أول قُبلة في التاريخ..عراقية!
خضير الحميري/
في دراسة نُشرت في مجلة (ساينس) مؤخراً، أكد عالم الآشوريات في جامعة كوبنهاكن (تورليس بانكس اربول) أنه توصل إلى أن أول قبلة في التاريخ وردت في الكتابات السومرية، وأنها تعود إلى 2500 سنة قبل الميلاد، بخلاف ما كان يُعتقد سابقاً ويُنسب إلى ثقافة (الفيدا) الهندوسية السنسكريتية 1500 قبل الميلاد، أي أن قبلتنا أقدم من قبلتهم بألف عام، ويفرق أربول بين القبلة الودية أو الأبوية (وبوسات الفواتح والأعراس) والقبلة الرومانسية، ويجزم بأن القبلة ذات السبق التي يتحدث عنها هي قبلة رومانسية لا تشوبها شائبة، وبذلك ينتصر التاريخ لإرثنا الرومانسي الموثق والمعتق.
ومرت القبلة عبر التاريخ بمنعرجات كثيرة كانت فيها مقبولة أو مذمومة، مباحة أو محرمة، متاحة أو مقيدة، بحسب العقليات القائدة والخزعبلات السائدة، فهي غالباً ما كانت تحجب أو تحرّم علناً لوازع ديني أو صحي أو أخلاقي، وقد حرّمت في القرون الوسطى مراراً بأوامر دينية أو رسمية، ويتحفظ الكثير من البلدان على ممارسة التقبيل الفموي المباشر أو إشهار صوره، وحين حل تمثال (القبلة) الشهير لرودان في اليابان عام 1930 مثلاً، جرى حجبه جزئياً بعيدان القصب، للتخفيف من وقع (الصدمة) على الجمهور!
هذا لا يعني ان الإنسان قبل تلك التدوينة السومرية الساخنة لم يكن يعرف التقبيل، فالقبلة قديمة قدم المشاعر الإنسانية، إلا أن جدنا -الإنسان الرافديني- المتحضر سارع إلى توثيقها ونحتها، بعد أن عرف وقعها وتأثيرها على النفس والجسد، وأراد أن يعممها ليُنتفع بها، لما تنطوي عليه من معاني المحبة والتقارب، ولا أجد غير ذلك سبباً للتدوين ومشقة الحفر على الحجر، ولذلك جرى الاحتفاء الإعلامي العالمي بأول قبلة في التاريخ.. ولم يحتفَ بأول (عضّة) في التاريخ.. مثلاً!
شكرا (تورليس) على هذا الاكتشاف، فقد كشفت لنا سر النكهة (التاريخية) العميقة التي تعترينا.. كلما داهمنا الحب، وأمطرنا قبلاً !!