هناسة.. لا تبصر.. لكنها تغني وتنشر الجمال

87

أربيل ــ خالد إبراهيم/

على الرغم من كونها كفيفة البصر، إلا أن حالتها لم تمنعها من أن تعيش الحياة وتنمي مواهبها وإمكاناتها، ولاسيما أنها تمتلك صوتاً جميلاً وأذناً موسيقية عوضها الله بهما عن فقدانها حاسة البصر.
إنها الفتاة (هناسة هرمان)، الموهبة التي وجدت في الحدائق العامة والتجمعات في الأسواق فرصة لتقديم فنها في الهواء الطلق، لكن سرعان ما يتجمع حولها جمهور يغرم بعذوبة صوتها وقدراتها الفنية في الغناء.
تقول (سازكار عزيز)، والدة هناسة، إن ابنتها تواصل دراستها في الصف التاسع بمعهد المكفوفين، وهي عازفة أورك وتجيد الكتابة الخاصة بالمكفوفين بطريقة (البرايل)، مؤكدة أنها مع شغفها بالغناء إلا أنها من الأوائل سنوياً في المعهد.
أثارت هذه الفتاة، المحبة للحياة والإبداع، صانع أفلام، فقدم شريط موهبتها في فلم قصير.
تؤكد والدتها التي تتولى رعايتها ودعمها وتشجيعها إن ابنتها لا تبصر، لكنها ببصيرتها ترى الجمال النابع من الروح، والله عزوجل يعوض المكفوفين بنِعم أخرى، إذ يكرمهم بعقل مبدع وسمع واسع، وابنتي هناسة منذ طفولتها كان لديها حب ورغبة في تعلم العزف على الة (الأورك)، وتمتلك موهبة في الموسيقى والغناء.
وأضافت: “عندما كبرت هناسة أدرك معلموها أن لديها موهبة فريدة من نوعها، لذا فإنهم منحوها اهتماماً بالغاً، فتدربت وتمرنت على أيدي أساتذتها في معهد المكفوفين، وكانت تشارك في كل المهرجانات والفعاليات والنشاطات المقامة في المعهد وفي مناسبات أخرى، إذ إنها تمتلك العديد من المواهب، كما أنها ذكية ومحبة للحياة والموسيقى والجمال.”
والحق أن السيدة (سازكار)، والدة هناسة، أم لاثنين من المكفوفين، ولد وبنت، وقد ضحت بكل شيء من أجل أطفالها، وتعمل في المعهد كمتطوعة بشكل مجاني للخدمة في المعهد، لتسهم في زراعة الأمل لدى الأطفال المكفوفين.
إمكانيات واسعة
تشعر والدة هناسة أن ابنتها أذكى منها، إذ إن “المكفوفين أذكياء بشكل لا يوصف، ولديهم مهارات كبيرة، وأنا على الرغم من تعبي مع أطفالي، لكني أنسى تعبي عندما أراهم متفوقين، وأتمنى أن يكونوا أشخاصاً فاعلين ومهمين في المجتمع، وهي في السنة الأخيرة في المعهد، وان شاء الله إذا ما تخرجت من المعهد ستكون أمامها مرحلة أخرى، وهي الذهاب إلى معهد غير مخصص للمكفوفين، وإنما ستكون مع أقرانها ممن هم في عمرها من الطلبة الاعتياديين، ولكنها سوف تدرس وتقرأ عن طريق السماع وتكتب بطريقة (البرايل).”
أحب الجمال
من جهتها، تقول هناسة هرمان، التي بلغت الخامسة عشرة من عمرها، “إنها تحب الغناء، وتريد أن تصنع السعادة وتنشر الجمال بين الناس، وإنها تواظب على المشاركة في العديد من الفعاليات والنشاطات التي تقدم هنا وهناك في أربيل، وأود أن أشارك في كل فعالية تقام لأغني وأعزف، إذ إني أشعر بسعادة عندما أشارك في أي مهرجان او نشاط او فعالية، سواء أكان ذلك في المعهد، أي معهد المكفوفين، أو أية فعالية أخرى، وأتمنى وأحلم بأن أكون مشهورة جداً ومعروفة على مستوى البلاد.”
دعم وتشجيع
هناسة أضافت أن “هنالك الكثير من الأشخاص الذين يقفون إلى جانبي، أولهم مدرسي في المعهد، وأساتذتي بشكل عام، وأنا منذ كان عمري ست سنوات بدأت العزف على (الأورك) بآلة صغيرة وبدائية جداً، وبعدها تطورت مهاراتي في العزف، واقتنيت آلة أكبر، وكل أساتذتي يدعمونني ويشجعونني، وأيضاً أمي وأبي، وكل الذين يحيطون بي يقدمون لي الدعم لكي أقدم أكثر وأن أطور مهاراتي، وأحقق أحلامي، وأتمنى في المستقبل أن أكون فنانة ناجحة ومعروفة بين الناس، كما أني أحب تعلم اللغة الإنكليزية، وان شاء الله أكمل دراستي فيها، لأكون (برفيسورة) في هذه اللغة، أنا أقدم الغناء والموسيقى في الأماكن العامة، وأقابل الناس وجهاً لوجه، وهو في الحقيقة شعور جميل عندما أقابل أناساً مختلفين من شرائح المجتمع كافة، وأيضاً هي فرصة لكي يتعرف الناس علينا نحن ذوي الاحتياجات الخاصة أو المكفوفين، فبعض الناس في مجتمعاتنا يعتقدون أن المكفوفين هم أناس غير قادرين على تقديم شيء، لكننا على العكس فنحن لدينا مواهب وإمكانيات نستطيع أن نقدمها لخدمة المجتمع، والمكفوفون لديهم قدرات وإمكانيات كبيرة جداً. أخيراً، أحب أن أشكر أمي الحنون التي تقف إلى جانبي دوماً، وأن أقول لها (إنني أحبك يا أمي).”