المصور العراقي كريم جعفر اعتزلَ الكرةَ واحترفَ التصويرَ فتألقَ عالمياً
محسن ابراهيم /
في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات اعتزل كرة القدم واتجه صوب التصوير الفوتوغرافي، فهو لا يستطيع أن يغادر المستطيل الأخضر، لذا وجد في التصوير الرياضي ضالّته، موهبة متميزة يجمع بين جمالية الإبداع والجودة الحِرفيّة، يرصد حركات الرياضيين بكل دقة وإتقان، ولكل لقطة من لقطاته حكاية تروي حدثاً ما، فهو يعتقد أن الصورة لغة وليس مجرد تصوير لقطة وضغطة زر، إنما هي إيقاف لحظة من الزمن تحكي أكثر مما نستطيع أن نقول. استفاد كريم جعفر من خبرته كلاعب كرة قدم مع أندية الميناء والجيش والشباب ومع المنتخبات العراقية (المنتخب الأول والأولمبي والعسكري) ليوظف تلك الخبرة في مجال التصوير الفوتوغرافي، منذ أن بدأ مشواره الفني عام 1989.
عالم جميل
يعشق التحدي، ولأن مجال التحول للتصوير الرياضي كان جديداً على لاعبي الكرة، قرر خوض التحدي، وقد شجعه على ذلك أن مهنة التصوير تعتمد في الأساس على الإبداع من داخل الملعب وأحيانا من خارجه، ساعدته خبرته في الملاعب كثيرا في مجال التصوير، قرر أن يجمع بين حبِّه للتصوير وعشقه لكرة القدم، واختار مجال التصوير الرياضي ليكون مجال عمله وهو ما يقتضي بكل تأكيد نزوله الدائم إلى الملاعب لتغطية مباريات كرة القدم والفعاليات الأخرى، وقد أدرك لاحقاً صحة قراره إذ استمتع بعمله كثيراً على العكس من مهنة التدريب التي غالباً ما يكون فيها المدرب عصبياً ويواجه كثيراً من الضغط النفسي، كما أن نجاح المدرب وبقاءه يتحددان بمدى قناعة الإدارة والجمهور، في حين أن المصور هو الذي يحدد ماذا يريد والمجال الذي يعمل فيه وحتى الزاوية التي يقف فيها.
يتأمل كثيراً ويتابع مباراة كرة القدم بعين اللاعب السابق ويعيش أحداثها وحين استهوته الكاميرا بات ينظر الى الأحداث بعين المصور المحترف، لقي التشجيع من زملائه السابقين وتفوق حتى على نفسه وأنجز أكبر آرشيف للرياضة العراقية من عام 1989 الى العام 1997، ما أهله للحصول على جائزة أفضل مصور رياضي من عام 1991 حتى عام 1997، فكان النجاح الذي وضعه بين أفضل المصورين العرب والعالميين ما دفع وكالة الصحافة الفرنسية لإيفاده لتصوير نهائيات كأس العالم لكرة القدم في فرنسا، فضلاً عن اختياره من لدن الاتحاد الدولي لكرة القدم ضمن قائمة أفضل المصورين، واختيار صوره من بين الأفضل لعام 2006.
في بداية حياته الرياضية كان يحلم أن يشارك -لاعباً- في نهائيات كأس العالم، لامس الحلم بعض الشيء بمشاركته في دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس عام 1984 لكن الحلم تحقق حين غادر عالم الكرة عند مشاركته في تصوير مونديال عام 2006 وسبقتها في العام نفسه مشاركة أخرى وهي بطولة كاس أفريقيا في مصر.
وفي تقليد دائم دأب الاتحاد الدولي لكرة القدم على اختيار الصورة الأفضل عالمياً في ما يخص مباريات كرة القدم، هي ليست المرة الأولى وربما ليست الأخيرة التي يتوج فيها كريم جعفر بلقب “صاحب الصورة الأفضل”، وليس الأمر مفاجئاً حين يغطي الأحداث الرياضية الكبرى ويجد نفسه بين الأفضل عالمياً في مجال التصوير، فهذا الأمر زاده ثقة وبات يبحث عن الأفضلية على الدام. ارتبط اسمه بالإبداع وتصدر قائمة الأفضل دائماً، وفي عام 2010 اختير مع 50 شخصية عربية الأكثر تأثيراً في مجال العمل فضلاً عن حصوله على جائزة أفضل مصور في الدوري القطري ثلاث مرات.