كريم كلش: لاينبغي لتكنلوجيا الصورة أن تقتل الإبداع

875

محسن ابراهيم/

مصور مبدع بأعماله وأفكاره، وفنان فوتوغرافي عشقت أنامله مداعبة الكاميرا ليلتقط أجمل الصور وأروعها، والتي أظهرت لنا في زواياها الكفاءة والإبداع. من عالم المسحوقين انطلقت كاميرته لتروي قصصهم من خلال الصورة وبذهنية المحقق الصحافي، وعينه الرائعة.

سجلّه حافل بالمشاركات والجوائز، إنه المصور “كريم كلش” الذي حلّ ضيفاً على مجلة الشبكة العراقية.
الصورة الصحفية

لكل مصور هناك بداية ينطلق منها في عالم التصوير الرحب تصطاد مخيلته صوراً متحركة أو مناظر ثابته يجسدها فيما بعد بعدسته الى لقطات تروي حكاية معينة، عن البدايات يحدثنا كريم كلش قائلاً:

– تمتد بداياتي الى اكثر من 40 سنة، وتحديداً الى عام 1975 في محل تصوير كريم اللامي في مدينة الصدر(الثورة سابقًا)، الذي كان معلمي الأول، فقد تعلمت منه اسس التصوير من طبع الصورة وتحميضها واخراجها بالمظهر الجيد، وكانت حينذاك بالأسود والأبيض. ولكوني أتمتع ايضاً بموهبة في الرسم والخط فقد قمت بتلوين الصور وتصحيحها في ذلك العهد حيث لم تكن الصور ملونة، وكنت اقوم بهذه العملية بمختلف أحجام الصورة بالإضافة الى قيامي برتوش الأفلام التي كانت تسمى (الجامات)، وقد تسلمت كاميرا (فلّة) مع الفلاش وكانت اول كاميرا في حياتي. وكنت في السبعينات اقوم بتصوير الأعراس الشعبية حيث كانت الحفلات الغنائية تقام في الهواء الطلق. وبعد 5 سنوات على دخولي الى ستوديو كريم اللامي فتحت محل تصوير باسم (مصور الريف)، وفي عام 1991 انتقلت الى العمل الصحفي فعملت في جريدة الجمهورية مصوراً صحفياً بعدما جرى اختباري في قسم التصوير الصحفي على يد الفنان المصور القدير المرحوم فؤاد شاكر واجتزت الاختبار بنجاح. وقد تعلمت من شاكر كيفية تصوير الصورة الصحفية وكان معلمي الاول في مسيرتي الصحفية حيث تبحرت عدستي في عالم الواقعية. وكان ميداني هو الأفق المفتوح وساعدني ذلك في الانتقال الى الصحافة والعمل في مختلف مفاصلها برغم انها فعلاً متعة البحث المتاعب. وقد عملت خلال رحلتي هذه في العديد من الصحف والمجلات العراقية.

عالم ساحر
للبيئة وقع خاص في حياة كل إنسان يتأثر بها ومنها ينطلق ويجسد واقعها إن كان بلوحة او صورة او قصيدة عن بيئته التي شكلت اتجاهه الخاص بالتصوير، وعن رفيقة دربه (الكاميرا) تحدث قائلاً:

– ولدت في بيئة مسحوقة واتجاهي للتصوير هو جزء من تضامني مع ابناء هذه الطبقة وتحملهم العذاب طيلة عهود مضت من عمر العراق، فسوء الاهتمام بالمواطن وعدم توفير حاجاته الأساسية وعمق المعاناة كلها امور جعلتني لا أغادر مشهداً محزناً إلا وأوثقه بعدستي. وقد شدني هذا العالم ودفعني الى حمل الكاميرا لالتقاط أروع الصور التي جعلتني اتخصص واهتم بتصوير الطفولة. وستبقى الكاميرا رفيقة دربي فهي عشقي الذي يجعلني أطل على عوالم فسيحة وأنقلها الى المتلقي، وهذا أحد أسباب تعلقي بعالم التصوير الساحر. لقد هيمنت الكاميرا على كل حواسي وأصبحت العدسة هي عيني الثالثة، فليست هناك من مسرّة تتتسلل الى روحي بحجم فرحتي ومسرتي بالتقاط لحظة نادرة وهاربة في خضم الحياة والواقع الذي نعيشه. إن الكاميرا بدون شك رفيق عزيز عليَ استعنت بها وأعانتني كثيرا لأنها رافقتني في تصوير الحياة اليومية فأعانتني في تجسيد الكثير من اللقطات في الأحداث الأخيرة، وهنا أشير الى تجسيدي معالم المباني التي دمرت نتيجة العدوان الأميركي على العراق.

