فنانون وأدباء ومثقفون يؤبنون فنان الشعب يوسف العاني رحيل سيد المسرح

1٬104

ودع العراق بحزن كبير فنان الشعب ورائد المسرح العراقي يوسف العاني الذي رحل يوم الأثنين الموافق 10/10/2016 في أحد مستشفيات عمان عن عمر ناهز (89) عاما، وبعد صراع طويل مع المرض الزمه الفراش مؤخرا.

أثرى العاني الساحة الفنية لا سيما المسرح العراقي بعطائه الزاخز الثر لعقود طوال، كما تخرجت من بين يديه أجيال من المواهب التي أصبحت فيما بعد نجوماً في عالم الفن العراقي

رحل يوسف العاني المربي القدوة تاركاً أسى وغصة كبيرين في قلوب محبيه وكل من عاصره وعمل معه، وبذلك يكون الفن العراقي قد خسر ركناً من أركانه وعموداً من أعمدة الفن العراقي.

“الشبكة” رصدت كلمات التأبين التي سجلها فنانون ومثقفون وأدباء في رحيل العاني:

وزارة الثقافة

فقد نعى وكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار فوزي الأتروشي الفنان العراقي الكبير وقال في برقية التعزية “ اليوم يفقد العراق أحد الرموز الكبيرة التي أسست للفن العراقي الأصيل، وبهذه المناسبة الأليمة أتوجه بالتعازي الحارة الى عائلة الفقيد داعياً الباري ان يتغمده بواسع رحمته وفسيح جناته.

استاذ الأجيال

وقال الفنان عزيز خيون: «وفاة العاني تعد نهاية فترة مهمة في تاريخ الثقافة العراقية.. كاتباً وممثلاً، من الصعب أن يجود الزمن بمثله. غادرنا جسداً وسيظل ابداعه خالداً، في ضمير المسرح، لن ينساه الزمن.. طال أم قصر»..

فقدنا قيمة رائدة

وقال الفنان د. جبار جودي العبودي، أنه واحد من رموز الفن العراقي.. نشعر بنكبة.. رموزنا تتهاوى، والبركة بالبدائل الشابة؛ لأن فقده خسارة كبيرة».

وعزى المخرج كاظم النصار، الفنانين وعموم المثقفين، خاصة المسرحيين والسينمائيين، وقال أتمنى أن يشيع جثمانه في بغداد، بموكب مهيب، فهو رمز خالد لن يزول.

سفيرة العراق في الاردن صفية السهيل، نشرت على صفحتها في «الفيس بوك» تعزية بوفاة الراحل الكبير يوسف العاني جاء فيها «ببالغ الحزن والأسى نتقدم الى الشعب العراقي بالمواساة بوفاة الفنان القدير يوسف العاني عن عمر ناهز 89 عاما بعد معاناة طويلة مع المرض، ليترك لنا العديد من الأعمال الفنية العظيمة التي تخلد ذكراه وحبه للوطن، ونحن إذ نعزي انفسنا وذوي الفقيد والشعب العراقي برحيل أحد كبار القامات الفنية العراقية فاننا نسأل الله العزيز القدير أن يتغمده برحمته الواسعة في جنات النعيم وان يلهمنا وذويه الصبر والسلوان».

الفنان والمعلم

الفنان فلاح ابراهيم، قال: «خسر العراق فناناُ ومعلماً وقامة مسرحية كبيرة، سيرته الفنية غنية بالابداعات؛ فالراحل اسم مسرحي مهم على المستويين العالمي والعربي، أعماله الكبيرة على مستوى التمثيل والتأليف كانت وستبقى عالقة في أذهان الجمهور، فالحديث عن حياته هو حديث عن تاريخ المسرح العراقي».

وقال الصحفي الكبير حسن العاني، أن العاني «علم على مستوى العراق والعالم، يشار له بالبنان، مؤسس الحداثة في الفن.. كاتب مهم، ذو روح تتجلى القيم الكبرى في سلوكه العام.. من حقه على الشعب العراقي والشعوب العربية، ان تحتفظ بذكراه».
وقال الفنان فاضل خليل: «كنا وسنظل رهيني فضله على الفن والثقافة العراقية، بما قدم من أعمال كبرى، وما كتب وأسهم في إنشائه من تقاليد ثقافية مهمة، ستظل خالدة في ذاكرة الأجيال.. رحم الله العاني، وسدد خطى تلاميذه على طريقه المثالي.. النبيل».

الفنان محمد هاشم، قال: «تعلمنا منه مثاليات الفن، التي ستبقيه حاضرا، في ذاكرتنا، كلما اشتغلنا على خشبة مسرح أو أمام كاميرا تلفزيونية أو سينمائية».

