سوسن الزبيدي: سعيدة بتجربتي في إذاعة مونت كارلو

771

آية منصور /

سحرها عالم الإذاعة، فاتجهت إليه بخطى ثابتة، مثل نخلة عراقية باسقة، تقدم البرامج بصوت ساحر، يمنح المتلقي الطمأنينة، بعدما بدأت مشوارها الأول من التلفزيون.
نجحت في تقديم عدد من البرامج المهمة التي وجدت صداها بين مستمعي الإذاعة والمتابعين، وخاضت تجربة مهمة في إذاعة مونت كارلو.. إنها المذيعة ومقدمة البرامج سوسن الزبيدي، وهذا الحوار مع مجلة “الشبكة العراقية”..
*ما اختلاف حياة الإذاعة عن مدن وعوالم التلفزيون، بين اليوم والأمس؟
-عالم الإذاعة واسع وجميل بحد ذاته، لما يحمله من خصائص متمثلة بفن الإلقاء وسلامة اللغة والنطق، بالإضافة الى الإيماءات والحركات التعبيرية، كل هذه التفاصيل تجتمع وتصل دفعة واحدة الى أذن المستمع بشكل مقبول، وهو ليس بالعمل السهل، بل يتطلب جهداً من قبل المذيع، باختلافه عن حياة التلفزيون، الذي له عالم خاص به، وجمالية متفردة تتركز في الصورة، وهنا يأتي إقناع المشاهد، كما أن الأناقة والحضور مطلوبان أكثر من الإذاعة.
في الماضي، كان كل شيء مبنياً على أسس وقواعد سليمة، كل شيء كان “مدروساً”، ولا يستطيع أي شخص أن يخترق هذا المجال إلا بعد اجتياز مراحل من التدريب، والأمر الذي تغير اليوم، ولنكن منصفين، أن هنالك وجوهاً شبابية ساطعة في أيامنا هذه، وهم مثابرون ومجتهدون، لكن يجب أن نتوقف قليلاً ونتساءل عن دور الرقابة واللجان المختصة في اختيار المذيعين والمقدمين، ذلك أن بعض القنوات لا تأبه بتدريب مقدميها ولا بتأهيل الشباب بما يخص الدورات الإعلامية.
ذائقة الملتقي
* حالياً، في الزحامات، عندما نستمع الى الاذاعة، هل تعجبك لغة حوارات اليوم؟ وبرأيك هل بقيت على ما هي عليه؟
ــ الزحام هو المعضلة التي تواجهنا من والى العمل، لكن لربما تكون الإذاعة هي الشيء الوحيد الذي يلجأ اليه السائق ومن معه ليكملوا طريقهم، ومع هذا الكم الهائل من الإذاعات المحلية والدولية، تتنوع التوجهات والأفكار، وتعتمد على ذائقة المتلقي، أنا شخصيا أميل إلى الحوارات التي تخص عالم المرأة والمجتمع، وكل ما يتعلق بالنهوض بواقعها، وبالتالي هنالك أزرار كثيرة، يمكنك قلب الإذاعة والتنقل الى أخرى إن لم يعجبك الحوار او نوعية البرامج، فللجميع حرية التردد والموجة.
*من اختبر سوسن الزبيدي في الإذاعة.. وكيف كان يوم الاختبار؟
-بدأت عالمي في الصحافة قبل ١٩ عاما، ثم انتقلت الى التلفزيون عام ٢٠٠٩ كمعدة ومقدمة برنامج (آدم وحواء)، في قناة آشور الفضائية، ولمدة خمس سنوات لأنه كان برنامجاً شمولياً، وفي إحدى الدورات الإعلامية، جرى اختياري في عالم الإذاعة، وكانت إلى المحطة الجميلة: مونت كارلو في عام ٢٠١٣، ثم اكتشافي كصوت في الأكاديمية الفرنسية، وبحكم عملي في الإعلام الحكومي، وبرنامج (سطور وقضية)، الصادر عن هيئة النزاهة، حين كنت اقدم هذا البرنامج الحواري لأكثر من ٨ سنوات، وهو برنامج توعوي تثقيفي يصب في مكافحة الفساد.
*احتفلت الدول العربية -قبل أيام- بيوم اللغة العربية، ومنها العراق، هذا البلد الذي انطلق منه الحرف الأول والكلمة الأولى، كيف ترين اللغة العربية عند مقدمي البرامج والمذيعين؟
-نعم، لاشك في أن الاحتفال باللغة أمر مهم، الهدف منه إيصال رسائل توعوية من خلال الإذاعة، ورسائل الى من يهمه الأمر، لكن برأيي لا يتطلب من المقدم إجادة اللغة العربية الفصحى بقدر الإقناع، سلامة اللغة ضرورية في النشرات الإخبارية، وبالطبع نجد أن هنالك مذيعين يرتكبون العديد من الأخطاء، وهذا ليس ذنبهم، بل إن السبب يعود الى المؤسسات وعدم اهتمامها بالكوادر الإعلامية وتأهيلهم بصورة صحيحة.

