عازفة القانون زهراء نائل: كسرتُ حاجزَ المألوف!

480

أحمد سميسم- تصوير: حسين طالب /

بأناملها الذهبية يحلق خيالها عالياً في فضاء الموسيقى، فلا حدود، أو قيود، تفصلها عن صديقتها ورفيقة حلها وترحالها “آلة القانون”، التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من كينونتها الشخصية والفنية.
مهارتها العالية أذهلت كل من استمع إلى عزفها المتقن، شاركت في العديد من المناسبات والحفلات الفنية الرسمية والشعبية، لعل أبرزها حفل استقبال بابا الفاتيكان، وحفل الذكرى المئوية لتأسيس الدولة العراقية في القصر الرئاسي، وألق بغداد للموسيقار نصير شمة، وغيرها من المناسبات. تؤمن بأن العزف الموسيقي لم يكن حكراً على الرجال، بل إن المرأة المبدعة شريكة في بث الجمال والحياة لوطن أجمل، تسعى إلى تحقيق حلمها في نيلها الشهادة العليا في مجال الموسيقى.
عازفة آلة القانون في الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي الفنانة الشابة زهراء نائل كانت في ضيافة “الشبكة” عبر هذا الحوار:
* متى وكيف بدأت رحلتك في العزف؟
– بدأت رحلتي الممتعة في العزف الموسيقى حين قررت ان أتخصص أكاديمياً في العزف عبر دخولي معهد الفنون الجميلة قسم الموسيقى، هاجس الموسيقى كان يطاردني منذ البداية وأحسست أن لدي شغفاً عالياً في هذا المجال، وتوقعت ان أحقق نجاحاً طيباً.. وهذا ما حصل، لله الحمد.
شغف بآلة القانون
*هل هناك قصة أو حدث ما جعلك تختارين آلة القانون دون غيرها من الآلات الموسيقية لتكون رفيقتك في المهرجانات الفنية؟
-كان اختياري آلة القانون لشدة حبي وشغفي بها، وهناك سبب آخر هو أن والدي من عشاق هذه الآلة، لذا فقد حثني على التخصص بها دون خوف أو تردد، فاستطعت أن أكسر حاجز المألوف عبر اختياري لهذه الآلة التي غالباً ما يعزفها الرجال، وهي من الآلات البارزة في التخت الشرقي، التي لها مساحتها الصوتية البارزة، فضلاً عن إمكانيتها في إعطاء المقامات الموسيقية كافة.
*هل عانيت من نظرة المجتمع القاصرة أحياناً تجاهك كونك فتاة شابة تمتهن مهنة العزف وسط مجتمع ذكوري متزمت؟
-لا أخفيك سراً، فقد عانيت كثيراً من نظرة المجتمع القاصرة تجاه المرأة المبدعة العاملة في مجال الفن، ولاسيما في مجال الموسيقى، وعلى وجه الخصوص المرأة الموسيقية التي لم تسلم، حتى الآن، من الظنون السيئة والكلام الجارح، ليس على شيء سوى أنها تعمل بشرف في تخصصها الموسيقي، لذا أتمنى أن نغادر هذه العادات والتقاليد المحبطة للفرد وأن ننفتح على المجالات والعوالم المختلفة دون قيود أو حدود، تلك التي نصنعها بأنفسنا مع كل الأسف.
آلة الكمان
*برأيك.. هل هناك من الآلات موسيقية ما تصنف على أنها رجالية أو نسائية من حيث طريقة وأسلوب العزف عليها؟
-غالبية الآلات الموسيقية مشتركة في العزف بين الرجال والنساء، لكن بعض الآلات ممكن أن تصنف على أنها رجالية أو نسائية، مثلاً آلة الكمان غالبية عازفاتها من العنصر النسوي، بينما آلة العود غالبية العازفين عليها من الرجال.
*بعيداً عن الموسيقى.. هل لديك هواية تمارسينها بشغف عال؟
