مهرجانُ أيــــام السينمــــــــا العراقية يتألقُ بنُسختهِ الثانية

321

ضحى مجيد سعيد/
بغدادُ من جديد تتحدى القُبحَ بالجمالِ، وتقرعُ ناقوسَ المحبةِ والسلام عبر الثقافةِ، ومن بوابة السينما هذه المرة، لتحقق معادلة الخير وتُرممُ ما خربته الحروبُ، وتقابلُ الغضبَ بالتسامح، وهي تسعى جاهدة لتحقيق هذه الغاية عبر مؤسساتِها الثقافية، وفي مقدمتها دائرة السينما والمسرح وهي تجمعُ هذه الأفكار وتبثها عبر بؤرة الكاميرا وحركة الشاريو، تعبيراً عن إرادة الحياة العراقية،
بغداد تعلنُ: بالفنِ “نَبني عراقَنا الذي نُريد”، ولاسيما عندما يكون ضيفُ شرف المهرجان الفيلم السوري (الحكيم)، الذي يتماشى مع هدف المهرجان، وهو من إخراج الفنان باسل الخطيب، وبطولة الفنان الكبير دريد لحام، والفنانة المُخضرمة صباح الجزائري، الذين بحضورهم الحي تأكد هذا الهدف. ولعمق العلاقة بين ياسمين الشام ورطب العراق تمد السينما العراقية الجسور بين عراقتهما الحضارية، وتقول “تبقى بغداد ودمشق عصيتين على الموت.”
كل هذه الأهداف تجلت في فعاليات المهرجان الذي أقيم برعاية السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وبمتابعةٍ مباشرة من قبل وزير الثقافة الدكتور أحمد فكاك البدراني، والدكتور أحمد حسن موسى، على مدى أربعة أيام، من الحادي عشر من أيار إلى الرابع عشر منه، بحضور المستشار الثقافي الدكتور عارف الساعدي الذي افتتح المهرجان مؤكداً على دور الفن في الحياة الإنسانية.
خلال المهرجان، أكد وزير الثقافة الدكتور أحمد فكاك البدراني الدور الريادي للسينما السورية على المستوى العربي، وقال في تصريح له إن “بغداد فخورة بأن تكون السينما السورية ضيف شرفٍ في مِهرجان أيام السينما العراقية، نظراً لما قدمهُ الفنانون السوريون في سبيل إثراء الثقافة العربية.”
وأشار البدراني إلى أن مُعظم العراقيين يتسمرون أمام شاشاتِ التلفاز لمتابعة المنجز الدرامي السوري، لأنه مدرسة، ولا سيما في إطار الإبداع العربي.
“مجلة الشبكة” التقت الدكتور أحمد حسن موسى، المدير العام لدائرة السينما والمسرح، رئيس المهرجان، وسألته عن أهم فقرات المهرجان فقال: “سيكون هنالك تكريم لعدد من الفنانين العراقيين في حفل ختام الدورة الثانية لمهرجان أيام السينما العراقية الثاني، إضافة إلى تكريم الفنانين دريد لحام وصباح الجزائري وباسل الخطيب بدرع المهرجان، وذلك لمشاركتهم المتميزة بصفتهم ضيوفِ شرف المهرجان، إذ كانوا العلامة الفارقة لهذه الدورة.”
أضاف موسى أن “هذا المهرجان هو من ضمن المشاريع الفنية لموسم الدائرة لهذا العام، الذي عُرضت فيه ثلاثة وعشرون فيلماً عراقياً غَلبت عليها الصفة الشبابية، إنتاجاً وإخراجاً وتمثيلاً، وتضمن منهاج المهرجان ندوة فكرية بعنوان (فلسفة النص بين الفيلم الروائي الطويل والقصير) بإدارة الفنان السينمائي د. سالم شدهان، وورشة تدريبية للعاملين في السينما بتأطير المخرج السينمائي السوري باسل الخطيب، وندوات نقدية حول الأفلام المشاركة التي شاركت فيها نخبة من النقاد السينمائيين الأكاديميين، التي كانت إثراءً معرفياً مهماً صوبَ بوصلةِ صنّاع هذه العروض نحو أفق سينمائي أرحب”.
كذلك كانت لـ “مجلة الشبكة” وقفة مع فعاليات المهرجان، وأهمها مع ضيف شرف المهرجان (الحكيم)، وبطله ثري الإبداع، الفنان دريد لحام، حين توجهت بأسئلتِها لصاحب التأريخ الكبير في مسيرة الفن التي تجاوزت الخمسين عاماً، الذي قال إن “من يزرع خيراً يحصد خيراً، وفي رأيي فإن هذه الفكرة وحدها كافية في أن تصفع الحرب وتتحداها، وتقول لا، فلن نعود إلى إنسانيتنا بالأحلام بل بالعمل، وهذا ما انتهى إليه الفيلم”.
وعن سؤالنا: هل ترى أن السينما هي الأصلح لبناء مجتمعات ما بعد الحرب؟ أجاب: “بالطبع، الفن بشكل عام هو الأصلح، ولأن السينما هي الأقرب إلى الإنسان، فلابد أن يكون لها هذا الدور المهم، وأكيد أن المهرجانات ضرورة فنية واجتماعية لأنها تخاطب المجتمع وتواجه مشكلاته بعرض هذه الحالات عبر رؤى الفن، وهذا دوره الحقيقي.”
كما بين لنا في إجابته عن سؤالنا: هل ترى أن الوضع الآن بحاجة إلى مسرح (الشوك) الذي توقف منذ مدة طويلة، الذي كنت من رواده، حين زرت العراق في عام ١٩٧٩وقدمت مسرحية ( كاسك ياوطن ) التي تُعدُ أنموذجاً تطبيقياً لهذا المسرح؟
فقال: “نعم إن مسرح (الشوك) الآن ضرورة، لأنه من المسارح التي تتعاطى مع يوميات المواطن، ولأنه صالح لأي زمان ولأي مكان، فهو برأيي الأجدر في الأخذ بيد الإنسان وتوجيهه التوجيه الصحيح.”
وأكمل: “لقد زرت بغداد في العام الماضي في الأسبوع السوري وقدمت فيلم (الطريقُ إلى حلب)، وهو أيضاً يُحاكي الحرب ويكشف عن البعد الإنساني لإنسانِ هذه الأرض، نعم، الفيلم يكشف عن الدور التخريبي الذي مارسته الحرب ومسخت إنسانية الإنسان، لكن الفيلم ينتصرُ لتلك الإنسانية، ينتصرُ للأخلاق والمبادئ التي تؤمن بالوطن والإنسان، والفيلم درسٌ تعليميٌ وتوجيه لقيمِ الإنسانية.”
وأخبرنا برأيه عن المهرجان قائلاً إن “المهرجانَ يكشفُ أولاً عن وعي صنّاع الأفلام، وجدت فيه تنوعاً في المعالجات ومحاكاة لأهم الإشكاليات التي تواجه إنسان اليوم، وما لمسته أيضاً من خلال الفعاليات الأخرى، هو أن المهرجان ينفتحُ على الروافد العلميةِ التي ترتقي بصناعة السينما وصنّاعها، التي حتماً سيكون لها الأثرَ في النُسخِ المقبلة.”
وفي الختام أعرب الفنان دريد لحام عن تقديره العالي للحفاوة الكبيرة التي لقيها الفنانون السوريون من قبل الحكومة والشعب في العراق، مؤكداً أن الشعب في البلدين الشقيقين شعبٌ واحدٌ يواجه تحدياتٍ مشتركة، ويحملُ تطلعاتٍ واحدة.