النحات السوري نزار علي بدر لـ”الشبكة” : أطمح أن تكون أعمالي شاهداً على مايجري في سوريا

1٬200

  مهدي باجلان /

بينه وبين الحجر حالة عشق أثمرت عن ولادة أعمال غاية في الروعة، فالحجارة التي تبدو لنا عادية لاحياة فيها ولاحكاية، تتحول على يد النحات السوري نزار علي بدر الى قصص تروي المأساة التي يعيشها الشعب السوري في ظل نيران الحرب.

نزارعلي بدر المولود في أواسط الستينات من القرن الفائت في مدينة اللاذقية في الساحل السوري ينفرد بهذا الفن المميز

“الشبكة” التقت بدراً فكان هذا الحوار….

حجارة صافون

كيف كانت البداية مع الأحجار؟

ابتدأت الحكاية من (أوغاريت)، هذه المملكة الرائعة التي قدمت للبشرية أول أبجدية بالتاريخ لتنير دربها المظلم، “حجارة صافون” هي الأبجدية الثانية لأوغاريت، الأبجدية المسمارية احتاجت سنوات وعلماء آثار لفك رموزها، أما “حجارة صافون” فلامست ضمير كل انسان لم يخلع ثوب إنسانيته وعشق سوريا.

يوضح نزار: جبل صافون هو الجبل الأقرع الذي يبعد عن اللاذقية 60 كم، وهو عرش الإله بعل إله السوريين، ولا يزال بعض السوريين يؤمنون به.

ويضيف :كان شرفاً كبيراً لي أن اطلق على نفسي اسم جبل صافون، أنا المنتقى من أسلافي الأوغاريتيين ولن يتمكن أحد في الكون أن يبدع كما أبدعت.

أعيش مع الحجر

أوقاتك دائماً بين الحجر متى تتوقف عن العمل؟

بيني وبين حجارة صافون قصة عشق عتيق. تمتد لثلاثين عاماً. ولكن مع بداية الحرب الكونية على وطني تفجر بركان الألم بداخلي. وشكلت أروع التشكيلات المستوحاة من هذا الألم ومن المعاناة والقتل في وطني الغالي.

لماذا حجر جبل صافون دون غيره؟

الحجارة غسلت دهوراً تحت أقدام جبل صافون، وكانت حجارتي شاهدة على أروع حضارة سادتها روح المحبة والتعاون، كما شكلت خلال الهمجية الصحراوية مايزيد على الـ25000 عمل للأسف الشديد جميعها مخرب.

أعمالي ليست للبيع

تقيم معارض من دون حضورها ولاتبيع أعمالك، لماذا؟
أقيم لي العديد من المعارض في الدول الأوروبية وخاصة في الدانمارك، عبارة عن صور عالية الدقة وكبيرة الحجم على شكل لوحات لأعمالي في أرقى صالات العرض هناك.

والحق أني أمتلك الآلاف من القطع النحتية خلال مسيرة حياتي، لم أفكر يوماً ببيعها أو المتاجرة بها، ستبقى من بعد انتهاء رحلتي لأبناء الشهداء الذين صانوا الأرض والعرض. أعمالي أيضاً تساهم في الوقوف بوجه كل الظلاميين، فمن كانت حضارته مجرد رمال وسراب يهون عليه تدمير حضارات الدول، لذا أنا قليل الكلام كثير الفعل، وسأجعل من تشكيلاتي وإيحاءاتها منطلقاً لما يحدث في وطني الغالي، خاصة وأني حملت راية الفقراء بتشكيلاتي ولن أنكسها، سأبقى نصيراً لهم لأنهم من قدموا دماءهم في سبيل النصر.

نحات فطري

أنت نحات من دون أن تدرس النحت، كيف؟

لم أتعلم الفن إطلاقاً، أنا نحات فطري، وليس لأحد في الكون فضل عليّ وعلى ابداعاتي فأنا أعمل وحيداً بعيداً عن الناس ولم ولن أبيع أعمالي.
أعمالك نحتية من الحجر وأيضاً هي لوحات.

أقوم بصف الحجر بحيث يكون مباشرة على لوح ملون موضوع على الأرض، اعتمادي في صف الحجر يستند على خيالي الواسع. والفنان إن لم يكن خياله واسع سيفشل حتماً.

حالة العشق التي كونتها مع الحجر أدت الى ولادة أعمال غاية في الروعة، لا ألوّن الحجر ولا أنحت به أو أعدل عليه، كما يوحي لي استعمله في تشكيلاتي.

ماهو طموح نزار علي بدر؟

أطمح لتثبيت أكبر عدد من الأعمال لتكون شاهداً على مايجري في سوريا. الأبجدية تحكي قصة حضارة لن تزول، والهمج الصحراويون يستهدفون آثارنا العظيمة، لهذا أنا أعمل دائما وبكثافة، لن اتوقف عن النحت والتشكيل لكي أثبت للعالم ان السوري لايمكن أن يكون إلا سليل حضارة أعطت البشرية قيم الحياة والمدنية، أعمل بأقسى الظروف، لاكهرباء ولامقومات للحياة.

ماذا يعني لك أن نقول العراق وسوريا؟

نحن أصحاب حضارة واحدة، ومن كانت حضارته رمالاً يهون عليه تدمير الحضارات، نحن أبناء التاريخ، نحن من علّمنا البشرية الإنسانية وأنرنا طريقهم، أما “داعش” وأخواتها فإلى زوال، فحضارة العراق وسوريا عمرها خمسة آلاف سنة ولن يتمكنوا من طمسها.