عازف العود لـ “الشبكة”: مصطفى زاير أجيد التحدث بلغة الموسيقى

864

محسن إبراهيم/

الموسيقى هي لغة النفوس، والألحان نسيمات لطيفة تهزّ أوتار العواطف. هي أنامل رقيقة تطرق باب المشاعر وتنبّه الذاكرة، فتنشر هذه ماطوته الليالي من حوادث أثرت فيها. هذا ماقاله جبران خليل جبران. وما أجمل أن تختارك الموسيقى وتشعر أنه قدر جميل وما أجمل أن تتحدث بلغة الموسيقى وتطرق أبواب الحلم لتسعى وتحقق ماهو أكبر من الحلم..
عازف العود مصطفى زاير شاركنا رحلته وأحلامه في هذا الحوار:

صباحك يا بغداد أجمل

*كيف دخلت عالم الموسيقى وارتقيت سلَّمها لتصل إلى ما أنت عليه؟

-الموسيقى هي من اختارتني عندما كنت بعمر 16سنة، وكنت أشعر بمسؤولية هذهِ المهمة، وأتجاوز في البدايات عدم رغبة الأهل بوجودي في هذا المجال وكذلك كنت، ومازلت، أرى حلمي وأسعى إليه ولا أرضى عن أي مشروع أو منجز يتحقق وعيني دوماً تتجه إلى أشياء أكبر أسعى إليها.

*ما الذي جعلك تختار أن تصبح موسيقياً؟

-شعرت أن الموسيقى قدرٌ جميل لي، وأصبحت أجيد التحدث بهذهِ اللغة، وأعتقد أن القدر منحني مهمة كبيرة من أجل الموسيقى العراقية والعود العراقي خاصة بعد التغيير وبعد غياب أغلب رموز البلد وهجرتهم إلى الخارج.

*اذا أردت أن تعيد خلق صوت من طفولتك فماذا سيكون؟

– خلقت هذا الصوت في أحد أعمالي الذي أسميته (صباحك يا بغداد أجمل) وكانت الأجواء والأصوات التي كنت أستمع لها وطقوس الصباح التي كان يقوم بها والدي رحمة الله عليهِ.

*هل لدينا بيئة صحية لصناعة فن موسيقي جاد؟

-البلاد التي تحمل تاريخاً وإرثاً كبيرين هي من تقاوم التغييرات التي تحصل كافة, ففي الشرق الأوسط لاتخف على بلدان مثل العراق ومصر وإيران وتركيا لأنها هي مصدر الإلهام والتأثير على المناطق المحيطه بها.
مؤسسات وزارة الثقافة غير منتجة!

*الاهتمام بالنواحي العلمية للموسيقى مطلوب، كيف ترى حال خريجي معهد الدراسات الموسيقية (النغمية سابقاً)، خاصة أنك أحد خريجيه؟

-هذهِ الإجابة ستكون مطولة قليلاً وأتمنى أن تُقرأ من المسؤولين في الحكومة وأصحاب القرار، هناك خطأ كبير من قبل الحكومة ومن قبل وزارة الثقافة، ولكل مشكلة يجب أن تكون لها الحلول المناسبة. هنالك أجيال كثيرة تتخرج على مدى سنوات عديدة مضت وكانت الدولة تخسر أموالاً بدون فائدة وذلك بسبب انعدام التخطيط او الانفراد بالـ( أنا )لكل مسؤول يأتي الى قيادة الحركة الموسيقية, الحل ببساطة أن المراكز الرئيسة في وزارتي الثقافة والتعليم التي تُعنى بتعلم الموسيقى أصبحت غير منتجة للدولة وللمتعلم. الحل أن نقوم بإنشاء (كونسرفوتوار – معهد عالٍ للموسيقى) ونقوم بجلب كوادر من خارج العراق تقوم بمهمة تأسيس أجيال وتحديد مناهج علمية مثبتة في أنحاء العالم كافة، وكذلك يكون هذا المبنى المهم أسوة بكافة الدول العربية وفي العالم وأن تكون لدينا دار أوبرا ومسارح صغيرة وتكوين أوركسترا خاصة بالآلات الموسيقية التراثية العراقية (وهذا ما طرحته قبل أكثر من سبع سنوات لكن دون استجابة للأسف). ستكون النتيجة بعد سنوات أن البلد سوف يكون فيه ثراء فني من النواحي البشرية والفنية والمادية في الموسيقى.

*برأيك هل حصلت تعديلات على المناهج الموسيقية في المعاهد والمدارس الموسيقية العراقية؟

– للأسف فإن الموسيقى ودراسة الموسيقى هما جهد فردي وليست هناك عملية تخطيط للبناء ومازالت الجهود للمميزين هي جهود فردية.
صراع الأجيال إيجابي

* صراع الأجيال بين الفنانين الشباب مع من سبقوهم في تجربة الفن، ما تأثير ذلك على مستقبل العود؟

-الصراع بين الأجيال مهم جداً لتطوير ومواكبة المسار الفني في العالم، وهو موجود دوماً وإيجابي ولكن بالنهاية سيكون الشاب كبيراً بالعمر وسيأتي من بعدهِ من الشباب من يبدأ برؤيا جديدة، وهكذا هي الحياة حتى تستمر.

*لعمليتي العزف والتلحين دوافع عديدة ماذا تقول في ذلك؟

-التلحين شيء والعزف شيء آخر، من الممكن أن يكون أي شخص عازفاً لأنه هنا سيعتمد على العلم والتدريب وسيكون عازفاً جيداً يجيد أداء ما مكتوب من موسيقى، أما التلحين أو التأليف الموسيقي فهو موهبة بالدرجة الأولى تصقل بالتعليم والتجربة إضافة الى الذكاء في صياغة الألحان والجمل الموسيقية, أما عن الدوافع بالنسبة لي فإن العمل الموسيقي مرتبط بما يدور حولي من حكايات وقصص أسمعها وأعيش أغلبها، والعمل الموسيقي بالنسبة لي هو تطبيق ذلك الصوت الغريب الذي يصلني من السماء ولا أحد يسمعه سواي فأحاول نقله الى الواقع ليستمع له الجميع.

الموسيقي الناجح

*ما هي مواصفات الموسيقي الناجح؟

-الموسيقي الناجح هو الذي يجيد هذهِ اللغة، ويجيد نقلها الى الناس والمجتمع بشكل لائق ويكون مؤثراً بمحيطه ويمنح المكان الذي يذهب إليه مايملك من طاقة إيجابية.

*هل ترى أن الموسيقى هي انعكاس للإرث المحلي؟

-الموسيقى والفنون بشكل عام هي انعكاس للإرث المحلي والإنساني والموروث, والإرث ليس من السهل الوصول إليه بل أنه بحاجة الى تجربة وممارسة لاتتحقق بالدراسة العلمية فقط.

*لكل عازف ملامح محددة، ما ملامح أسلوبك العزفي؟

-العراق والعالم العربي فيهما الكثير من المميزين ونحن لدينا رموز مؤثرة في جميع عازفي العود في العالم، أنا ببساطة ابن للمدرسة العراقية، محب للعود العربي، محب لمقدرة المدرسة التركية، محب للتطور في الموسيقى العالمية، وأقوم بهذهِ الخلطة في عزفي وفي ما أكتب من أعمال.