ضريح لائق

الفنانة الكبيرة فاطمة الربيعي، قالت “لقد فقدت الثقافة العراقية قامة كبيرة، متمنية على الحكومة بناء ضريح يليق بشخصه، وأضافت «لم يدخر وسعا في تطوير الفن العراقي، طوال حياته، لذا أرجو ألا تبخل الدولة عليه بضريح لائق بتاريخه».
وقال الفنان مازن محمد مصطفى «في موته درس بليغ للأجيال اللاحقة، في أن تظل تعمل حتى الرمق الاخير.. رحم الله العاني، كان موسوعة ودروساً في حياته ومماته».

وقالت الفنانة آلاء حسين: «نقف حدادا على روح خالدة، غادرت جسدا قدم الكثير للثقافة العراقية، نتأمل في عطائه، فنتذكر وجوب التواصل مع ذواتنا؛ بغية تحقيق مستوى فني حقيقي».

الرائد الجليل

الكاتب والصحفي عبد الستار البيضاني قال: أعزي جموع الفنانين العراقيين والعرب إذ بوفاة الرائد الجليل يوسف العاني يكون المسرح العراقي والعربي قد فقد ركنا من أركانه المهمة التي عملت خلال سنوات طوال على ترسيخ فن المسرح العراقي والعربي وتأكيد أهمية الفنون في ترصين وتجميل الحياة الاجتماعية والارتقاء بالذائقة الانسانية لتحقيق حياة متوازنة وعادلة يكون فيها الانسان حراً وقادراً على أن يرتقي الصعاب ليكون كما يحلم أن يكون، غادرنا المربي والمعلم يوسف العاني بتأريخه النضالي الناصع ومواقفه الوطنية المشرفة تاركا إرثا من الإنجاز المسرحي كتابة وتنظيرا وحضوراً خالداً في الضمير الجمعي للمجتمع العراقي..

خيط البريسم

الفنانة عواطف نعيم قال: رحلت ومارحلت .. ثمة قهر يوخز القلب.. ثمة دين.. وعرفان.. وتاريخ مع فاضل البلام.. شريعة ابن طومان.. ياخيط البريسم ورائحة القهوة.. رفقا به أيها المنون.

الكاتب والمخرج سعد هدابي قال: الحديث عن الأستاذ الراحل يوسف العاني يطول كثيراً لو أردنا الخوض في تفاصيل كثيرة فهو موسوعة عراقية فنية متنوعة فهو الفنان الرائد والناقد الكاتب والممثل المسرحي العملاق.

فتحنا أعيننا في بداية نشأتنا وكان أمامنا هرم كبير في المجال المسرحي والسينمائي وكنا ننظر اليه بشغف في نهاية الستينات وما بعدها لنتمتع بما يمتلكه من قدرات هائلة في التمثيل المسرحي فهو المعلم بحق.
الفنان حسن حسني قال:

موكلت ما أموت ليش استعجلت

أنت عايش بينه صدّك ما متت!

الفنان حقي الشوك:عبود لن يغني بعد!

الكتاب والسيناريست الفنان حامد المالكي قال: العائلة المسرحية العراقية الكبيرة تودع عميدها وأيقونة اجيالها، في الغربة بعيدا عن وطن سيلفظنا واحدا تلو الآخر. فنان المسرح العراقي الأستاذ يوسف العاني في ذمة الخلود، البقاء للباقي ابدا، ويوسف العاني سيبقى خالدا في خزائن ذاكرة ووجدان الأمة العراقية.

الكاتب جعفر ياسين قال سؤال الى النفس وهي في حيرتها الموجعة واساها المرير هل حقا غادر والى الأبد يوسف العاني بعد أن ملأ دنياه بما كان يفيد ويؤنس الناس في حياتهم. كان رائدا حقا وهو يغذي سيره في اوحش الطرق لقد اختار ومضى وها هو الان يمضي بعيدا عنا وداعا ابو يعكوب.

منجز العاني

ويعد العاني من أبرز فناني المسرح والسينما في العراق منذ أربعينات القرن الماضي.
واشتهر العاني ممثلا في عدد من أشهر الأعمال المسرحية والسينمائية والتلفزيونية العراقية، كفيلم “سعيد افندي” عام 1957 ، ومسرحيات أمثال “النخلة والجيران” 1968 عن رواية الكاتب غائب طعمة فرمان، و”البيك والسائق” المعدة عن مسرحية بونتيلا وتابعه ماتي للكاتب المسرحي الألماني برتولد برخت، و”الانسان الطيب”، و”بغداد الأزل بين الجد والهزل” وغيرها.

