تطابق وجهات النظر!

1٬869

خضير الحميري /

لا أعرف من أطلق عبارة “تطابق وجهات النظر” التي كانت وماتزال تتذيل أغلب البيانات الختامية للاجتماعات الثنائية والثلاثية والخماسية والسباعية…، التي يتلوها المذيع بوجه منشرح من أجل أن يوحي للمشاهد والمستمع ان الحال بين المجتمعين (أيا كانوا) هو عبارة عن سمن على عسل مع القليل من القيمر، وما علينا سوى أن (نلطع) نتائجه الكارثية عاجلا أو آجلا.
هذه العبارة بدلالاتها الاستنساخية تنافي أبسط النوازع الإنسانية والعلمية التي تقر بالاختلاف في جيناتنا وكروماسوماتنا وبصمات عيوننا و أصابعنا، وأذواقنا وتطلعاتنا وأمزجتنا وانفعالاتنا وطبيعة نظرنا الى الأشياء، التي تختلف من ساعة الى ساعة ومن يوم الى آخر، فنظري الى التشريب مثلا (ولا يهون الكباب) يختلف إن كنت جائعا عنه شبعانا، وبحسب درجات الجوع أو الشبع، ولا يوجد تطابق (مع أنفسنا) في الأقبال على الأشياء التي نحبها فكيف يكون هناك تطابق (بما يعنيه التطابق من تماثل ممل) مع الآخرين في أمور تحتمل الكثير من الجدل وتباين وجهات النظر..!
ربما كانت عبارات مثل (التقريب في وجهات النظر) (تذليل الاختلافات) (التوصل الى قواسم مشتركة) (إدامة النقاش المثمر) (الاستماع الى وجهات نظر الفرقاء) (تقييم الآراء المتقابلة) أكثر جدوى من تعابير (التطابق) التي سرعان ما (تتطربق) على رؤوسنا !!