في نياپوليس تونس الخضراء بصمةٌ إبداعية وحضورٌ مسرحي عراقي لافت

991

أحمد سميسم  /

افتتح مهرجان “نيابوليس” الدولي لمسرح الطفل بدورته الرابعة والثلاثين في مدينة نابل التونسية بمشاركة العراق والجزائر والمغرب ومصر ولبنان وفلسطين والبحرين وإيطاليا وإسبانيا وأميركا وتايوان. الوفد العراقي كان حاضراً وبقوة وأبهر الحاضرين بالنشاطات والفعاليات التي شارك بها في المهرجان،وشهدت شوارع تونس كرنفالاً افتتحت به الفعاليات، فضلاً عن عروض مسرح الشارع، والعروض المسرحية على الخشبة، والندوات والورش الفنية.
عن تفاصيل المهرجان حدثنا الفنان الدكتور “حسين علي هارف” قائلاً:
بصمة عراقية
بصمة عراقية أخرى يضعها وفد عراقي (مصغّر) قوامه(٩) أشخاص في مهرجان نياپوليس الدولي لمسرح الطفل في دورته الـرابعة والثلاثين التي عقدت منتصف كانون الأول المنصرم، هذا المهرجان التخصصي النوعي الذي يُعد من أهم مهرجانات مسرح الطفل عربياً وإقليمياً ودولياً، إذ يستقطب في دوراته فرقاً مسرحية محترفة وعروضاً مسرحية عالية المستوى الإبداعي من أوروبا وافريقيا وآسيا وأميركا.
الوفد العراقي تألّف من فريقي عمل، أحدهما كان يمثل قسم رعاية الطفولة بالعتبة الحسينية برئاسة الأستاذ محمد الحسناوي رئيس القسم، والآخر كان يمثل المركز الثقافي العراقي للطفولة وفنون الدمى والذي كان يضم (د. زينب عبد الأمير والفنان علي جواد الركابي وحسين علي هارف).
شاركت فرقة (قسم رعاية الطفولة) بمسرحية (طربوش وعيادة الأسنان) التي كتبها ببراعة فنية وتربوية وسام القريني وأخرجها باحترافية عالية المبدع ميثم البطران وقدمها فريق تمثيلي مبدع منهم (كرار الصافي، وأحمد الصفار، ووسام ميثم البطران، وسام القريني). وقد أجاد الممثلون أدوارهم ببراعة وخفة، كما لعب بعض الممثلين أكثر من دور بنجاح لترشيق فريق العمل الذي قطع رحلة سفر طويلة إلى تونس حاملاً لواء الإبداع العراقي بإخلاص وبكفاءة ومسؤولية عاليتين.
وتابع د.حسين علي هارف: إلى جانب العمل المسرحي كانت لوفد المركز الثقافي للطفولة وفنون الدمى إسهامات فاعلة أخرى، فقد ألقت د. زينب عبد الأمير محاضرة ثقافية ضمن محور الندوات العلمية بعنوان (مسرح الناشئة؛ إشكالية المصطلح وحدوده العمرية)، وقد كانت محاضرة ناجحة بامتياز استقطبت حضور النقاد والمسرحيين من الفرق المشاركة وأثارت نقاشات عالية المستوى ونالت استحسان الجميع. يضيف هارف: اضطلعتُ بتأطير ورشة (فن الكتابة لمسرح الناشئة) التي انخرط فيها (متدربون) من طلبة معهدي الفنون المسرحية بتونس وكان الفنان (علي جواد الركابي) فاعلاً في مشاركته بورشة (دمى الماريونيت).
الجائزة الأهم
وعن الجوائز قال هارف: لم يتضمن المهرجان جوائز لعدم اعتماده نظام التسابق والتحكيم، ولو كان الأمر كذلك لكان للعراق نصيب وافر في ذلك، لكن العرض العراقي فاز بالجائزة الأهم وبالمكافأة الأجمل، إذ فاز بإعجاب جمهور الأطفال من تونس الذين غصّت بهم القاعة (قرابة ٧٠٠ متفرج) تفاعلوا بشكل كبير ومفرح مع الممثلين ومجريات العرض وكافأوه في النهاية بالتصفيق الحار وصيحات الإعجاب.
كان عرضاً تعليمياً ممتعاً تبنى خطاباً تربوياً صحياً موجهاً للأطفال (علينا أن نعتني بصحة أسناننا وحمايتها من التسوس) وبأسلوب مشوّق وبكثير من الإمتاع الذي تحقق بعناصر التمثيل والأزياء والموسيقى التي صاحبت الأناشيد.
أما وفد المركز الثقافي العراقي فقد حقق حضوراً لافتاً أشادت به إدارة المهرجان والوفود المشاركة، وليس هذا بغريب طبعاً، فهذا ديدن العراقيين من المبدعين في المحافل الثقافية الدولية.
طربوش وعيادة الأسنان!
في إطار ما يسمى بـ(المسرح التعليمي) و(مسرحة المواد التعليمية)، قدمت فرقة (قسم رعاية الطفولة وتنميتها) التابعة للعتبة الحسينية مسرحية (طربوش وعيادة الأسنان) ضمن فعاليات مهرجان نيابوليس، علينا حماية أسناننا من التسوس والدفاع عنها وعن صحتها باللجوء إلى المعجون وفرشاة الأسنان قبل أن نضطر للذهاب إلى عيادة طبيب الأسنان، نحافظ على أسناننا ونعتني بها قبل أن تكون العواقب وخيمة من آلام، ولاسيما إذا وصل الأمر إلى القلع الذي يكون آخر الدواء والعلاج. هذه المعلومة الطبية (الصحية) قدّمها الكاتب وسام القريني في إطار حكائي ظريف وبمعالجة درامية مشوقة عبر شخصيات فانتازية مثيرة للانتباه والإعجاب والإبهار، وبحوارات تنوعت في اشكالها وصياغاتها لإيصال الرسائل التربوية والصحية الى الجمهور المستهدف على وفق مستويات إدراكهم وقاموسهم اللغوي، لقد برع الكاتب في عملية (أنسنة) شخوصه الفانتازية (الفرشاة والسن الطاحن والتسوس) وإدخالها في تماسات درامية محتدمة (كوميديا) مع الشخوص البشرية (الطفل طربوش والأب والطبيب) لتوضع لاحقاً في إطار من المعالجات الحركية الگروتسكية على وفق معالجة المخرج ميثم البطران الذي أجاد تأكيد هذه المعالجات عبر التأكيد على عناصر العرض (الزِّي والأكسسوار والموسيقى التي لعبت دوراً جمالياً ودرامياً عبر الأغاني التي أضفت طابع الخفة والمرح على العرض)، فضلاً عن الأداء التمثيلي المتماهي مع خصوصية الطفل المتلقي وحاجاته، إذ عمد الممثلون على وفق الرؤية الإخراجية المتماهية مع النص إلى اللجوء إلى الأداء الكروتسكي الذي خلق حالات ساخرة ومضحكة أشاعت جواً من المرح والفرح.