ولد العاني في بغداد عام 1927 وتخرج في كلية الإدارة والاقتصاد في بغداد وعمل معيدا فيها، قبل ان يتفرغ لاحقا كليا للعمل الفني. وقد شهدت دراسته الجامعية بدايات انطلاقته الفنية عندما أسس أول فرقة مسرحية ابان حياته الطلابية.

الكتابة النقدية

ولم يقتصر نشاط العاني على التمثيل، بل اشتهر ايضا بكتابته عددا من المسرحيات وممارسته للكتابة النقدية عن السينما، فضلا عن الإدارة الفنية إذ عمل مديرا لمصلحة السينما والمسرح في العراق التي أسست في العراق أواخر خمسينات القرن الماضي.

عرف العاني بنهجه الواقعي النقدي في أعماله المسرحية والسينمائية والتزامه بالتعبير عن هموم الفئات المسحوقة في المجتمع العراقي، بقدرته على التقاط خصوصيات الحياة العراقية وشخصياتها الشعبية التي يقدمها في مواقف تحتوي على لمسة من النقد والسخرية التي يبرع العاني في استخدامها.

ويمكن تقسيم منجز العاني في الكتابات المسرحية الى مرحلتين الأولى التي سبقت الاطاحة بالنظام الملكي في العراق عام 1958، حيث قدم مجموعة المسرحيات الاجتماعية القصيرة من أمثال “رأس الشليلة” 1951 و”حرمل وحبّه سوده” 1952 “أكبادنا” 1953و”تؤمر بيك” 1953 و”فلوس الدواء” 1954 و”ستة دراهم” 1954 و”آني أمك يا شاكر” 1955، وغلب على الكثير منها الطابع الكوميدي الساخر، كما يمكن تصنيف بعضها في سياق المسرح السياسي والتعبير عن اهتمامات الاحزاب الوطنية العراقية الايديولوجية في تلك الحقبة.

وفي المرحلة الثانية بدت مسرحيات العاني أكثر نضجا ودربة فنية لاسيما بعد تعرفه على المسرح الملحمي لدى برخت وتأثره به، ومن أبرز أعماله في هذه المرحلة “المفتاح” و”الخرابة” و”صورة جديدة” و”الشريعة” و”الخان”.

المسرح الفني الحديث

وارتبط اسم العاني بفرقة المسرح الفني الحديث، احدى ابرز الفرق المسرحية في العراق، التي اسسها بالاشتراك مع الفنان الراحل إبراهيم جلال عام 1952.

وقد وصفه الناقد المسرحي المصري الدكتور علي الراعي في كتابه السينما والمسرح في الوطن العربي الصادر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية بأنه “ضمن لنفسه شرطيّ توفيق الحكيم: الموهبة والاستمرار، وزاد عليهما شيئا آخر مهما، وهو التمثيل؛ فهو أقرب من غيره إلى رجل المسرح”.

رافق العاني السينما في العراق منذ بداياتها الأولى وكان العنصر الفاعل وراء ولادة أحد أهم الأعمال الواقعية في السينما العراقية وهو فيلم”سعيد أفندي” الذي أخرجه كاميران حسني عام 1957، المأخوذ عن قصة شجار للكاتب العراقي أدمون صبري، وقد مثل العاني الدور الرئيس فيه كما كتب حوار الفيلم.

ومن أفلامه الأخرى “المنعطف” للمخرج الراحل جعفر علي عن رواية خمسة أصوات لغائب طعمة فرمان و”ابو هيلة” و”المسألة الكبرى” لمحمد شكري جميل، و”بابل حبيبتي” لفيصل الياسري و”ليلة سفر” لبسام الوردي وفيلم “اليوم السادس” للمخرج يوسف شاهين.

فنان الشعب

ومنذ خمسينات القرن الماضي كتب العاني ومثل في العديد من التمثيليات والمسلسلات التلفزيونية ومنها “رائحة القهوة” و”عبود يغني” “بلابل” “ثابت أفندي” وغيرها.

وشارك العاني عضوا في لجان تحكيم العديد من المهرجانات المسرحية العربية، كما ترأس لسنوات طويلة المركز العراقي للمسرح، وكرم عام 1987 في مهرجان أيام قرطاج المسرحية بتونس بوصفه أحد رواد المسرح في المنطقة العربية.

وامتدت حياة العاني الفنية على مدى أكثر من نصف قرن، وارتبط باسمه عدد من ابرز المحطات في الحياة الفنية العراقية في المسرح والسينما والتلفزيون، ويحلو للبعض أن يطلق عليه لقب “فنان الشعب” الذي جسد همومه وآماله في أعماله.