طيف القطر لـ (الشبكة) : جمهور المقام نخبوي ومطربه له مكانة كبيرة
أحمد سميسم _ عدسة: صباح الربيعي /
فنان شاب أظهر إمكانية كبيرة في فن المقام العراقي، وتمكن أن يخط لنفسه لوناً مميزاً فيه، حيث صار منطلقاً لنجوميته. تتلمذ على أيدي كبار أساتذة المقام في معهد الدراسات النغمية فأتقن أصول الغناء بحرفية عالية وحظي بإشادة من المختصين.
إنه قارئ المقام العراقي الفنان “طيف القطر” الذي حل ضيفاً على “مجلة الشبكة” فكان لنا معه هذا الحوار:
ابن المقام
* لماذا اخترت لون المقام العراقي رغم صعوبته في حين لم تجذبك الأغنية الحديثة مثلا؟
– المقام العراقي هو الذي يختار القارئ، هكذا أرى الأمر، فهو كالكيمياء و بطبيعة الحال الفنان ابن بيئته، وأنا ابن المقام نشأت وترعرت في كنفه و مازلت أنهل من منبعه، أما عن الأغنية الحديثة فأنا لست ضدها شريطة أن تكون ذات كلام ولحن رصين يناسب الذائقة العامة.
الارتقاء بالذائقة
* من شجعك وأخذ بيدك لتصبح مطرباً؟
– تلقيت الكثير من كلمات التشجيع ومن أسماء مهمة جداً مثل عميد معهد الدراسات النغمية الأستاذ ستار ناجي والمعاون الفني الأستاذ حيدر شاكر، و أستاذ العود في المعهد مصطفى زاير، والموسيقار سليم سالم، لكن أود ان أخص بالذكر الأستاذ صباح هاشم أستاذ المقام العراقي في معهد الدراسات الموسيقية الذي واظب على تعليمي أصول المقام بتفاصيله ولم يبخل علىّ بأية معلومة من شأنها ان تزيد او تشذب إمكانيتي في أداء المقام، كذلك السيدة الفنانة التشكيلية بشرى سميسم التي ترسم طريقي مُذ عرفتها فكانت أُمّاً و سنداً وعوناً أكن لها الامتنان والاحترام .
* ما طموحك مستقبلا ؟ او بماذا تحلم ؟
– الطموح لا يتوقف عند حد، ففكرة اليوم هي مشروع المستقبل، أتمنى ان أسجل جميع المقامات بصوتي كي يكون ذلك آرشيفاً تأريخياً، فنحن اليوم في خطر كبير لأن المقام العراقي في انحسار، وأسعى لتكوين مؤسسة ولو (بشكل مصغر) داخل العراق تعنى بالشأن المقامي من ناحية القراءة والعزف ايضاً، لكن العين بصيرة واليد قصيرة كما يقال، أتمنى أن ألقى الدعم لهذه الفكرة كي نرتقي بالذائقة.
* يقال إن مطربي المقام أقل حظوة وشهرة قياساً بالمطربين الآخرين، هل هذا صحيح ولماذا ؟
– هذه المعادلة، وإن صحّت، لكنها خاطئة، فمطربة الحي لا تطرب، ممكن أن يكون المطرب أقل حظوة في بلده لكنه ما أن يشمّر عن ساعده و يتوجه الى أحد البلدان العربية او الغربية، فترى أن الحظ يبتسم له هناك ولأسباب يعرفها القاصي والداني، إذ أن قلة الإهتمام وعدم تسليط الأضواء على مطربي المقام جعلهم في عداد المنسيين.
سفير المقام
* هل تستهويك المشاركة في برامج المواهب الغنائية لتبرز طاقاتك ويكون لك اسم معروف؟
– أطمح لهذا الشيء على الأقل لتعريف بهويتنا وتراثنا، أنا أرى أن العالم العربي لم يسمع إلا الشيء اليسير من المقام العراقي وأتمنى أن أكون سفيراً للمقام العراقي مستقبلاً كي أجعل العالم يعي ماهية المقام العراقي، ومثل هذه البرامج التي لها متابعون من كافة أنحاء العالم تمثل فرصة كبيرة بالنسبة لي. أضرب لك مثلاً الأستاذ عامر توفيق وكيف أصبح معروفاً بين ليلة وضحاها من خلال برنامج المواهب العربي The voice.
