الفنّانة الكبيرة “منى واصف” في حوار حصري لـ (الشبكة): حلمي أن أجسِّد دور (أنديرا غاندي)

984

أحمد سميسم/

وجهها مثل الذاكرة، يجمع بين تقاسيمه أحداثاً وقصصاً كثيرة، بعضها مكشوف للناس والبعض الآخر لم يعلن بعد، في داخلها بركان من الحنين وتخفي عيناها نهراً من الدمع، لكنها تحبسه أحياناً لقوة شخصيتها وكبريائها في الوقت ذاته. هي امرأة ولدت في غمرة الياسمين الشامي وتربّت وسط أسرة مُحبة للفن والأدب، لُقبت بنجمة العالم العربي وحفرت في ذاكرة المشاهد العربي تلك الأدوارالفنية الخالدة التي قدمتها في السينما والتلفزيون على مدى عقود من الزمان، فنّانة متصالحة مع نفسها ومع الآخرين ومُحبة للحياة رغم وحدتها.
الفنانة الكبيرة “منى واصف” التقتها (مجلة الشبكة) في أول حوار حصري لها لوسيلة إعلام عراقية اثناء زيارتها القصيرة الى بغداد ففتحت قلبها لنا في هذا الحوار :
* كيف رأيتِ بغداد في زيارتك الثانية لها منذ عام 1978؟
– لا أتذكر التفاصيل الدقيقة لمعالم بغداد عند زيارتي لها عام 1978 بسبب الزمن الطويل الذي مرّ، لكنني أذكر أنني ذهبت حينها بزيارة الى محافظتي النجف وكربلاء، لكن اليوم عند زيارتي الى بغداد من خلال الدعوة الموجهة لي من إدارة مهرجان (أوتنابشتم) الدولي للابداع في دورته الأولى شعرت بجمال المدينة، وأكثر شيء لفت نظري حينها وأنا متوجهة من المطار الى الفندق هوالنخيل العراقي الباسق المنتشر على جانبي الطريق بشكل جذاب وأنيق، فضلاً عن التكريم الراقي الذي قوبلت به.
* من الشخصية التي التقيتِها في بغداد بعد فراق طويل؟
– كانت أجمل من التقيت به في بغداد هي صديقتي الفنانة العزيزة فاطمة الربيعي، التقيتها وتجاذبنا الحديث معاً بحميمية كبيرة وبشوق عالٍ.
* أنتِ من أم مسيحية وأب مسلم، ماذا منحك هذا التنوع المذهبي في أسرتك؟
– منحني الحرية الشخصية في الحياة والمعتقدات وشعرت بأني منفتحة على العالم بشكل واسع.
* كانت بداياتك الفنية من محطة عروض الأزياء، كيف اقتحمتِ عالم التمثيل؟
– قبل أن أدخل مجال عروض الأزياء كنت بائعة في محل لبيع الأزياء النسائية في سوريا، بعدها عملت في مجال عروض الأزياء ودخلت في فرقة (أميّة) للدبكة الشعبية، من ثم دخلت المسرح العسكري وكان عمري حينها 18 عاماً لتتوالى العروض الفنية من راقصة شعبية فولكلورية تراثية الى أن رشحت الى أول عمل مسرحي من قبل مدير المسرح حينها “محمد شاهين” لبطولة عمل مسرحي، وكان القدر أن يصبح محمد شاهين فيما بعد زوجي عندما تقدم لخطبتي عام 1963.
* دوركِ في فيلم (الرسالة) بشخصية (هند بنت عتبة)، هذا الدور الكبير طالما أعجب الملايين من الناس، كيف وقع الاختيار عليك في أداء الشخصية؟ وهل العمل يعتبر مفتاح شهرتك عالمياً؟ حدثيني؟