ابنتي وحبيبتي
*كيف هربت أساور عزت من أسوار الإذاعة واجتاحت عالم التلفزيون؟
-ابنتي وحبيبتي، كانت ترافقني في عملي الصحافي وهي بعمر السابعة، وتشاهدني وانا أجري اللقاءات مع الفنانين في المسرح الوطني، وبعدها حتى في التلفزيون كانت تحضر معي، لذا أصبح دخولها إلى هذا المجال سهلاً، فكانت لها رغبة أن تصبح يوما ما نجمة في عالم الفن، وكنت أتوقع أن تدخل عالم الإعلام، لكنها أصرت على أن تكمل في معهد الفنون الجميلة وتخرجت فيه “الأولى في قسم الإخراج”، والآن هي طالبة في كلية الفنون الجميلة/ مرحلة أخيرة.
*لاحظنا دموعاً حارة وعناقاً عندما أعلن عن فوز أساور عزت بأول جائزة في حياتها، ما سبب هذه الدموع؟
-إنها دموع الفرح ودموع الخوف عليها، لا أخفي عليكم أني كنت من المعارضين لدخول أساور مجال الفن خوفاً عليها من هذا المشوار، لأنه مجال يشوبه التعب والجهد، وأيضا مجال لا يخلو من المنافسة، وأقصد المنافسة التي تكون عقبة أمام التقدم والإبداع، فهو في الواقع مجال صعب، والمجتمع أصعب، الفنان يقدم رسالة نبيلة وإنسانية، ويعبر عن هموم المجتمع ومشاكل الشباب، اعتلت أساور المسرح لتسلم جائزة الممثلة الواعدة، وهي فعلا تستحق، لأنها مثابرة في عملها.

مهمة صعبة
*هل تعتقدين أن المواطن العراقي، اليوم، ما زال محباً للإذاعة كما في السابق؟
-للمذياع جمالية خاصة، لما يشمله من منوعات متمثلة بالطرب وفقرات الغناء والإهداءات ومنح المواطن حرية الحديث، أيضا هناك الجوائز والمسابقات التي تمنح المذياع جمهوراً متنوعاً ومن شرائح مختلفة الثقافات والتوجهات، وأنا باعتقادي أن لكل اذاعة جمالية ومستمعين وجمهوراً محباً، وهي مسألة أذواق، لكن جيل الستينيات والسبعينيات كانوا الأكثر استماعا للمذياع.
*أصدقاء الأمس والأحباب.. أين حل بهم الدهر.. وهل يحضرون في حياتك الآن؟
-اختيار الأصدقاء من أصعب المهام التي تواجهنا في هذا الزمن، لذا فنحن دائماً نشعر بالحنين الى أصدقاء الزمن القديم، مع أن أغلبهم رحلوا، أو هاجروا، نعم.. أحن إليهم لتميزهم بالوفاء والحنية، وهو ما قل وندر اليوم، الأصدقاء تختبرهم المواقف الصعبة، واليوم أصبحت الحياة فقط لعلاقات المصالح، لكني أؤمن بوجود صداقات حقيقية تشبه الورد الذي لا شوك فيه..