*هل لديك موهبة أخرى غير الغناء ؟
– نعم، فأنا أعزف على آلتي القانون والسنطور بما يمكّنني من معرفة كيفية الانتقال بين نغم وآخر والأبعاد الموسيقية التي أجوبها في غنائي، بمعنى أنني هاوٍ ولست محترفاً.
* برأيك، هل مازالت هناك أهمية وحضور لافت للمقام في المشهد الغنائي العراقي وسط موجة الأغاني السريعة والهابطة ؟
– كثرة الفضائيات والقنوات الغنائية التي تبث سموم السمع لتخريب الذائقة و فن الاستماع جعلت المتلقي في حيرة من أمره، فهي مفروضة عليه دون أن يعي ذلك. لا أنكر أنها طغت على جميع ألوان الغناء العراقي الرصين على حد سواء، وليس المقام فقط ، ففي الآونة الأخيرة بدأ الشباب، وأقول الشباب لأنهم هم المعنيون بهذه الموجة السريعة، يميلون الى هذه الألوان الطارئة والدخلية التي ليس لها طعم ولا لون ولا رائحة.
* ما رأي مطربي المقام بصوتك؟ وهل من أشاد بصوتك وقدراتك الغنائية من الفنانين المعروفين؟
– الحمد لله أن اكثر مطربي المقام أشادوا بصوتي وإمكانيتي منهم الأستاذ الحاج حامد السعدي، و سفير المقام الاستاذ حسين الأعظمي، والمطربان الكبيران ياس خضر وحميد منصور أيضا أشادا بأدائي في مقام “المدمي” في حفل يوم الموسيقى العالمي حيث كانا من الحضور، كذلك الرائعة المتألقة أمل خضير.
* هل تؤدي جميع أنواع المقامات؟ وبأي مقام تميزت وأبدعت ؟
– أتقن جميع المقامات دون استثناء، وتميزت بمقامات الحجاز، وديوان، و النوى.
جمهور المقام
* لمن تسمع من المطربين؟
– أستمع لأغلب مطربي المقام، كما أستمع الى باقي المطربين كمحمد عبد الوهاب وأم كلثوم وكاظم الساهر.
* هنالك نظرة قاصرة تجاه غناء المقام العراقي من حيث أن جمهور هذا اللون الغنائي هم فقط من كبار السن وليس للشباب مكان بينهم بماذا تعلق؟ وهل استطعت أن تغير تلك النظرة كونك مطرب مقام شاباً؟
– إن هذه النظرة القاصرة منحتني جمهوراً نخبوياً، وجعلتني أقف في مضمار الرفعة والسمو، لذلك فهي ليست مفارقة أن أكون شاباً وأقرأ المقام فما الضير في ذلك لأنه لو تتبعنا أثر الكبار من أمثال القبانچي ويوسف عمر والغزالي لوجدناهم مثلي تماماً فهم بدأوا شباباً أيضاً وأَجِد أنني ضمنت جمهور كبار السن لذلك.
* لفت انتباهي أن اسمك “طيف القطر”، هل والدك اسمه قطر أم ماذا ؟
– ليس كذلك، القطر هو أحد المقامات العراقية النادرة يقال إنه أحد الأنغام الفارسية المندثرة عُرف عندهم باسم (القتار) حسبما جاء على لسان أحد الموسيقين، والعهدة على القائل، إذ أوجد هذا المقام الراحل العظيم الأستاذ محمد القبانچي وجعل منه مقاماً كاملاً وهو فرع من الحجاز وتراكيبه و صياغته في منتهى الروعة، فاختياري لاسم “القطر” جاء للتعريف بأنواع المقامات وجعلته ملاصقاً لاسمي كي يثير الفضول لدى المتلقي عن ماهية الاسم.