الكاتب المسرحي والتلفزيوني فاروق محمد يفتح قلبه لـ “الشبكة”: الفنان العراقي بلا حماية مادية ومعنوية!

1٬265

عبد الجبار العتابي/

 يعيش الكاتب المسرحي والدرامي فاروق محمد في عزلة بعيداً عن الأوساط الفنية، بعد أن أمضى أكثر من أربعين عاماً في الكتابة الى المسرح والسينما والتلفزيون.

ويعد فاروق واحداً من أفضل كتّاب الدراما والمسرح، لكنه يشعر بتجاهل المسؤولين له مع أنه مازال قادراً على العطاء والإنتاج.
“الشبكة” التقت الكاتب الكبير فاروق محمد فكان هذا الحوار بعد نحو 8 سنوات من الصمت…

عزلة أم غياب؟

* هل تعيش عزلة أم غياباً متعمداً؟

– ليست عزلة، بقدر ما هو إهمال ونسيان، لكنني متواصل مع نفسي، على الأقل، سبق لي أن قدمت ثلاث مسرحيات الى دائرة السينما والمسرح قبل سنتين، وكتبت روايتين ولا أعرف كيف انشرهما، الأولى عنوانها (تلك الحياة) فيها أشياء كثيرة من حياتي ومذكراتي، والثانية عنوانها (بنت الفحّام)، وهذه تعتمد الخرافة والأساطير مثل رحلات السندباد وغيرها، فأنا أحب هذه الأجواء، علماً بأننا عندما كنا صغاراً كانت العجائز تحكي لنا عن ذلك، وبهذه الكتابات أجدني متواصلاً مع نفسي.

* النسيان والإهمال .. من أين؟

– هناك شيء اسمه دائرة السينما والمسرح، وعندما يأتون بأي أحد ويجعلونه مسؤولاً كالمدير العام مثلاً أو مدير المسارح، فمن واجباتهم متابعة أمور الناس العاملين معهم، فأنا عندما أقدم ثلاث مسرحيات ولا يتصل بي أحد وأغيب سنتين ولا يسأل عني أحد، فهذا هو الإهمال، وهذا هو النسيان.

* هل أن أهل المسرح والمسؤولين فقط هم من تناسوك أم الوسط الفني؟

– عندما انقطعت لم أجد أحداً يسأل عني ولو باتصال هاتفي، ثم أن الفنان العراقي من دون حماية، لا مادية ولا معنوية، وهذا أحد أسباب الإهمال، فالكثير من الفنانين مرضوا وماتوا ولفّهم النسيان، ولكن الغريب أن المسؤولين ما أن يظهروا على شاشات التلفزيونات حتى يقومون بالتباكي على أحوال الفنانين!.

* منذ متى لم تذهب الى دائرة السينما والمسرح؟

-منذ أقل من سنتين عندما سلّمت مسرحياتي الثلاث الى قسم المسارح، ولكنني منذ عام 2009 انتظر، فآخر مسرحية لي قدمها الفنان عزيز خيون في الجزائر وليس في بغداد عام 2009 وهي مسرحية ،الشاهد، من نوع المونودراما، أما آخر عمل تلفزيوني فكان مع المنتج عمار علوان عام 2009 اشتغله في سوريا ولا أعرف إذا ماعرض أم لا، عنوانه “دورة الزمن”.

*ما سر ذلك؟

– المسألة لها أسباب بالتأكيد، وعليك أن تسألهم لماذا لا يطلبون مني الأعمال، أنا ليس من طبعي أن أذهب الى أحد، ولكنني أعتقد أن النسيان وراء هذا، ثم أنت بالتأكيد تشاهد ما يظهر على شاشة التلفزيون وهو المطلوب حالياً، أنا لا أستطيع أن أكتب بهذا الشكل، حيث الأعمال بلا فن ولا فكر بل مجرد تهريج.

