تقنيات الخراب والتهشيم في أعمال هناء مال الله
خضير الزيدي/
انغماسها في مواكبة التطور الفني في الغرب ،حيث تقيم في لندن ،ولد لديها فكرة نقل مفهوم “تقنية الخراب” ،وهي تبدو متيقنة ان هذا المفهوم الفني الغربي سيظهر بشكل تقني أو رؤيوي في الفن العراقي لاحقا.
كان هذا دافعا لتقوم بدراسة هذه التقنية ،لتكون بذلك اول فنانة تنقلها كمصطلح أكاديمي في العراق .
“الشبكة” تلقي مزيداً من الأضواء على تجربة الفنانة هناء مال الله وتقنيتها الجديدة ” الخراب والتهشيم”.
رؤية فنية
يمثل مفهوم الخراب بكل أصعدته سوف يظهر بشكل تقني أو رؤيوي في الفن العراقي لاحقا، ولابد أن أدرك هذا وأقوم بفحصه ودراسته، وأتمنى أن يسعفني الوقت لاحقا لأقوم بهذه دراسة المهمة، فأنا من استخدم المصطلح لأول مرة وأتمنى أن اعتمده بشكل أكاديمي وأن أدرسه في أعمال الفنانين العراقيين ما بعد القصف وتدمير البنية الحياتية والثقافية للعراق. وما أطلقت عليه تقنيات الخراب وضمن تقنياته ومفهومه أنتج أغلب أعمالي
البعد التقني
لم تكن الفنانة هناء مال الله بمعزل عن محيط البيئة العراقية ومأساة يوميات ذلك المحيط الحياتي فها هي تصر في معرضها الشخصي المقام مؤخرا في لندن على إعطاء مفهوم الخراب بعدا تقنيا وتوظيفا جماليا فكيف يحدث هذا ؟ وما أدواتها التي أنتجت فيها المعرض ؟
ومن أين جاءت فكرة وتسمية مفهوم الخراب تقول لنا هناء بأنها وضعت مصطلح تقنيات الخراب، وناقشته في سمنار في جامعة الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن عام 2008، وبعدها كان هناك معرض للفنانين العراقيين المنفيين، حيث أقيم في متحف المحطة في تكساس / أمريكا، و قد تبينت أن اغلب الأعمال المعروضة هناك بها نوع من تخريب للمادة الخام وتهشيمها، وبوضوح هذا ما أكد لدي أن مفهوم الخراب بكل أصعدته سوف يظهر بشكل تقني أو رؤيوي في الفن العراقي لاحقا، ولابد أن أدرك هذا وأقوم بفحصه ودراسته، وأتمنى أن يسعفني الوقت لاحقا لأقوم بهذه دراسة المهمة، فأنا من استخدم المصطلح لأول مرة وأتمنى أن اعتمده بشكل أكاديمي وأن أدرسه في أعمال الفنانين العراقيين ما بعد تدمير البنية الحياتية والثقافية للعراق. وما أطلقت عليه تقنيات الخراب وضمن تقنياته ومفهومه أنتج أغلب أعمالي، ومنذ مغادرتي للعراق وحتى الآن وهو يستوعب رؤيتي عن الزوال السريع للأشياء وكذلك استوعب مفهومي عن الموت تمضي معنا هذه الفنانة في شرح هذا المفهوم فتؤكد بأن تأثير المكان الغربي على إبداعك في الرسم وتغيير مساره نحو الفن ألمفاهيمي قد قدم لها درسا بليغا فالدخول لمدينة تعد ليس فقط متطورة في الفن كلندن وإنما تعد من أهم مراكز الفن المعاصر في العالم سيبقى تأثيرها كبيرا عليّ، لهذا بدأت أدرك مدى الوهم الفني الذي كنا نجتره وقيمة ومعنى هوية الفن وبالتحديد الفن العراقي، حيث أدركت انه وهم، مغذى من قبل مؤسسات فنية هي ليست أصلية المناهج في تدريس الفن ولهذا ينتج فنا مشوها وممسوخا، ،والذي أود قوله إن الذي قاد التغيير هو إدراكي للوهم الفني الذي كنا نعيشه نتيجة العزلة، كما أدركت أن من أهم أسباب خسارة الفن العراقي الحروب والعزلة، وهو الأمر الذي أدى إلى فشله على المستوى العالمي.