– كان ترشيحي للعمل في فيلم “الرسالة” بدور (هند) من قبل المخرج الكبير الراحل مصطفى العقاد، الذي كان يبحث حينها عن امرأة ذات ملامح عربية أصيلة وقاسية لكي تتلاءم مع الشخصية، وعلى مايبدو كانت تلك المواصفات متوفرة بي، فاختارني الفنان الكبير الراحل “عبد الله غيث” الذي جسّد دور (الحمزة) في الفيلم، عندما كان حاضراً وقتها وانا أؤدي دوري المسرحي من على خشبة المسرح في مسرحية (الملكة الجليلة)، عندها اختارني لفلم “الرسالة” ليبدأ تصوير الفيلم من عام 1973 الى عام 1975، وباعتقادي لولا عملي في المسرح لما رشحت في “الرسالة”، اما بخصوص العمل، نعم، يعدّ مفتاح شهرتي عالمياً وعربياً وأضاف لي الكثير وجعلني أشعر بالثقة في النفس بشكل كبير، ما جعلني أخوض في تجسيد أية شخصية سواء في الدراما او في السينما بثقة عالية دون تردد او خوف، لذا عملت بعد الرسالة مسلسل (أسعد الوراق) الذي كان دوري فيه لا ينسى بشهادة من شاهدوا المسلسل.
* ما الشخصية التي تسعى الفنانة منى واصف إلى تجسيدها بعمل فني؟
– حلمي الوحيد أن أجسِّد حياة شخصية رئيسة وزراء الهند الراحلة ( أنديرا غاندي) في عمل فني، هذه المرأة استطاعت أن تحكم بلداً متناقضاً، وكانت حادثة قتلها تحوي أحداثاً تراجيدية شكسبيرية، لذا لدي هوس في تجسيد مثل هذه الشخصيات.
* ما الشيء الذي يخيفك بشكل كبير؟
– الشيء الوحيد الذي يخيفني هو المرض.
* لو عرض عليك تجسيد قصة حياتك في عمل درامي.. من ترشحين لدور منى واصف؟
– لكل مرحلة من حياتي أرشح فنانة معينة، بمعنى عندما كان عمري عشرين عاماً لابد أن تلعب فنانة هذا الدور، وهكذا حسب المراحل العمرية، لكن ممكن أن تجسد دور منى واصف بعمر الأربعين عاماً الفنانة “مرح جبر” ابنة شقيقتي.
* عرضت عليك كتابة مذكراتك لكنك رفضتِ لماذا؟
– هذا صحيح، رفضت كتابة مذكراتي لأني امرأة انظر الى الأمام دائماً ولا أعود الى الماضي ولا أحب أن أكتب وقائع عشتها، ومن يرغب أن يعرف عن حياة منى واصف بالإمكان الدخول الى موقع (كوكل)، فيه الكثير عن أشياء تخصني.
* هل هناك عمل عراقي فني بقي عالقاً في ذاكرتك؟
– نعم، أعجبتني كثيراً المسرحية العراقية (السيد بونتيلا وتابعه ماتي) للكاتب الألماني المعروف “برتولت بريخت” من إعداد “صادق الصائغ” وإخراج الراحل “إبراهيم جلال” التي عرضت في مهرجان دمشق المسرحي الدولي.. كان عرضاً مسرحياً مذهلاً.
* كيف رأيت المارثون الدرامي العربي في رمضان 2019؟
– هنالك أعمال جيدة جداً ومشرّفة وأخرى عادية مستهلكة، بالنسبة لي أعجبني مسلسل (عندما تشيخ الذئاب)، ومسلسل ( مسافة أمان)، ومسلسل ( دقيقة صمت).
* منَ من الفنانين العراقيين يجذبك أداؤه؟
– من النساء تعجبني الفنانة فاطمة الربيعي، والفنانة شذى سالم، والفنانة هناء محمد، وصديقتي الرائعة سعدية الزيدي، أما من الفنانين الرجال الفنان القدير سامي عبد الحميد، والفنان الراحل يوسف العاني، والفنان سامي قفطان.
* هل هناك دور ما لأحد الفنانين تمنيتِ لو أنك قمت بتأديته؟
– نعم حصل ذلك، تمنيت لو أني قمت بتأدية شخصية (شجرة الدر) التي قامت بتجسيدها الفنانة نضال الأشقر.
* لو يرجع الزمن بك الى الوراء، هل ستختارين الفن ام أن هناك مجالاً آخر؟
– لا تقل لو يرجع الزمن بل لو كانت هناك حياة ثانية كوني امرأة حالمة وأعيش أحلام اليقظة سأختار مهنتين فإما أن أكون “ملكة” في أساطير الأمازون! أو “كاتبة” معروفة على مستوى العالم.
* ما الذي يزعجك؟
– جرح الأوطان هو من يزعجني، وأيضاً غربة أبني “عمار” تجرحني كثيراً وغربة الشباب والحروب التي عانت منها المنطقة العربية.