صورة الأم في الدراما العربية
محسن ابراهيم/
بين الاضطهاد والتهميش وسطوة الرجل والانكسار والعجز، تلك هي صورة الأم كما قدمتها الدراما العربية برغم أن دورها في الحياة كان وسيبقى أساسيا، لكن الدراما تصر على اخراجه بشكل غير مؤثر في أغلب المسلسلات, ولعل ثلاثيات نجيب محفوظ ( بين القصرين, السكرية, وقصر الشوق) مثال ساطع على ما أوردنا حيث طغت سطوة الرجل بشكل لافت متمثلة بشخصية (سي السيد).
ولم تخرج الأم في الدراما العراقية والخليجية عن مثيلتها المصرية بتقديم دورها, فغالباً ما نجدها شخصية منكسرة مضحية من أجل ابنائها, في أحسن الأحوال.
والواقع أن الدراما لم تعكس الدور الحقيقي للأم في المجتمع ولم تبرز تضحياتها ورسالتها السامية, وهنا لابد لكتاب الدراما أن يعيدوا صياغة دورها في الدراما لتقدم بشكل حقيقي واساس في الحدث. كما هو دورها في الواقع.
عذراء السينما
تكاد تكون الفنانة أمينة رزق هي الفنانة الوحيدة التي جسدت دور الأم منذ ادوارها الأولى في السينما والتلفزيون, الفنانة أمينة رزق التي لقبت بعذراء السينما المصرية، من أشهر أمهات السينما برغم كونها لم تتزوج، ولم تعش إحساس الأمومة الحقيقي ولكنها أدته أفضل ما يكون، فهي الصبور التي تعشق أولادها والتي لقبت (بأم السينما المصرية)، وظل هذا اللقب لصيقًاً بها حتى وفاتها، وذلك لنجاح الأدوار الفنية التي تقدمها، ومن أشهر أفلامها (غضب الوالدين، مصطفى كامل، التلميذة، صوت من الماضي، دعاء الكروان، بداية ونهاية, الحرافيش, المولد). أما الفنانة فاتن حمامة فقدمت دور الأم ( المودرن) في فيلم امبراطورية ميم. التي ترعي مجموعة كبيرة من الأبناء ولا تجد الفرصة لرعاية شؤونها وحياتها الخاصة حيث عبرت عن تجربة الأم التي فقدت زوجها وترك لها سبعة أبناء فكانت نموذجًا للعطاء والتضحية.
المرأة القوية
الفنانة الراحلة هدى سلطان، أنضمت إلى الفنانات اللواتي اشتهرن بتقديم أدوار الأم المصرية المثالية عبر المسلسلات، خاصة في مسلسل (الوتد)، الذي قدمت فيه شخصية فاطمة تعلبة، والذي عكس صورة المرأة المصرية القوية في أسرتها في القرى والنجوع، ومن أشهر مسلسلاتها (أرابيسك، زيزينيا، الليل وآخره.)
الفنانة كريمة مختار, برغم صغر سنها، إلا أنها جسدت دور الأم ببراعة مع فنانات يقتربن من سنها في فيلم (الحفيد)، وهو الدور الذي لاصقها طوال مشوارها الفني، ومن أشهر أعمالها أفلام (وبالوالدين إحسانا، الحفيد، رجل فقد عقله)، ومن أشهر أدوارها (ماما نونة)، في مسلسل (يتربى في عزو)، مع النجم يحيى الفخراني حتى أن نجاحها في هذه الشخصية جعل المقربين منها يطلقون عليها لقب (ماما نونة)
الدراما العراقية
لأن الدراما العراقية لم تكن سوى جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، فانها طرحت قضايا الأمومة بين قصصها، وخصصت أعمالاً كاملة تحاكي واقع الأمهات ومعاناتهن وبرغم ذلك، لم تظهر الدراما العراقية الأم بشكل كبير، بل استمرت في اعتبارها شخصية هامشية بعيدة عن التأثير على الحبكة الدرامية. الا في بعض الأعمال مثل دور الفنانة عواطف السلمان في مسلسلي (سيدة الرجال وأمطار النار) ودور الفنانة فوزية عارف في مسلسل عالم الست وهيبة ,ودور الفنانة آسيا كمال في مسلسل رازقية. وما زال الاعتقاد الخاطئ يعتبر الأم كائنا ضعيفا. وظهر ذلك جليا في ادوار الفنانة سهام السبتي التي تعتبر من اهم الأسماء التي قدمت دور الأم في الدراما العراقية , فضلا عن ادوار الفنانة فاطمة الربيعي في عدة مسلسلات منها الذئب وعيون المدينة, والفنانة سعدية الزيدي في مسلسل الأماني الضالة , فضلا عن الأدوار التي قامت بها الفنانات سليمة خضير وانعام الربيعي وساهرة عويد وسمر محمد, دور الأم لم يقتصر على الرعيل الأول من الفنانات، بل ان هناك فنانات في مقتبل العمر قد أدين دور الأم امثال ( هند طالب في مسلسل بنت المعيدي, وزهور علاء في مسلسل حفيظ).
كتاب الدراما
هناك تقصير حقيقي من كتاب الدراما خاصة في أدوار الأم، فنحن نحتاج الى دور الأم البطلة التي تكاد تختفي من الخارطة الفنية وهذا لايلبي متطلبات المجتمع الذي يسعى لجعل دور الأم أعمق وأشمل, ولابد لنا من أن نغوص أكثر في شخصية الأم ما يدفع كتاب الدراما لتقديم أعمال تقدم الجانب المشرق في تلك الشخصية ومن الضروري التركيز على نضال الأم في المجتمع فهناك قصص ونصوص لأحداث حقيقية ممكن أن تستثمر في تنفيذ اعمال درامية تظهر المعدن الحقيقي للأم المثالية.