فيلم أنتجه صدام بـ 30 مليون دولار ولم يشتره أحد “المسألة الكبرى”

1٬716

الشبكة العراقية/

جنون آخر من جنون الطغاة وتبديد لثروات البلاد وتزوير وتشويه لتاريخ بأكمله, من أجل غاية مريضة أو نزعة عنصرية أو طائفية أو شوفينية. الطريق الى هوليوود حلم راود الطاغية وعبارة “إنجز في زمن صدام حسين” كانت الهاجس الأكبر وراء انتاج فيلم سينمائي، يتحدث عن تاريخ تأسيس الدولة العراقية, لكنه باء بالفشل وتبددت أحلام الطاغية بعد أن رصد لانتاجه مبالغ طائلة.
في هذه الحلقة تكشف “الشبكة” خفايا واسرار فيلم ( المسألة الكبرى)..

أصل الحكاية

في محاولة بائسة لربط تاريخ حزب البعث بالثوار العراقيين الذين أسقطوا الحكم البريطاني سنة 1920مول صدام، فيلماً سينمائيا بقيمة 30 مليون دولار، بهدف الترويج لملحمة تاريخية كان صدام يعتقد أن من شأنها أن تنافس سينما هوليوود. إلا أن (مشروع الغرور) هذا كان قد حكم عليه بالفشل، ولم يتم عرض الفيلم أبدا بل بقي محفوظا في استوديوهات منتجه طيلة سنوات عديدة.
شارك في الفيلم عدد من الممثلين البريطانيين منهم الممثل سيئ السمعة اوليفر ريد، فضلا عن ممثلين عراقيين, ويذكر منتج الفيلم (لطيف جرفاني) وهو عراقي مقيم في بريطانيا، أن النظام المباد أغرى الممثلين بتقديم مبالغ كبيرة مقابل العمل في الفيلم، حتى العاملين الصغار نالوا ألف جنيه استرليني اسبوعيا (وهو أجر مرتفع آنذاك). الفيلم أهمل وبصورة متعمدة دور شخصيات عراقية فراتية جنوبية كان لها الثقل الاكبر في ثورة العشرين مثل الشيخ شعلان أبو الجون شيخ عشيرة الظوالم في الرميثة الذي كان اعتقاله من قبل السلطات البريطانية الشرارة الأولى لانطلاق الثورة وكذلك طمس دور المرجعيات الدينية في النجف الأشرف ودور زعماء العشائر مثل الشيخ عبد الواحد الحاج سكر وعلوان الياسري وجعفر أبو التمن وغيرهم الكثير وكذلك طمس هذا الفيلم وبشكل كبير دور الشعر والأهزوجة الفراتية الجنوبية.

هوليوود تشارك بتزوير التاريخ

يوجه العديد من متابعي وصناع السينما انتقادات لاذعة الى ادارة هوليوود، لمساهمتها بتجميل صور الطغاة وترسيخ وجودهم واللهاث وراء نزواتهم.

وفيلم “المسألة الكبرى” الذي رصد له صدام حسين ميزانية ضخمة مثالا عن استخدام الفن لتشوية الحقيقة وتزوير التاريخ كما يريدهما حاكم طاغ.

ويروي الممثلون الذين شاركوا بتنفيذ رغبة صدام، حكايات عن كواليس ذلك الحدث الذي مثل انتكاسة لدور السينما وتخليا عن قضاياها في الانحياز الى الشعوب والحقيقة والفن الهادف.
ويقول عدد من النقاد عن ذلك الحدث إن هوليوود ساهمت منذ زمنٍ بتغييراتٍ اجتماعيةٍ وسياسيةٍ كثيرة، ووفقاً لفيلم Saddam Goes to Hollywood الوثائقي الذي عرضته قناة Channel 4 البريطانية في 24 تموز الماضي ساعد فيلم أنتج منذ 35 عاماً بخدمة طاغيةِ حقيقيِ في سُدة الحكم، وهو صدام حسين، بحسب صحيفة The Telegraph البريطانية.

رحلة مخيفة ومملة إلى بغداد

المنتج جورفاني وعدد من الممثلين، قاموا أخيراً بحكاية قصة تصوير هذا الفيلم، وكيف تعاملوا مع السلوك الجامح لكل من صدام وريد، وجدول الإنتاج الذي سار على الرغم من اندلاع الحرب مع إيران.

اعترف الممثلون أن المال نجح في جذبهم، مشيرين في ذات الوقت إلى أنهم لم يكونوا يعرفون ما هم مقبلون عليه.
يقول الممثل مارك بينفولد إن الأمر اتضح لهم عندما كانوا في الأجواء العراقية، ولاحظوا أن طائرةً مقاتلةً ترافق طائرتهم، “فجأةً أصبحت حقيقة ما نحن مقبلون عليه أكثر جدية”. كان على الطائرة أن تهبط من دون أية أضواء لتجنب هجوم الصواريخ، وتم أخذ الممثلين وطاقم العمل إلى فندق بالعاصمة العراقية بغداد، لكن لم يكن هناك غرف كافية لهم جميعاً ووجد الكثيرون أنفسهم في مساكن غير مجهزة ومليئة بالصراصير، كما كان عليهم التكيف مع درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية وفي هذه الأثناء كان الفنيون والممثلون العراقيون يختفون بسبب استدعائهم للحرب.

فيلم لم يجد من يشتريه

انتهى التصوير أخيراً، وكان صدام مسروراً للغاية عندما رأى المشهد النهائي، إذ أعطى جورفاني ساعةً ذهبيةً عليها صورة له. عُرض الفيلم في عدد من المهرجانات، لكن في ذلك الوقت، كانت معلومات أكثر قد عُرفت عن صدام حسين ونظامه الشمولي. لم يجد الفيلم موزعاً، وتبددت الـ 30 مليون دولار ,وتم عرضه في عدد من صالات السينما والتلفزيون العراقية.

أستياء من طمس الحقيقة

حين عرض الفيلم أواسط الثمانينات من القرن الماضي بدور العرض السينمائي في بغداد, وبعدها من على شاشة التلفاز بدا الاستغراب واضحا من ذلك التناول التاريخي لمجريات أحداث ثورة العشرين ولماذا ظهر بهذا الشكل من الناحية التاريخية والسيناريو الذي كتب ورسم للشخصيات التي شاركت في ثورة العشرين تاريخيا، كان الأجدى أن يسمى عنوان الفيلم حياة الشيخ ضاري المحمود بدلا من المسألة الكبرى كونه تناول حياة الشيخ ضاري واهمل الشخصيات الأخرى التي كان لها الدور الاكبر في انطلاق شرارة ثورة العشرين, وحين عرض الفيلم في مدينة السماوة وبحضور شيوخ ووجهاء المحافظة انبرى احد الأشخاص واطلق هوسة جنوبية تبين مدى استياء اهالي ثورة العشرين من انتاج هذا الفيلم حيث قال:

لون شعلان يدري انباكت الثوره

جا شك التراب وطلع من كبره

يم جسر السوير (المسألة الكبرى)

الشاهد هذا الشاهد..

عدنه ايتامه من العشرين ..