في متحف الشمع “مدام توسو”.. بلاغة الأرواح المُجسمّة تُذوّب الشمع

411

آمنة الموزاني – هولندا/
يقولون إن في داخل كل منا (متحف) مليء بجواهر الروح النادرة والمواجع الثمينة، أحياناً تظهر وتلتمع بكبرياءٍ في لحظة منفلتة من الواقع المزيف، وأحياناً تظل حبيسة في صناديق الصدور الى الأبد، ولا أحد يعرف قيمتها، غير أن متحف الشمع في أمستردام الساحرة، الخاص بمجسمات المشاهير، أصرّ على تخليدِ بلاغة أرواح مبدعيه المغلفة بالأسرار، الحاضرة في تماثيل شمعيةٍ، لكن بتوقيت الغياب الذي يُشعرك باختلاط الحاضر بالتاريخ، والزعماء بالفنانين، والعلماء بالموسيقيين.
المتحف الذي زرناه بانبهارٍ هو واحد من أجمل المتاحف في العاصمة المتخمة بالفنون والثقافة، فهو يحتوي على تماثيل مشاهير الموسيقى والسياسة والفن والغناء، مثل بيتهوفن ورامبرانت وبيكاسو وفان غوخ وسلفادور دالي وبيت موندريان، علماً بأن سلسلة متاحف (مدام توسو) العالمية امتدت وتوسعت فروعها لتصبح أماكن جذب سياحي كبير، بفروعها المنتشرة سواء في أمستردام، أو لاس فيجاس أو شنغهاي أو نيويورك أو هونغ كونغ أو واشنطن أو برلين أوهوليوود.
مجسمات غارقة بالسحر
“بصراحة، لا وجود للشمع بقدر الالتصاق بروح تلك الشخصيات الفذّة، تجربة ساحرة -أنصح بها الجميع- فالتماثيل رائعة في هذا المتحف المُذهل بأجوائه وفنونه وتصاميمه، وهو قطعاً يفتح داخل النفس آفاقاً جديدة للتفكير والإلهام”.. بحسبِ رؤية الكاتبة والتشكيلية المغتربة في هولندا، (بشائر عباس) التي أكملت قائلة:
“صدقيني، أشعر أن الشمع لا وجود له في تلك الأجساد المليئة بالروح والحياة، فمجرد مشاهدة (كاركترز) دالي وبيكاسو أو ألفس أو ديانا، تشعرين أن أحدهم يأخذك إلى عوالم لم نتخيلها من قبل. شخصياً استمتعت باستكشاف خفايا مبهرة مليئة بالإبداع والتجديد، كلما زرت المعرض شعرت بأن الخطوات هنا تمنحني نقطة حياة وحركة وفرصة مذهلة للانغماس في عالمهم الفريد، ولا عجب فإن متحف الشمع في أمستردام هو واحد من أجمل المتاحف في العالم، وبرغم تعدد فروع هذا النوع في كل بقاع الأرض، إلا أنني أجده دائماً يغرق بسحرٍ خاص.”
الذاكرة عدسة الخلود
“رؤية بصرية مُبهرة، إذ إن فخامة التماثيل وتصاميمها وكميّة الروحية التي تغلفها في هذا المتحف، تجعل حتى غير العاشق للفنون يضع هذا المتحف على قائمة المعالم السياحية التي يجب أن يزورها في أمستردام..” هكذا أبدى العازف العراقي المُقيم في نوتردام الهولندية (علي المالكي) انبهاره بمتحف الشمع، مكملاً:
“أكثر الناس انسجاماً والتصاقاً بالفنون والموسيقى هم العراقيون قطعاً، لأننا ذواقون نقدر الفن الرفيع، فن بيكاسو وشارلي شابلن وفان كوخ، الذي أعشقهُ بجنون، فهو الفنان الوحيد الذي يجسّد بالألوان فداحة الموت، وبالخطوط مشاهد مليئة بالحياة، وهو برأيي أعظم شخصية في المتحف، يليه شكسبير ثم بتهوفن، مع أن كل الشخصيات المجسدة هنا تستحق تخليدها على صورة تماثيل خالدة من الشمع.”
قصص خيالية الجمال
أما السائح العراقي المغترب القادم من فرنسا (أسعد هلال) برفقةِ عائلته، فقد قال عن التجربة مستمتعاً:
“لحظات لا تُنسى في المتحف نقضيها هنا أنا وعائلتي، نلتقط صوراً رائعة مع نجومنا المفضلين، ديانا وسلفادور دالي ومايكل وبيت موندريان وهيرمان برود، كلما جئنا لزيارة أمستردام نزور المتحف، وبعدها ننطلق الى تلك المدينة المُذهلة، التي تشبه لوحات فنية بديعة من سحرِ الطبيعةِ تغطي وجه المدينة على شكل حقول ساحرة من التوليب الفاتن والزنبق البديع، كما في حدائقِ (كيوكينهوف)، التي هي من أكبرِ حدائق التوليب في العالمِ، وكأنها مأخوذة من عالم القصص الخيالية، فهُنا بإمكاننا المشي على طول قنواتِ أمستردام النهرية للاستمتاع بجمال المدينة الغارقة في الأضواءِ الساحرة والأنشطة والمعالم الثقافية.”