شحّ الدعم المالي يطيح بالدراما العراقية

326

طه حسين /

تجتمع العائلات خلال شهر رمضان لمتابعة ما تقدمه الفضائيات ومحطات التلفاز من أعمال تاريخية ودرامية وبرامج ترفيهية تشد المشاهد لمتابعتها. وعلى ندرة الأعمال العراقية، فقد شخص المعنيون والمشاهدون على السواء، تراجعاً في مستوى الدراما العراقية المقدمة خلال العام الحالي، ما دفع المشاهد العراقي الى متابعة القنوات العربية والأجنبية، التي حرصت على تقديم المسلسلات الدرامية والبرامج الترفيهية المختلفة التي حازت على إعجابه ومتابعته.
ضائقة مالية
مدير مديرية الدراما في شبكة الإعلام العراقي، المخرج وديع نادر، أوضح في حديث لـ “مجلة الشبكة” أن “شبكة الاعلام العراقي كانت وستظل رائدة في مجال إنتاج الدراما في العراق، إلا أن الضائقة المالية التي تمر بها المديرية، وعدم وجود التخصيصات المالية اللازمة منذ ما يقارب الست سنوات، أثرا بشكل مباشر في إنتاج الشبكة على صعيد الدراما. ومع هذا عملت المديرية -وبجهود استثنائية- ودعم مباشر من رئيس الشبكة ومجلس الأمناء من خلال توفير مبالغ مستقطعة من ميزانية الشبكة لإنتاج عمل أو عملين دراميين خلال السنة الواحدة، بعد فوجئنا بعدم وجود تخصيصات مالية لإنتاج أعمال درامية يمكن تقديمها خلال شهر رمضان من العام الحالي.”
دراما تليق بالمجتمع
أضاف نادر أن “المديرية، وبالتعاون والتنسيق مع إدارة الشبكة، عملت على وضع خطة للنهوض بواقع الدراما المحلية من خلال إنتاج دراما تليق بالمجتمع العراقي وتحاكي الواقع.” كاشفاً عن اختيار أربعة أعمال تلفزيونية ستجري المباشرة بإنتاجها بعد انقضاء العطلة التي تلي شهر رمضان المبارك، من بينها عملان كوميديان، أحدهما سياسي والآخر اجتماعي، إضافة الى عملين دراميين آخرين. مشيراً الى أن الأعمال التي سوف تنتج جرى اختيارها من بين أكثر من 24 نصاً مقدماً من قبل كتاب عراقيين معروفين، منها عمل للكاتب المعروف صباح عطوان “أقوى من الحب”، و “خيط حرير” للكاتب باسل شبيب، وعملان آخران للكاتبين أحمد وحيد ومحمد قاسم. وقد جرى اختيار هذه النصوص بعد عملية فحص وتمحيص من قبل اللجان المختصة بهذا الشأن. لافتاً الى أن الشبكة لها معاييرها الخاصة التي جرى وضعها لإنتاج الدراما، ويكون اختيار تلك النصوص بموجبها.
المنتج المنفذ
ولفت نادر الى أن “غالبية القنوات المحلية غير الرسمية تعتمد بشكل أساسي وكامل على المنتج المنفذ لرصد أموال لإنتاج دراما محلية تقدم خلال شهر رمضان المبارك، إلا أن غالبية المسلسلات التي تنتج تكون بدون رقيب، وبدون متابعة اللجان المختصة بمراقبة وتدقيق الأعمال الدرامية المنتجة محلياً، لذا فإننا نرى أن غالبية تلك الأعمال تكون هابطة، لأننا نعلم أن المجتمع العراقي لا يتقبل أي نوع من الدراما، إلا ما يلامس منها واقعه، او ما يحاكي حياته اليومية. وعلى الرغم من ذلك فإن حرص تلك القنوات –مشكورة- على الإنتاج المستمر للدراما المحلية يعد إنجازاً يحسب لها، إلا أننا نطمح في الارتقاء بمستوى الدراما العراقية للوصول الى مستوى الدراما العربية. ”
تاريخ مشرف
كما أشار نادر الى التاريخ المشرف الذي تفخر به الدراما العراقية، التي تعتبر رائدة في المنطقة العربية، من خلال امتلاكها رصيداً كبيراً من المسلسلات الرائعة والهادفة، التي مازال الكثير منها عالقاً في أذهان المشاهدين، منها -على سبيل الذكر لا الحصر- مسلسلات: “النسر وعيون المدينة” و “الأماني الضالة” و “حفرالباطن”.. وغيرها من الأعمال الكبيرة التي قدمت من خلال شاشة العراقية، مناشداً في الوقت نفسه المسؤولين في البلاد لمد يد العون للمديرية ومساندتها والوقوف معها من أجل العمل على نجاح خططها الرامية الى الارتقاء بمستوى الدراما المحلية, ولاسيما أن البلاد تزخر بمواهب فنية كبيرة ونجوم كبار، إضافة الى وجود مخرجين وكتاب وفنيين مبدعين.
أعمال متميزة
أما مدير مسرح الرافدين، الفنان عمر عبد الرحمن، فقد شدد في حديث لـ “مجلة الشبكة” على حرصه -كفنان عراقي- على المشاركة في الأعمال المميزة والهادفة، التي تقدم المتعة والفائدة للمشاهد من حيث الثيمة والنص والقيمة الفنية للمسلسل المقدم. لافتاً الى أنه لا يهتم لمساحة الدور الذي يشارك فيه بقدر الاهتمام بنوع الشخصية والرسالة اللين تقدمهما تلك الشخصية خلال العمل الدرامي. مشيراً الى أن الفنان العراقي يعاني بشكل كبير من قلة الأعمال المنتجة محلياً، والسبب يعود الى قلة الدعم المادي المقدم من قبل المؤسسات الحكومية المعنية بإنتاج دراما محلية تنافس في محتواها وإنتاجها الدراما العربية والإقليمية، ولاسيما ما يخص الدراما التاريخية، وما نراه من تسابق عربي وإقليمي لإنتاج هذا النوع من الدراما، الذي يشد بطبيعته المشاهد لمتابعته بشغف، لذا فإن الجميع مطالبون بالوقوف وقفة جادة وحقيقية لمساندة قطاع الإنتاج المحلي للدراما العراقية.
وقفة جادة
الفنانة آلاء نجم أكدت لـ “مجلة الشبكة” أن جميع المعنيين بقطاع الإنتاج الدرامي بحاجة الى وقفة جادة لتقييم أداء الإنتاج الدرامي المحلي، وإجراء مراجعة شاملة لتقييم ما يقدم وفق المعايير التي تناسب تاريخ وسيرة الدراما العراقية، لا نخفي على أحد ضرورة إجراء هذه المراجعة لتشخيص مكامن الخلل ووضع الحلول المناسبة لها، ولاسيما أننا نمتلك طاقة جبارة تتمثل بكتاب كبار وفنانين عمالقة على أعلى المستويات من الحرفية والإبداع، ومخرجين وفنيين مبدعين. لذا يجب استغلال جميع هذه العناصر وتوظيفها لصالح إنتاج دراما محلية تليق بالمشاهدين العراقي والعربي، تنافس المسلسلات المنتجة عربياً وإقليمياً، لكن ما يعيق إنتاج مثل هذه المسلسلات هو الجانب المادي وجانب الإنتاج، وكما يعلم الجميع، فإن هذين الجانبين هما من أهم العناصر الأساسية لإنتاج الدراما.