بين الحرفة اليدوية والفن سردار جلال ينقش أعماله على الجلود الطبيعية
زياد جسام/
تمتاز أعمال الفنان سردار جلال بالرسم على الأسطح الجلدية الطبيعية، لتجسيد المفردات، سواء أكانت واقعية تراثية أم أفكاراً معاصرة، لتعزز الساحة الفنية العراقية بمنتجات إبداعية فيها تحدٍّ وإصرار في الحفاظ على حرفة يدوية مهمة مهددة بالانقراض.
لا يقتصر إبداع الفنان (جلال) على خامة الجلد فحسب، وإنما تتعدد لديه الخامات. كما أنه يهتم بالتفصيلات، ويتعامل مع الأعمال الفنية بإحساس عال. عن حبه الرسم أو الطرق على الجلد، سبق له أن صرح للإعلام بأنه اختار الجلد الطبيعي لإحساسه به وتفاعله معه، باعتباره مادة مأخوذة من كائن حي. علماً أنه طور أعماله المرسومة على الجلد ودمج بينها وبين الصناعات الجلدية التي احترفها بشكل كبير، إذ تحول مشغله الإبداعي إلى ورشة صناعية يقوم فيها بإنتاج حقائب أو علب أو أغلفة للمصاحف أو أشياء أخرى من الجلد مزينة بلوحات أو شعارات أو حروفيات ذات قيمة فنية.
إظهار المنظور
تشتمل أعمال (جلال) على أساليب عدة، منها الرسم بخطوط قوية شبه هندسية، والتركيز على إظهار المنظور في الرسم، كما يستهويه الرسم على الخامات المتعددة. لكنه يميل إلى الجلود ويشتغل عليها بطريقة مختلفة عن السائد، وهي طريقة الطرق وإظهار الرسم الثلاثي الأبعاد الأشبه بالنحت البارز، يجسد فيه التراث وصوره المختلفة، حين يلتقط التفاصيل لتعكس هوية المدن القديمة وأزقتها ومحلاتها وعاداتها وتقاليدها الأصيلة، مثل الحرف اليدوية أو الأمور الشعبية الأخرى.
إن فن الطرق على الجلود في الحضارة الإسلامية القديمة كان مرتبطاً بفني الزخرفة والخط العربي، لكن في غالب الأحيان يكون الخطاط أو المزخرف بعيداً عن حرفة الطرق على الجلود، لذا كان يكتب أو يزخرف على الورق، وبعد ذلك يأخذ نتاجاته الفنية إلى الحرفي المتخصص بالجلود، ليحولها إلى لوحات مصنوعة من الجلد متكاملة.
الخط والزخرفة
برع (جلال) في الرسم والزخرفة والخط العربي، كما أتقن الطرق على الجلود لينفذها بطرق احترافية جميلة، يزينها أحياناً بالألوان وماء الذهب، وهنا تبرز مهارته في تثبيت الألوان على الجلد، ومدى قدرته على التحكم بها لإنجاز لوحاته الفنية، ولاسيما أن الأدوات المستخدمة في هذا الفن تحتاج إلى دقة عالية، لأن إعادة تصحيح الخطأ تعد معادلة صعبة، لأنه يتعامل مع أنواع الألوان، ومنها الذهبية التي لا تثبت بسهولة على الجلد، ما يجعل العمل في غاية الدقة.
يذكر أن الفنان سردار جلال أقام معارض شخصية عديدة، كما شارك في كثير من المعارض التي أقيمت داخل العراق وخارجه، حصل فيها على جوائز وتكريمات عديدة، محلية ودولية.
اقتنيت لوحاته وعرضت في بعض القصور الرئاسية بإقليم كردستان، كما جرى اختيار كثير منها لتُقدم كهدايا إلى الشخصيات الدبلوماسية والضيوف الأجانب الوافدين إلى الإقليم، باعتبارها أعمالاً فنية تمثل الحضارة العريقة، وتعيد الروح إلى فن الطرق على الجلود كحرفة يدوية جميلة.