-أحب قراءة القصص والروايات، فهي تستهويني كثيراً، تأخذني إلى عالم جميل خال من الضجيج والصخب اليومي.
*ما حلمك الذي تسعين إلى تحقيقه؟
-أسعى إلى تحقيق حلمي في نيل الشهادة الدراسية العليا في مجال الموسيقي، كذلك إقامة الكونسرتات الموسيقية الخاصة.
*من صاحب الفضل عليك في دعمك فنياً؟
-يعود الفضل الكبير، بعد الله سبحانه وتعالى، في تقديم الدعم الفني لي، إلى رئيس الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي المايسترو الفنان علاء مجيد.
المقامات الموسيقية
*كان لديك شغف منذ الصغر بأن تصبحي فنانة تشكيلية، ما الذي غير تلك البوصلة نحو الموسيقى؟
-هذا صحيح، كان لدي شغف كبير في أن أصبح فنانة تشكيلية، لكن شاءت الأقدار أن تتغير البوصلة من الفن التشكيلي إلى الموسيقى، وما أجملها تلك اللحظة المتحولة من فن إلى آخر.
*برأيك ما الخصوصية الموسيقية التي تتمتع بها آلة القانون؟
-جمال صوتها وروعته، وإظهار جميع المقامات الموسيقية، كما أنها آلة شرقية بحتة، وهي سيدة التخت الشرقي.
*ما الصعوبات التي تواجه العازفة العراقية اليوم؟
-نظرة المجتمع القاسية الظالمة جداً تجاه المرأة العازفة الموسيقية، على الرغم من أن الموسيقى حالها حال المجالات الفنية الأخرى.
*كونك إحدى أعضاء الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي بقيادة المايسترو علاء مجيد، ما الذي منحتك إياه هذه الفرقة؟
-الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي، بقيادة المايسترو علاء مجيد، منحتني ميزات عدة، أهمها أني تعلمت كيف أواجه الجمهور وأتغلب على الخوف وأنا أقف أمام جمهور غفير، فضلاً عن أن الفرقة صنعت مني موسيقية ناجحة، أفتخر بكوني إحدى أعضاء هذه الفرقة العريقة التي تضم أسماء لها تأريخها في عالم الموسيقى.
*حدثيني عن موقف محرج حصل لك أثناء عزفك على المسرح؟
-لا أنسى تلك اللحظات عندما ظهرت في أول لقاء لي، فقد كنت خجولة وخائفة وأنا أرى الجمهور الكبير أمامي، كانت رهبتي كبيرة في حينها.
*هل تعتقدين أن المرأة العازفة بدأت تنافس الرجل العازف من حيث المهارة والحضور والأداء الموسيقي؟
-بكل فخر، المرأة العازفة أصبحت تنافس الرجل من حيث المهارة والحضور والأداء والالتزام، ليس في مجال الموسيقى فحسب، بل في مجالات الحياة المختلفة، فلدينا أسماء نسائية غنية عن التعريف نفخر بها وبما تقدمه من إبداع وحضور اجتماعي.
*ما الشيء الذي قد يزعجك وأنت تمارسين العزف من على المسرح؟
-يزعجني جداً صوت الأطفال حين أكون مندمجة في العزف من على المسرح.
*بماذا تنصحين الفتيات ممن لديهن رغبة في تعلم العزف الموسيقي؟
-أشجع الفتيات ممن يرغبن في دخول مجال الموسيقى وأشد على أيديهن، سواء في بغداد أم في المحافظات الأخرى.
*وأنت في حال خلوٍّ مع نفسك.. هل تمارسين العزف في البيت؟
-في أوقات الفراغ أستمع إلى الموسيقى وأعزف بعض المقطوعات الموسيقية القريبة إلى قلبي.
*هل تبكيك آلة القانون أحياناً؟
-تُبكيني آلة القانون أحياناً، كما أنها تفرحني أيضاً، لأنها تلامس روحي، كونها الصديقة المقربة بالنسبة لي.