حازم باك أيقونة بارزة في فن التصوير
محسن إبراهيم /
رمز من رموز الموصل وعينها التي وثّقت حياة ساكنيها, حامل إرث أجداده، فهو حفيد المصور (إلياس سنبل) الذي كان من أوائل المصورين في الموصل.
ولد حازم باك في مدينة الموصل في ثلاثينيات القرن الماضي، وأكمل دراسته الابتدائية والإعدادية فيها لينتقل فيما بعد مع عائلته إلى بغداد في نهاية الخمسينيات.
حكايته مع الزعيم وعارف
شغف باك بالتصوير منذ صغره، ومنذ أن أهديت له أول كاميرا فوتغرافية استهوته الأماكن القديمة في الموصل وحركة ساكنيها، بدأ بتوثيق تلك الحياة التي أصبحت فيما بعد أيقونة بارزة في فن حازم باك الفوتغرافي. انتقل إلى بغداد حيث بدأت خطواته الأولى في عالم الاحتراف. عالم الصحافة كان خطوته الثانية إذ واكبت عدسته ملوك ورؤساء العراق, وهنا يروي الأستاذ (محسن حسين)، أحد رواد الصحافة العراقية، أحدى الحوادث التي حصلت مع المصور حازم باك إذ قال “إنه ذهب برفقة باك لإجراء مقابلة مع عبد السلام عارف، وبعد أن أقنع عبد السلام عبد الكريم قاسم بالوقوف إلى جانبه لالتقاط الصورة، مبيناً أهمية نشرها في تلك الظروف لتعزيز علاقتهما الأخوية، والتقط حازم الصورة المطلوبة, لكن الذي حدث أن تلك الصورة عززت خلافاتهما، فقد نشرتها صحيفة الجمهورية في عددها رقم 25 الصادر في 14 آب 1958 مقلوبة عن طريق الخطأ، إذ ظهر اليمين يساراً واليسار يميناً، ويدل على ذلك وضع المسدس، لكن عبد الكريم قاسم وجماعته ظنوا أن ذلك كان مقصوداً, وأجري تحقيق في الموضوع. كان حازم باك متأكداً أنه طبع الصورة بشكل صحيح، ولدى تفتيش شعبة الزنكوغراف حيث كانت الصور تحفر تمهيداً للطبع حسب طريقة الطبع في تلك الأيام، لم يعثروا على الصورة، فقد اختفت تماماً، ولدى الرجوع إلى الفلم السالب ظهر أن الصورة صحيحة في الفلم، وأخيراً تأكدنا أن الخطأ كان من الزنكوغراف لكن جماعة قاسم ظلوا على رأيهم.”
مدرسة فوتغرافية
لم يكتفِ حازم باك بما اكتسبه من خبرة محلية، بل كان يطمح إلى أبعد من ذلك, كانت الدورات الخارجية نصب عينيه، لذا شارك في دورات تختص بفن الفوتغراف في دول أوروبية عدة حصل فيها على الدبلوم في التصوير, فضلاً عن منحه شهادة أستاذ تصويرعالمي من أميركا.
وبرغم انتقاله للسكن في بغداد، إلا أن شغفه الأول في الفوتغراف بقي موصلياً. حازم باك، وبشهادة عدد من زملائه المصورين العالميين والعراقيين، كان مدرسة فوتغرافية ذات طابع خاص تختلف عن المدارس الأخرى.
طفرة في عالم التصوير
في أواخر الخمسينيات، وفي منطقة السعدون في الباب الشرقي، افتتح باك أول ستديو خاص للتصوير ليكون محط أنظار الشخصيات البغدادية الشهيرة آنذاك لما يتمتع به من حس فني احترافي في عالم التصوير.
بدأ حازم باك بعد ذلك بخطوة جريئة ليحقق طفرة في عالم التصوير من خلال إدخاله التصوير الملون إلى العراق, وفي سبعينيات القرن الماضي افتتح مختبراً لطباعة الصور الملونة. للراحل مؤلفات عدة في فن التصوير، كما ساهم في نشر المقالات والبحوث الثقافية المتخصصة بفن التصوير الفوتوغرافي في أغلب الصحف والمجلات العراقية والعربية والأجنبية المختصة بفن التصوير.
عمل مصوراً صحفياً في أغلب الصحف البغدادية, في جريدة الثورة أصبح رئيساً لقسم التصوير, وثّق بعدسته حرب تشرين سنة 1973 ومعارك الجولان من خلال توثيق مشاركة الجيش العراقي في كراس مصور، وهو أحد مؤسسي جمعية التصوير في الموصل, وعضو نقابة الصحفيين العراقيين، وعضو مؤسس للجمعية العراقية للتصوير، وعضو في هيئة تحرير مجلة (المصور العربي)، من مؤلفاته في فن التصوير: كتاب تحميض وطبع الأفلام والصور بالأسود والأبيض سنة 1985 , كتاب التصوير بالألوان للهواة والمحترفين سنة 1987 .
حازم باك مصور صحفي مرّ بكثير من التجارب وتميز عن أقرانه بلقطات تحاكي الواقع العراقي بجباله وسهوله وأهواره، ليوثق الحياة الإنسانية بجمالية واحتراف.