بعد أسابيع سينمائية لدول الجوار متى يكون للسينما العراقية أسبوعها؟

986

محسن العكيلي/
بعد مرحلة جديدة دخلتها السينما العراقية في مجال المنافسة والإبداع، راحت الأفلام العراقية تحصد الجوائز في مهرجانات عدة، منها فيلم (أحلام) لمحمد الدراجي، وفيلم (العودة إلى بابل) لعباس فاضل، وفيلم (غير صالح) لعدي رشيد، وفيلم (زمان رجل القصب)، لعامر علوان.. وغيرها من الافلام التي بلغ عددها أكثر من 40 فيلماً شارك معظمها في مهرجانات عالمية وحصد الجوائز الأولى.
لكننا بعد تلك الانطلاقة مازلنا نفتقد الاحتفاء بالفيلم العراقي خارج العراق، بالرغم من إقامة أسابيع سينمائية لدول أخرى داخل البلد.
سياسة سينمائية
الناقد والموسوعي د. جواد بشارة تحدث قائلاً:
“لا يوجد مانع -من الناحية النظرية- ولكن بشرط توفر العدد اللازم من الأفلام العراقية المستوفية للشروط الحرفية، التي تعتبر أفلاماً حقيقية وفق المواصفات الدولية، وليست مجرد محاولات تغلب عليها الهواية أكثر من الاحتراف، وهذا الشرط غير متوفر حالياً، إذ أن كمّ ونوع الإنتاج السينمائي في العراق لا يسمح بإقامة أسبوع للسينما العراقية كما هو الحال مع السينما السورية والسينما الإيرانية وغيرهما، الدولة عاجزة عن دعم الإنتاج السينمائي المبرمج، والقطاع الخاص خامل وغير محترف، عدا استثناءات قليلة، وهو لا يرفد البلد بمنتج سينمائي كمّاً ونوعاً يمكن أن نشارك به في المهرجانات وإقامة الأسابيع السينمائية، كما لا توجد سياسة سينمائية حقيقية في العراق منذ ما قبل سقوط النظام السابق، إذ كانت الأفلام المنتجة دعائية فجة وضعيفة مهنياً واحترافياً وغير قادرة على المنافسة في المهرجانات. وبعد السقوط أهملت الحكومات المتعاقبة هذا القطاع الفني الحيوي لأسباب يطول شرحها، وبالتالي لابد من وضع خطة عملية للنهوض بالواقع السينمائي وتوفير الفرص للشباب السينمائي الواعد لكي يقدموا رؤيتهم ويثبتوا قدرتهم ووعيهم السينمائي من خلال أفلام جيدة الصنع تقنياً وذات محتوى قابل للدراسة والتحليل والتأويل ويعكس الواقع العراقي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.”
ذائقة الجمهور
الناقد السينمائي علي حمود الحسن قال:
“خرجت أسابيع الأفلام السينمائية من معطف المهرجانات العالمية الكبرى، على شاكلة مهرجان البندقية (١٩٣٢)، ومهرجان موسكو (١٩٣٥)، ومهرجان (كان) ١٩٤٦، إذ تخصص هذه المهرجانات فقرة لأسبوع سينما دول او حسب نوعية الأفلام. عراقياً أول أسبوع كان للأفلام الصينية، نظمه أحد صناع السينما، وكذلك أسبوع الفيلم السوفييتي، وانتعشت الأسابيع السينمائية في سبعينيات القرن الماضي، إذ شاهدنا أسبوع الفيلم الفلسطيني، والروماني، والروسي، وغيرها، وغالباً ما تكون أسابيع الأفلام خارج المهرجانات باتفاق دولتين ضمن برنامج ثقافي، فمثلاً أسبوع الأفلام الإيرانية في بغداد مقابل آخر للأفلام العراقية في طهران، وربما نشهد أسبوعاً للأفلام العراقية في سوريا حسب اتفاق دائرة السينما والمسرح.
أما بالنسبة للأفلام الروائية العراقية، فنحن للأسف لا نملك الكثير منها علي صعيدي الكمّ والنوع، فالأفلام الكلاسيكية معظمها غير قابل للعرض، عدا القليل، ربما الأفلام القصيرة والوثائقية، لكن الجمهور يريد أن يرى أفلاماً روائية طويلة.. كذلك نلمس تغير ذائقة الجمهور الذي لم يعد يهتم بالسينما، عدا صالات المولات الحافلة بالأفلام التي تناسب رغبات الشباب.. على العموم هنالك توجه لدى إدارة السينما والمسرح بعقد اتفاقيات مع بعض البلدان العربية لهذا الغرض”.
أسباب عدة
ويشير المخرج بشير الماجد الى انه يقدر الحرص على أن تكون لدينا سينما عراقية جديرة بالاهتمام, لكن السؤال الأهم هو لمَ لا تكون هناك أسابيع للسينما العراقية التي نفتقد إليها داخل العراق أصلاً؟ ناهيك عن سؤال آخر: هل هناك دولة عربية واحدة أقامت أسبوعاً للأفلام العراقية؟ إلا في مهرجان قرطاج، إذ زودتهم دائرة السينما والمسرح بأفلام قديمة لا تعكس واقع السينما العراقية. إن عدم وجود أسابيع للأفلام العراقية تكمن خلفه أسباب عدة منها أن الأفلام هي ليست نتاج مؤسسة السينما والمسرح، التي هي الجهة الرسمية التي تتعامل مع مهرجانات السينما، كما أننا لا نمتلك شركة إنتاج خاصة لديها رصيد كاف من الأفلام لتكون هي الجهة التي تسوّق تلك الأفلام في المهرجانات, في الآونة الأخيرة أنتجت دائرة السينما والمسرح مجموعة أفلام قصيرة، وتلك الأفلام ستخضع للجنة فحص وتقييم لنحو 22 فيلماً, أنا أحد أعضائها، وستعرض بمناسبة عيد السينما العراقية, وأنا أقترح أن يكون هذا التقليد سنوياً، بمعنى أن ترصد دائرة السينما والمسرح الإنتاج لمدة عام، وتدعو المخرجين لتقديم أعمالهم، أعتقد أننا سنحظى بنتاجات جيدة من الممكن أن تشارك بأسابيع في مختلف البلدان, الأمر الآخر هو أننا نقيم أسابيع للفيلم السوري والفيلم الإيراني ومهرجات سينمائية لدول الجوار، وكأن الاهتمام منصب على تلك الدول دون الاهتمام بنتاجنا السينمائي, إذ لم نشهد مبادرة سورية أو مصرية او خليجية بأن يكون هناك عرض للأفلام العراقية، مع العلم أن هناك إنتاجاً لابأس به، كما أن هناك مخرجين عراقيين لديهم نتاج جيد رغم أنهم يقيمون خارج العراق, الكرة الآن في ملعب دائرة السينما والمسرح، وأعتقد ان هناك خطوات على الطريق الصحيح..”