بعدما طرقوا باب الشهرة مطربون وشعراء لاذوا بالصمت فجأة!
رجاء الشجيري/
للشهرة رهبتها، وسحرها، ومفاتيحها، تجعل أصحابها أمام مفترق طرق، فإما المضي بالنجاح والمحافظة عليه، وإما التوقف والاكتفاء ليتوج نجاحهم بالاختفاء لأسباب تتعلق بحياتهم الخاصة.أو هي كما يقول عباس العقاد: الشهرة حظ ونصيب وليس السعي أو الاجتهاد دائما.
وأن تعددت أسباب التوقف والاختفاء، بعد رحلة الانطلاق الناجحة الأولى لهم، سواء كانوا مغنين أم شعراء، كانت رحلة بحثنا عنهم وعما قدموا ليختفوا بعد ذلك. وهنا أشير الى بحثنا عن المطربين والشعراء ممن كانوا أصحاب الأغنية الواحدة أو القصيدة الواحدة فعلا، أو ممن غنوا لأكثر من واحدة وكتبوا كذلك لأكثر من واحدة ولكن دون الاستمرار في النجاح والتوقف.
فمن المغنين الغرب ممن اشتهروا وكانوا أصحاب الأغنية الواحدة المغنية (nivea) اشتهرت بأغنية وحيدة لها كانت (dont mess with my man) وكذلك (josh kelleY) صاحب أغنية «Amazing»
والمغني (vanill ice) صاحب الأغنية الشهيرة (ice ice baby) كما أن هناك أغنية مشهورة جدا اسمها (whatsup) ضمن باند (4 non blondes) لمغنية حيث اشتهرت لدى ظهورها كثيرا واختفت بعد ذلك.
أما عربيا فقد كانت المطربة أحلام التي درست الموسيقى العربية ومثلت في عدد من الأفلام التي كانت من ألحان عبد الوهاب لكنها لم تشتهر، إلا أنها اشتهرت بأغنية وحيدة هي (يا عطارين دلوني) التي لحنها لها محمد الشريف، ويقال أن هذه الأغنية كانت السبب في طلاق أم كلثوم من محمد شريف .
وكان علي حميدة نهاية الثمانينات قد اشتهر أيضا بأغنية (لو لاكي) التي حققت حينها أرقاما خيالية في تأريخ سوق مبيعات الكاسيت وصلت ما يقرب 6 ملايين نسخة ليختفي بعدها نهائيا، وهي من كلمات عزت الجندي وألحان سامي الحفناوي.
وكذلك أغنية (مكتوب) لعلاء عبدالخالق الذي اشتهر في فترة التسعينات كان لها حصتها من الشهرة 1993 كتبها محمد فاضل ولحنها صلاح الشرنوبي، ليتوقف بعدها عن الغناء ويعتزل.
واشتهرت شاهيناز التي دخلت عن طريق برنامج المواهب الغنائي (ستار ميكر) 2003 بأغنية (قولي قولي) التي ذاع صيتها في تلك الفترة حيث تقول عن اختفائها بعد ذلك (لم ابتعد عن الغناء لكن خلال الفترة التي قررت فيها ارتداء الحجاب رأيت انه لا بد أن تكون هناك وقفة مع النفس لكي أفكر خلالها في مستقبلي) .
ومن مطربينا ومطرباتنا في العراق كان مطربا اسمه فاضل عبد النبي غنى أغنية (علمني عليك) قبل عبدالله رويشد ثم اختفى بعد ذلك، وكانت شوقية العطار التي غنت مع فؤاد سالم أغنية (يا عشكنا) لتكون أغنيتها الأولى.
كذلك زكية جورج وهي أول مطربة عراقية غنت في الاذاعة العراقية بعد تأسيسها ولها ثلاث أغان مشهورة (هذا مو انصاف منك – كلبك صخر – خدري الجاي) بعدها توقفت عن الغناء سنة 1955 وتركت العراق لتعمل في حياكة الملابس في حلب إلى أن توفيت عام 1966. ويجدر الإشارة الى أن من المفارقات بين مغنينا ومغني الغرب أنهم حين يشتهرون بأغنية وحيدة فأنهم يبقون يعيشون على مردودها المادي والمعنوي إلى آخر عمرهم، على النقيض من مغنينا الذين تمنحهم المرارة والمعاناة مردودها الأبدي.
أما الشعراء فينقسمون إلى من غُنت قصائدهم ونجحت واختفوا بعد ذلك، ومن كانت قصائدهم الشهيرة غير مغناة، فكان حسن المرواني صاحب قصيدة (أنا وليلى) التي وصلت شهرتها حد ادعاء الكثيرين بانتسابها لهم بعدما غنت وانتشرت، ومن الشعراء الشعبيين نذكر محمد العكيلي الذي كتب أغنية (يل ماشية بليل لهلج) ليصمت بعدها دون رجعة!
وكان صاحب كلمات القصيدة المغناة الأشهر التي غنتها أم كلثوم (الاطلال) ابراهيم ناجي تعد بحق قصيدته علامة نجاح مازالت مدوية الى اليوم برغم عدم تقديمه بعد ذلك ما يوازيها.
وعن أصحاب القصيدة الواحدة غير المغناة فقد تحدث نعمان ماهر الكنعاني في كتابه (شعراء الواحدة) عنهم مفصلا ذاكرا منهم (السنفري والسموأل ومالك بن الريب وديك الجن الحمصي وقطري بن الفجاءة وأبو الحسن التهامي وابن زريق والبغدادي وغيرهم. وكذلك ذكرهم محمد مظلوم في كتابه(أصحاب الواحدة اليتيمات والمشهورات والمنسيات في الشعر العربي) حيث جمع فيه قصائد لشعراء ذكرهم الكنعاني وكذلك ممن انفرد هو بذكرهم حيث يقول: أصحاب الواحدة ينبغي أن يكونوا مقلين في الكم، لكنهم مجيدون في واحدة، مشهورون بها، وهذا ينسحب على مفهوم القصيدة الواحدة فهي ليست الوحيدة بالضرورة.
ونذكر من أرق عيون الشعر العربي قصيدة (لا تعذليه) وهي لابي الحسن علي بن زريق البغدادي الذي قالها ومن ثم مات حبا وحسرة، وهي قصيدته الوحيدة التي وجدوها تحت وسادته بعد موته يقول:
لا تعذليه فان العذل يولعه
قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه
استودع الله في بغداد لي قمرا
بالكرخ من فلك الازرار مطلعه