ساعات!

389

خضير الحميري /

هناك أشخاص متقلبو المزاج ينطبق عليهم القول الدارج (ساعاته مو سوه)، ومثل هؤلاء الأشخاص يصعب التكهن بردود أفعالهم، كما يصعب تحديد ساعات الفرفشة من ساعات الدنفشة لديهم، وحكايتهم تشبه الى حد ما الحكاية التي تروى عن أحد ملوك الحيرة الذي قسم أيامه الى يوم (نحس) ويوم (سعد)، فإذا جاءه زائر في يوم النحس قطع رأسه وإذا جاءه في يوم السعد أكرمه وبذل له العطاء.. وأنت وحظك!
لكن حياتنا ومزاجنا ساعات، أو دقائق، وليست أياماً كما حددها ملك الحيرة، فنحن نقول عند اتخاذ قرار غاضب سرعان ما نندم عليه بأنها كانت (ساعة شيطانية)، وبخلاف ذلك حين نستمع الى بعض الود واللطف من أشخاص طالما عرفوا بالغلظة ، بأنها (ساعة رحمانية)، وحين نريد أن نذم اليوم الذي تعرفنا فيه على شخص أربك حساباتنا وعرّضنا للأذى، نقول (ساعة السودة)، وحين نسترد ديناً من صديق شيمته التغليس.. نقول (ساعة الحسم).. كما نقول عن الوقت المحدد لبدء معركة الاسترداد (ساعة الصفر)..
طبعاً نحن نتحدث هنا عن الساعة النفسية، الساعة المزاجية وليست الساعة الزمنية، فالساعة الزمنية نرتديها في معصم اليد اليسرى، أو (معصم) الموبايل، أو نثبتها على جدار الغرفة، في حين أن الساعة المزاجية هي التي (ترتدينا) وتغير من سحنة وجوهنا وتتحكم بأقوالنا وردات أفعالنا.. فرحاً أو ترحاً، ابتساماً أو تجهماً، انفتاحاً أو انسداداً.. وقد تخلعنا هذه الساعة (أو بالأحرى تسلمنا الى ساعة أخرى) بعد لحظات أو دقائق، وقد يطيب لها أن ترتدينا لأيام وشهور..
قلنا إن الساعات أمزجة، وبودي أن أسوق لكم مثالاً عن الساعات من المزاج اللبناني حيث تقول الشحرورة في إحدى أغانيها: ساعات.. ساعات، أحب عمري وأعشق الحاجات (بتعطيش الجيم)..
فيما يقول الشاعر الشعبي العراقي ملا عبود الكرخي: ساعة وأكسر المجرشة .. وألعن أبو راعيها..