اختيارات الفن
هكذا تبدو هناء مال الله مصرة على انجاز فن ذي قيمة يعطينا الإشارات الدالة على بث الحياة لهذا تصر على انجاز رسالتها في الجمال فما هي الدوائر الضيقة التي تعيشها وكيف تنجو من تبعياتها تقول لنا هذه المبدعة : الدائرة الواسعة التي وضعت فيها هي التي جعلتني أواجه اختيارين فإما أن أضاعف جهدي لعلي الحق بالركب العالمي للفن، أو الاعتزال. وكما ترى فإنه تحد كبير. نعم المكان، وبالتحديد لندن، له تأثير كبير عليّ. ومن الواضح إنه تغيير ايجابي، فقد فتحت عيني وعقلي على القيمة الحقيقية للفن، وقد تفهمت مدى عقم التقاليد الفنية والفكرية المشوهة التي كنت أستند إليها. أنا لا أقول إنها خطأ، ولكنها ليست أصيلة بسبب انقطاع العراق الحضاري وبسبب ظروفه غير الطبيعية. لقد أثرت لندن في تطور عملي ورؤيتي في ثمان سنوات ما لم يستطع العراق أن يمنحني إياه على مدى ثلاثة عقود، وأقصد هنا بالتحديد في مجال الفن المعاصر. أنا نادمة فعلا إنني لم أغادر العراق مبكراً لأدرس الفن في أوربا وبعد ذلك أعود، أي أن تكون الرحلة بالعكس.
المتاحف الغربية
من يعرف هناء جيدا يتذكر أنها لم تبتعد عن المتحف العراقي كانت قريبة من آثار الإبداع العريق ،تعي تماما كيف تنظر إليه كثروة وطنية وكيف يمكن أن يكون هوية للإنسان العراقي لهذا حينما استقرت في لندن وأنجزت معارضها الشخصية والجماعية ذهبت في جولة روحية لزيارة المتاحف فهي ترى أنها معابد العلمانيين، فتكون لديها هوس بزيارة المتاحف وكأن ظمأ عزلة ثلاثة عقود تفتقت عن نهم بالنظر والبحث داخل الفن المعاصر حيث بدأت تستوعب كل شيء وبدون مساءلة لهذا تشير لنا هنا إلى أن هذا قادها إلى سؤال كبير، حسنا ماذا أنتج كي يكون غير مطروق ويعبر عني، لدي خزين ذاكرة، ولكن هويتي على الأقل الفنية محل تساؤل كبير وشك، كانت ذاكرتي مليئة بعنف ليس الحروب فقط وإنما عنف الحياة العسكرية في العراق، والحياة الذكورية العنيفة التي تسحق كل شيء مدني، وصلت ولدي عينان مليئتان بغبار المعارك المعجون بدموع أسف فقدان المكان الأول والعائلة، وكان لا بد أن هذا يتسرب بشكل طبيعي وتلقائي إلى بنية عملي، أنا وكما قلت أكثر من مرة وكما اعتقد بعمق أن الفن للخلاص، ليس الخلاص الفردي وإنما تساؤل للخلاص بشكل عام مثل اختراع الدين, إن العيش في مدينة فيها بعض من أهم متاحف الفن المعاصر في العالم قد أعطاني معنى أن أفكر بحرية وانظر بحرية وبدون أحكام مسبقة، بمعنى أن أعطي لعقلي مرونة ولعيني سعة كنت افتقدها في العراق،
العودة للعراق وضيق الأفق
جاءت هناء مال الله ثانية للعراق تحمل خبر إقامة معرضها الجديد تريد من محبيها أن يعرفوا كيف تنتج خطابا جماليا ولكن كيف وجدت هناء الفنانين في بغداد والمحافظات :عن هذا الموضوع الحساس والمرهق تؤكد لنا أما فيما يخص زيارتي الأخيرة إلى العراق فوجدت الفنانين والأشخاص الذين يقودون المؤسسات والمسؤولين عن الحركة الفنية وبما فيها النقد الفني يمارسون العنف نفسه في اللغة والأحكام. وهذا متأت من ضيق الأفق النابع من العزلة التي تدفع الفنانين إلى اعتناق فكرة التفوق رغم التعثر والتخلف. أنا ضد القصة في الفن وعليه كانت الخامة هي بالذات وما يطرأ عليها هي الأنسب لي لتحمل رؤيتي حول الخراب وزوال الأشياء، سواء أكان طبيعيا بواسطة الموت الطبيعي أو نتيجة الكوارث الطبيعية، أو بواسطة الإنسان مثل الحروب، وبهذا تأسس لدي مفهوم فلسفي لسرعة تغير وزوال الأشياء وفنائها، وأتصور أنني حملت بذرة هذا معي من العراق ونميتها هنا في الغرب لأرى ماذا ينتج.