في متحف (ڤولكنكوند) الهولندي هياكل فنية حالمة هويتها التشابه الإنساني

154

آمنة عبد النبي – هولندا/
قصةُ الحضارة (المؤنسنة) فنياً، ورمزية الحياة عبر سيناريو تعميق فكرة التشابه الأنثروبولوجي ما بين البشر، على الرغم من الاختلافات الثقافية والبيولوجية، هو ما يؤرخه ببراعة متحف (فولكنكوند) الإثنوغرافي للثقافات الفنية المتنوعة في مدينة (لايدن) الهولندية، تخيلوا أن كل قطعة في هذا المتحف الفخم بفكرتهِ تحمل هيكلاً عظمياً حياً بقصةٍ غريبة مميزة ولمسة تقليدية لثقافة معينة، وكذلك موضوعات بشرية متنوعة وأزياء وطقوس عبادات نادرة وحرب وجود إنساني ما بين الذاتِ ومستحيلها.
علاج وجرعة حياة
الرسامة بشرى عباس وولدها علي، القادمان من مدينة نوتردام لحضور النشاطات التجارية والكرنفالات المستمرة في المتحف وهياكله الغريبة للترفيه والتثقيف، عبّرت عن لحظاتها السعيدة بعد انتهاء نهار طويل داخل المتحف والمدينة ككل، قائلة:
“شخصياً أعتبر زيارته جرعة حياة وفلسفة وجودية، تستغربين قطعاً من كلامي، في رأيي أن الفكرة تتحدث عن هياكل عظمية حية في الحقيقة، فكرة استحضار الأرواح بعد انتهاء حياتها من خلال طموحاتها وقدرتها على حب البقاء والإصرار على السعادة، لأن تلك الهياكل العائدة الى الحياة تريد أن تخبرنا بأن الرحلة قصيرة وستنتهي مهما اختلفت مهن البشر وأعمالهم وأشكالهم وقومياتهم، إذ عاجلاً أم اجلاً سوف ينتهون ولن يتبقى من ذكرهم سوى ما يتركونه من بهجة ومنفعة وابتسامة، وبصراحة فإن أفضل وقت لزيارة هذا المتحف، وحتماً في العطل، هو في الصباح أو في المساء، ولاسيما عندما يكون الجو مشمساً والمتحف ليس مزدحماً.”
التراث ثقافة وضرورة
“مع أننا من سكان مدينة (كاتشيفيل) الهولندية، إلا أننا قصدنا (لايدن) لزيارت المتحف”.. بهذا الحماس عبّر رب العائلة نصير الغراوي، الذي كان قادماً للمتحف لقضاء اليوم مع عائلته، حين قال بابتهاج:
“لا يقتصر الأمر على تعريف عائلتي بأهمية التراث، وإنما أنا شخصياً أعشق (لايدن) ككل، ولا يشدني إليها المتحف فقط، لأنها بصراحة المدينة الهولندية التي تتزين بكافة المقومات السياحية، ولاسيما القنوات المائية، عشقي، بين فترة وأخرى أقضي أنا وعائلتي عطلة نهاية الأسبوع مابين المتحف الإثنوغرافي الذي يقدم عروضاً ونشاطات رائعة، إضافة الى زيارة متاحف أخرى في ذات المدينة، مثل المتحف الوطني للآثار، الذي يحتوي على بعض الأثريات التي تعود إلى الحضارات القديمة، وأيضاً متحف (بورهاف) المختص بالطب والعلوم.”
ذائقة وفهم حضاري
أما الكاتب المقيم في أمستردام كريم البدر، فقد عبّر عن أهمية المتحف وذائقته التراثية الدسمة في كينونتها الإنسانية، قائلاً:
“هذا المتحف النادر بتراثه هو جزء من تاريخ وثقافة العالم، فإضافة الى الكرنفالات الدورية، فإن المتحف يقيم جولات إرشادية أو ورش عمل للزوار الذين يرغبون في معرفة المزيد عن الحضارات القديمة والآثار، وكذلك يمكن للزوار هنا فهم الحضارة وتسلسلها الزمني عبر رؤية القطع الأثرية المرتبطة بموضوعات حالية معينة أو مثيرة للاهتمام، وقد تتغير هذه المواضيع وتتنوع ما بين فترة وأخرى.”