خارج الصندوق!
خضير الحميري /
“التفكير خارج الصندوق”.. تعبير مجازي يقصد به التفكير غير التقليدي للوصول الى نتائج غير تقليدية، وهو التفكير الذي تعول عليه المجتمعات لتحقيق إنجازات مبهرة، أو هكذا فهمت من خلال (بحوشتي) عن خلفية المصطلح ونشأته، وعن علاقة الصندوق بالتفكير، ولماذا صندوق وليس كرة أو أسطوانة مثلاً، وكنت وأنا أقرأ أتحسس محيط رأسي.
فالتفكير خارج الصندوق، كما تقول مناهج التنمية المستدامة، هو طريقك الى المجد والثراء والشهرة، ومع ذلك فإن غالبية المشاهير من المبدعين والمخترعين والأثرياء، من أمثال بيل غيتس وستيف جوبز وايلون ماسك ومارك زوكربيرغ وجيف بيزوس، لم يفكروا خارج الصندوق على الإطلاق، لأنهم لم يعترفوا بوجوده أصلاً، وأطلقوا منذ الصغر العنان لخيالهم العلمي والفني وتركوا أصحاب الصناديق يركضون خلفهم لاهثين..
ورغم حداثة هذا المصطلح (ولد أواسط السبعينيات) فقد أصبح في صُلب الإدارة الحديثة، إذ يعتمد تحصيل مهارات التفكير خارج الصندوق على التعليم الأساسي والتعليم الذاتي المستمر لمواكبة المستجدات، والبيئة الأسرية والاجتماعية والحوافز المادية والمعنوية التي يجب أن توفر للشباب الراغبين بتقليد زوكربيرغ وتمزيق شرنقة الصندوق.
ومن طريف ما قرأت أن التعليمات والضوابط الإدارية التقليدية وجداول السلوك المرسومة سلفاً من علاوات وترقيات هي التي تحشر الموظف مع مرور الوقت داخل الصندوق، فيدمن على التفكير المبرمج الآمن الذي استمده كخبرة متراكمة من الموظفين الذين سبقوه في الانحشار داخل الصندوق، وهكذا تضعف لديه الرغبة بأية محاولة للتفكير خارج الصندوق، لأن مثل هذا التفكير يحمل بطبيعته قدراً من المخاطرة التي قد تؤثر… على موعد علاوته المقبلة!
الطفل مثلاً يولد وتفكيره خارج الصندوق.. تفكيره وخياله وتصوراته عن العالم .. رسومه وشخابيطه ومسمياته للأشياء كلها خارج الصندوق، لذلك هو يفاجئنا بكلماته وتصرفاته وآرائه، ونحن، المحشورين في صناديق العادات والتقاليد المتراكمة، نستأنس بهذه التصرفات البريئة لأطفالنا ما داموا أطفالاً.. ولكن ما إن يكبروا حتى نجهز لهم، بالتعاون مع الشارع والمدرسة، الصناديق التي تليق برؤوسهم الصغيرة!