* ربما لأنهم يريدون مسلسلات بثلاثين حلقة وأنت أعلنت أكثر من مرة عدم استطاعتك كتابة ذلك؟

– صارت مسألة ثابتة أن يكتب المؤلفون 30 حلقة، وبرأيي ليس كل موضوع يصلح أن يكون 30 حلقة، وبصراحة أنا جربت كتابة الـ 30 حلقة واشتغلوه في سوريا، وقد أتعبني جداً لأن الخطوط تتشعب وتضعف أحياناً وهنا إما أن تضعف الشخصية أو الموضوع.

*ما التصرف المفروض مع من مثلك؟

– في كل العالم عندما يصل الفنان الى مرحلة معينة يأتي إليه الآخرون، لا أن يذهب ليقف على الأبواب، ثم أنني أعرف (جماعتنا) اذا ما وقفت على باب أحدهم يسد بابه ويجعلك تنتظر طويلاً وهو في الداخل يقرأ الجريدة من دون خجل، وأنا لا أتحمل هذا، لذلك كان رأيي أن من يريدني عليه أن يأتيني.

*هل فعلاً الذي يغيب عن العين ينساه القلب؟

– وبسرعة..، وبشكل مؤسف، ويتم تناسي كل الزمن الذي كان له وما قدمه.
أزمة كتّاب

*هل تعتقد أن هناك أزمة كتّاب؟

– لا أعرف.. فإذا كنت أنا وحدي قد قدمت ثلاث مسرحيات، فما هي الأزمة؟ ألا يستطيع المسؤول عن المسرح أن يختار واحدة منها أو من غيري، لا أعرف ماذا أقول صراحة، ولكن كنا في ذلك العهد السابق نقول إنه (إعلام موجّه) ويبدو أننا في الوقت الحاضر أيضاً إزاء إعلام موجّه، بسبب المحاصصة.

– لماذا برأيك أصبح الجميع يعمل المسلسلات لشهر رمضان؟

– لست مع ضجيج المسلسلات التي لها أول وليس لها آخر، وأعتقد لا أحد يستطيع الإجابة عن سر بث هذه الأعداد الهائلة من المسلسلات في رمضان، والتي لا يستطيع المشاهد متابعتها كلها أبداً، ولكن ربما لأنهم يحصلون على تمويل ضخم من الإمارات وغيرها.

*ما سر منع مسلسل (وينك يا جسر) من قبل النظام السابق؟

– قالوا حينها أن فيه أموراً مسيئة للأدب ، والأوامر جاءت من الرئاسة فوراً وتوقف عند الحلقة السابعة من 13 حلقة، وتناول أموراً في المجتمع تتحدث عن ممرضة مفصولة تعمل على إجهاض النساء الحوامل من خلال صديقتها، علما أن هذا المسلسل عرض مرتين في السعودية.

* وهل منعت لك مسرحية؟

– نعم، مسرحية عنوانها (الغائب) عرضت على خشبة المسرح الوطني أخرجها عوني كرومي عام 1982، منعت لمدة تسعة أيام ثم أوقفها المدير العام آنذاك عبد الأمير معلة، كانت أيامها الحرب العراقية الإيرانية والمسرحية تتناول امرأة غاب أبناؤها وكانت تقول أين أولادي أين اخذتموهم؟، شاهدها وبدأ يصرخ كيف تعرضون مثل هكذا مسرحيات، ويبدو أنه وجد فيها مساساً بالحرب، حينها وضعوني أنا وعوني في موقف حرج وتحت التهديد.

* ما رأيك بمن يمنع مسرحيات من العرض؟

– أي شخص يمنع الفكر والثقافة والحضارة هو (داعش) بشكل من الأشكال، وأي واحد يشوّه الدين أو الحضارة هو (داعش)، داعش الذي هدم شيئين هما سمعة الإسلام والحضارة، فقد هدموا المتاحف، أنا أرى أن هناك من أرسلهم الى العراق، وهذا التهديم مقصود.

* ما الحل للدراما العراقية مع عدم وجود ميزانيات جيدة؟

– الحل في إنتاج تمثيليات سهرة، وثلاثيات وسباعيات، وأفضل الجوائز التي حصلنا عليها في السابق كانت من تمثيليات السهرة، وأشجع أي موضوع مكتمل يقدم على أن يكون فيه فكر وفن، وهذه الأعمال يتفاعل معها المشاهدون.