ثقافة الصورة

الصورة الصحفية ربما تعبر عن مقال كامل إن توفرت فيها الشروط اللازمة, خصوصاً إذا كان المصور يمتلك ثقافة فوتوغرافية, عن الصورة الصحفية وثقافة الصورة حدثنا قائلاً:

-الخبر الصحفي مرتبط بالصورة .. بل وأحيانأ تكون الصورة كافية واكثر تعبيرأ مكان الخبر, هناك مثل صيني معروف يقول إن (الصورة تغني عن ألف حرف) لأن الصورة لها ارتباط بالخبر والتحقيق الصحفي، نقول إن السبق الصحفي يوثق بالصورة فيعزز مصداقية الخبر او التحقيق الصحفي والصورة لها أهمية في لغة الصحافة.

والمصور الصحفي، او اي مصور، يجب أن تتكون لدية ثقافة الصورة وأن يعلم أن الصورة لها ثقافة فنية واجتماعية رغم أن البعض لايستمع الى النصيحة والتوجيه، لذا فإن على المصور المبتدئ أن يقبل النقد والنصيحة وأن يبتعد عن الأخطاء التي يقع فيها, وأن لايصاب بالغرور عند تصوير لقطة جميلة او عند حصوله على احدى الجوائز, الأمر الآخر انا أجد في بعض المصورين من جيل الشباب من بإمكانهم ان يقوموا برفد الساحة الفوتوغرافية بإبداعات جديدة، ولأن هذه الطاقات الشبابية تبشر بخير فيجب عليها استثمار التكنولوجيا ومحاولة ملء الفراغ من خلال إتقان اللغة الإنكلـــــيزية لأنها لغة العصر التي يمكن أن تقدم الكثير في مجال الاستزادة من العلوم والسعي الى التطور واستمرار المتابعة.

التنكلوجيا سلاح ذو حدين في كل مجال فني يبتغي الإبداع.. عن واقع التصوير الصحفي ودخول الهواتف النقالة والتكنولوجيا الى هذا المجال قال:

-أعتقد أن اجهزة الهاتف قد أساءت الى الفوتوغراف والفوتوغرافيين من هذا الجيل وذلك لسهولة الحصول على اللقطة من دون عناء في تكوين المشهد وقياس جمالية مساقط الظل والضوء، وقد اصبحت أجهزة الهاتف تلغي دور المصورين المحترفين، بعد أن كان المصور المبدع يحرص على اقتناص اللقطة العفوية ويسجلها بالضوء فقط من دون أن يجملها لأن الفوتغراف لايحب التصنيع(الفوتوشوب) في الصورة الصحفية.
هذا ماوجدته في الكاريكاتير..

الرسم والتصوير هما توأمان في إبراز الأشكال، وربما ماتعجز عنه الكاميرا تستطيع فرشاة الرسم أن تعبّر عنه بشكل أفضل, عن اتجاهه لرسم الكاريكاتير، وهل هو لسد فراغ بسبب إغفال أهمية الصورة الصحفية أم إبراز موهبة جديدة قال:

-أنا لست غريباً على عالم الرسم وحتى العمل الصحفي فأنا رسام وخطاط ومصور، وقد دفعتني موهبتي الى حب هذ العالم ولهذا اتجهت الى الكاريكاتير لأنني لم أجد في الرسم تلك الديناميكية التي تفصح عنها العدسة .
على مدى 40 عاماً مشوار حافل بالعطاء والتميز والجوائز وإقامة المعارض الشخصية.. عن بعض إنجازاته حدثنا قائلاَ:

-شاركت في معرض المؤسسة الإنسانية للطفل العراقي N.G.O ومنحت لقب عضو شرف, وفي المعرض الأخير 15 حزيران 2003بعنوان (إطلالات على الواقع) الذي أقيم في قاعة حوار, ومعرض كلية الإعلام2004. معرضي الأول (الواقع يجسد..الصورة) عام 2004, معرضي الثاني (إشراقات عراقية) عام 2005 بالتعاون مع وفد إشراقات ثقافية من بغداد الى العالم, معرضي الثالث (الطفولة في الزمن الصعب) عام 2006. معرضي الرابع (الوجع)، والذي أقيم على قاعة مدارات عام 2004, معرضي الشخصي الخامس (طفولتنا )عام 2014. معرضي الشخصي السادس (الطفولة العراقية — الى اين -؟)عام 2018. أما في مجال الكاريكاتير فقد أقمت معرضي الشخصي (يوميات كاريكاتيرية) في القشلة عام 2018, حصلت على كتاب شكر وتقدير وشهادة تقديرية وضم اسمي الى قائمة المبدعين من وزارة الثقافة عام 2012, منحت قلادة الإبداع وشهادة تقديرية من منظمة بلاد السلام الإنسانية في العراق عام 2018.