حكايات فنية

177

يحررها: محسن إبراهيم /

دراما بطعم القهوة

بين واقع معاش وأرضية يفرش عليها الكاتب فكرته، تنمو وتترعرع الأفكار الدرامية, وليس كما يعتقد البعض أن الدراما هي تمرد على الواقع والغوص في بواطن الفنتازيا والتأويل والرمزية. الدراما هي صدى ومرآة لواقع يعكس النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية. وحين يسطّر الكاتب سيناريو لعمل درامي، فإنه يعلن مسبقاً تمرده على الواقع برمته ورفضه لما هو قائم. وبهذا تكون العلاقة بين ما نراه على الشاشة وما نجده على أرض الواقع نوعا من العلاقة التحريضية التي لا ينبغي لها أن تفلت من نقاش المتلقي مع ذاته.
دراما عراقية كان فرسانها كتّاب ومخرجون وممثلون أغنت الشاشة العراقية بأعمال علقت في ذاكرة المشاهد: (فتاة في العشرين) و(جرف الملح) و(أعماق الرغبة) و(النسر وعيون المدينة)، فضلاً عن التمثيليات التلفزيونية: (بلابل) و(رائحة القهوة) الفائزة بجائزة مهرجان الكويت للتمثيلية التلفازية، وغيرهما من الأعمال الدرامية التي أغنت الشاشة العراقية.
منذ رمضان الماضي والدراما العراقية تدور في الفلك (التركي) حتى أن هناك أعمالاً نسخت بطريقة (الكوبي بست) مع تعريق الحوار فقط، إذ أن كل الأحداث ومجرياتها لا تمت الى الواقع العراقي بصلة، وكأننا نعيش في عالم آخر خالٍ من الأحداث والحكايات التي إن وجدت في بلد آخر لنافست في حصد جوائز جميع المهرجانات السينمائية والتلفزيونية.

فوضى إعلامية

ما إن تتابع برنامجاً سياسياً على إحدى الفضائيات، حتى يتبادر السؤال: لمَ هذا الكم الهائل من الإهانات والسخرية والكلام البذيء الذي يتداوله المشاركون في هذه البرامج؟ كلمات متداولة وألفاظ سوقية أمست لازمة لتلك البرامج، وفي غالبية المحطات الفضائية التي تبث برامجها بشكل يومي تقريباً.
عندما تصبح البرامج القيّمة نادرة جداً، أو مفقودة، و لا يعرض على المشاهد إلا ما يكون رديئاً، فماذا ننتظر من الأجيال القادمة؟ هل أن المسؤولين على إدارة هذه القنوات يدركون هذا الخطر؟!

بين غر بتين ووطن!

مسافرون في أقاليم الدموع, على رصيف الغربة يتفحصون الوجوه العابرة، يستبدلون الابتسامة بقيثارة الوجع، فيعزفون أغنية اسمها الوطن، يرسمون بأنغامهم طقوساً للحرية. على أسوار بغداد تمنوا أن يرقصوا رقصة الشمس, يطرقون أبوابها ويرسمون بالحنّاء على جدرانها المحترقة, يمحون ظلال الخوف عن شواطئ دجلة ويمسكون الحلم الشارد ويغنون ساعة السحر, بيت العراقيين, دكيت بابك ياوطن, كل سنة وانت طيب يابلدي الحبيب. أغان صدح بها فؤاد سالم, وسامي كمال, وقحطان العطار, وجعفر حسن، وغيرهم ممن يرقد في حناجرهم وطن. لماذا حين كان الشاعر او المطرب عندما يتغزل بالوطن يتهم بأنه ذو انتماء سياسي معاد للسلطة؟ لماذا ما كتب للوطن كُتب على أرصفة الغربة؟ فالغربة التي ترافق المرء مبكراً منذ سني عمره الأولى لا تختزل ذلك المعنى، وحين تعاش الغربة في الوطن وتحملها معك أينما حللت لا يحتويها الزمان والمكان، ولا تَمحو آثارها الكثير من الأشياء.