شلـــــــــش بيـــــت الطيــــــــن وصادق أبو الكهوة..ثنائية الفقدان

139

مجلة الشبكة/
تهاوى جسداهما كورقتي خريف من شجرة، كانا هنا يرسمان بالكلمات قصر دفء لأوجاع الذاكرة، لكنهما -وأخيرا- سيستريحان من ثقل الأيام ودورة الفصول، ففي لحظة ما، تكتفي الحياة بما قدمته لفنان ما، وكم يكون مؤلماً المشهد الأخير في حياة الفنانين الذين أثروا الساحة الفنية بأعمال مميزة ماتزال باقية في الوجدان.
فنانون مازالت أعمالهم تطرق باب الذاكرة، أثروا وجداننا ببديع أدوارهم، رحلوا، لكن ما تركوه من إرث فني سيبقى خالداً في وجدان محبيهم. ما بين السينما والمسرح والتلفزيون حلّقا بأجنحة الإبداع، أتقنا الدخول إلى قلوب المشاهدين دون استئذان، وما بين الكوميديا والتراجيديا كان لهما الأثر الواضح.
من منا لا يتذكر (شلش) بيت الطين وما تركه في نفوس المشاهدين، ومن منا لا يتذكر دور المجنون لرضا طارش في (أعماق الأزقة)، تلك الأدوار الصعبة المركبة، التي لا يجيدها الكثير، كانت بوابة العبور لهما إلى ذاكرة الجمهور. كاريكاتير نشر على مواقع التواصل الاجتماعي لنجوم (جاي وجذب) وهم يتحسرون بالقول “مات صادق وما دفعنا الحساب.” ربما مات شلش ومات صادق ولم يدفع لهما شيء، ومازال في جعبتهما الكثير مما يقدمانه بلا مقابل. الفن كان شاغلهما الأول وشغفهما الدائم، لم يكن الربح المادي أو الشهرة في قاموسيهما. كل ما قدماه كان من القلب إلى القلب، ولهذا كانت دموع المشيعين رسالة واضحة لما تركه الراحلان من أثر في نفوس الأصدقاء والجمهور.
اعتزال مبكر
في أحد أزقة مدينة الثورة كانت ولادة فلاح إبراهيم، كان شغفه بالفن مبكراً من خلال مشاركته في المسرح المدرسي والفرق المسرحية آنذاك، حتى تخرج في كلية الفنون الجميلة. يملك في جعبته أكثر من 50 عملاً مسرحياً كممثل، وعشرة أعمال مسرحية كمخرج، وعشرين كسينوغرافي. حصل على العديد من الجوائز: أفضل ممثل واعد عام 1988 عن مسرحية (الغوريلا)، وجائزة أفضل مخرج عام 2000 عن مسرحية (بياض الظل)، وجائزة الدولة للمحترفين عام 2002 عن مسرحية (الهجرة إلى الحب). بعد هذا المشوار الفني أعلن فلاح إبراهيم اعتزاله المسرح احتجاجاً على وضع الفنان العراقي. كان يعتقد أن على الدولة ألا تنظر إلى الفنان على أنه حاجة غير أساسية. ومنذ العام 2017، وفي يوم المسرح العالمي أعلن احتجاجه على تجويع وإذلال الفنان العراقي وعلى محاولة تهميش المسرح، فضل الغربة نتيجة لوضعه الصحي، فضلاً عن الوضع العام العقيم الحلول، والوضع الفني الذي أصبح متعباً جداً ولا يمتلك أي أفق.
بصمة واضحة
في الخامس من تموز 1968 ولد الفنان رضا طارش في مدينة الديوانية، هو ممثل وفنان كوميدي عراقي. كانت أول أعماله مسرحية (جذور الطيب) سنة 1997. كان عاشقاً للفن منذ صغره ودائم الذهاب الى مركز الشباب لتعلم الموسيقى. اكتشف ملكة التمثيل في رضا طارش أخوه الأكبر حينما كان رضا يقدم مشاهد تمثيلية أمام عائلته، ومنذ ذلك الحين شجعته الأسرة على أن يسلك مجال التمثيل. انتقل إلى بغداد ليكمل دراسته في معهد الفنون الجميلة حيث تتلمذ على أيدي خيرة أساتذة الفن، ونهل من خبرتهم الكثير، ليسلك فيما بعد طريق الفن ويترك بصمة واضحة على خريطة الدراما العراقية. كان يتمنى أن يحظى للمثل العراقي باهتمام المؤسسات الفنية، وألا يترك في مهب الريح تتلاطمه رياح العوز والفاقة.