القمم، وقد ربط نفسه بحبال الممكن، هو ذلك الفلاح الأول الذي استبدل سنابله ليغرس بدلها دبابيسه الملونة، علي جمال..
صانع الجمال في أروقة مجلة “الشبكة العراقية” في حوار خاص:
*متى تهيأتَ للخوض في هذا الكون الجميل من الفن؟ وما أول أسباب الإبداع؟
– فكرة الأفكار بدأت بسؤال “ماذا لو مات علي جمال؟؟” فقد كنت خائفاً جداً من الموت، ليس الموت المادي، ففي النهاية كل إنسان يفنى ويموت، لكني كنت خائفاً من الموت المعنوي، من النسيان، من الاندثار، وفكرت في طريقة للخلود، حتى وجدت الإجابة في مقولة للإمام علي (عليه السلام)، إذ يقول ما معناه: إذا أردت أن تحيا بعد موتك فافعل شيئاً من اثنين، إما أن تكتب شيئاً يستحق أن يُقرأ، أو أن تفعل شيئاً يستحق أن يُكتب عنه”، ومن هنا كانت الانطلاقة في محاولة تكوين وخلق أفكار، وهذه الانطلاقة هي التي ساعدتني في عملية صنع الجمال.
*هل تستطيع الأنامل أن تبعث المستقبل عبر الموهبة؟ كيف استطعت خلق هذا الجمال؟
– الجمال يختبئ في كل شيء، عليك فقط أن تتعلم كيف تكتشفه وتلاحظه، ولكي تكون صانعاً للجمال، يجب أن تنظر إلى جوهر الأشياء بهذه الطريقة، وستصنع الأعاجيب.
*الدبابيس كائنات مخيفة للأجساد، ما رؤيتك عندما وظفتها فنياً؟
– للفن قدرة على تصوير الوجه الآخر للأجسام المخيفة، وتحويلها من شكل مخيف غير ذي قيمة فنية الى شكل مميز ولافت وفريد.
*الإلهام هو ملك الحواس للابتكار، فما الذي يلهم علي جمال؟
– جمال خلق الخالق، جمال التفاصيل، جمال الموسيقى، جمال الفن هو ما يلهمني.
* لكل لوحة او نموذج تصنعه تركيب وتنظيم معقد، ما أدواتك التي تصنع بها هذا التركيز؟
– الأدوات الأساسية لي هي تلك الفكرة والصبر والمثابرة، فليس بالضرورة أن تمتلك أدوات فخمة لتنتج فناً فخماً، إذ أن من عوامل الإبداع البساطة وجمالية التكوين والتركيب، وأدواتي موجودة ومتوفرة في كل منزل.
*قيل إنك تمزج موهبتك بدراستك الأكاديمية، كيف ترى العلاقة بينهما؟
– باعتقادي أن دراستي في الهندسة إضافة كبيرة في تكوين أفكاري وترتيبها وهندستها، وصناعة خطة العمل تأتي في الغالب بعد مرحلة تكوين الفكرة.
* لتحرّر كل ما في جعبتك من جمال، لابد من أن تتطلع الى كل ماهو مميز، ما الذي يجتذب تطلعاتك؟
– التغذية البصرية ومتابعة الفنون المعاصرة والمبتكرة، مستعيناً ببرامج التواصل الاجتماعي، التي فتحت نافذة على جميع الفنون لتكوين وتركيب الأفكار وطرحها للمتلقي والجمهور بدون تكلفة.
* هل لديك مشاركات في المهرجانات والفعاليات الفنية؟
– لدي مشاركات في مهرجانات أهمها مهرجان (tedex) في بغداد، ومهرجان بغداد دار السلام، ومهرجان يوم الجامعة، فضلاً عن لقاءات تلفزيونية في الشرقية وقناتي دجلة والعربي، وتقرير في قناة التغيير، بالإضافة الى دعوات مؤجلة.
*لكل موهبة إمكانياتها والظروف التي تخدمها لتتطور، ماهي تلك الظروف؟ وما هي الحواجز التي واجهتك في مسيرة الإبداع؟
– واجهتني بعض العراقيل قبل عملية تكوين الأعمال وأثناءها، إلا أنني أصنع خطة بديلة على الدوام، لهذا فإن كل أعمالي دائماً تكون مصحوبة بالخطة “ب”.
*حدثنا عن أعمالك، وما الذي تستطيع أن تطوره فيها إذا سنحت لك الفرصة؟
– لم تقتصر أعمالي على لوحات الدبابيس فقط، بل عملت لوحة مبتكرة من الشريط اللاصق الكهربائي (التيب الملون)، ولوحة من قطع الفلّين الملون، وإذا سنحت لي الفرصة، إن شاء الله، ساحأول أن أعمل لوحة كبيرة من الدبابيس، مكوّنة من مليون دبوس وسأعمل لوحات بتقنيات جديدة مبتكرة.
*الدعم المعنوي والمادي هو حافز للاستمرار، فمن الذي يدعمك؟
– أكيد الداعم الأول لي هي عائلتي، والمقربون الذين وثقوا بقدراتي وشجعوني وحثّوني على الاستمرار، فضلاً عن الأصدقاء وكثير من المتابعين والمشاهدين على صفحات التواصل الاجتماعي، الذين دائماً ما يثنون على أعمالي ويبدون إعجابهم بها، وهذا ما جعلني أتطلع إلى الأفضل.
*يسعى المبدع إلى التميز والفرادة، فما الذي تريد أن تكونه؟
– أحاول أن أكون شخصية علي جمال المستقبلية: علي المميز، علي المبدع الفريد الذي يصل صدى أعماله الى أماكن بعيدة، علي الذي يكون قدوة يحتذى بها، علي الإنسان الذي يموت ولا يموت أثره.