الإعلام … وتحديات المرحلة

2٬578

فلاح الفضلي /

لاشك أن للاعلام دورا مهما في بناء أي نظام سياسي، خاصة إذا ما علمنا أن هذا النظام يشكل تهديدا للعقلية الشمولية التي تمارس الحكم في الدول المجاورة والإقليمية، وبناء على ما تقدم فإن مسؤولية إعلام النظام الجديد والمتطور ستكون أكبر على مستويين: الأول هو ترسيخ مبادئ العلاقة الحقيقية بين الإعلام والمسؤول والثاني مواجهة الإعلام الأصفر الذي يتربص بالتجربة السياسية الفتية الدوائر.

وعليه ومن منطلق المسؤولية المهنية والوطنية أصبح لزاما على الإعلام العراقي بشقيه الرسمي وغيره أن يكون شريكا فاعلا في بناء الوطن ومدافعا عن النظام السياسي الجديد، إلا أن مفهوم الدفاع مازال غير واضح لدى صانع القرار الإعلامي، فعقدة الماضي الدكتاتوري الشمولي القمعي مازالت تلقي بظلاها على أمكانية التعامل مع المرحلة الجديدة مع تحدي إحداث القطيعة الثقافية مع الحقبة الماضية بكل إشكالاتها وسلبياتها.

فلم يعد مفهوم الدفاع عن النظام السياسي في البلد مقترنا بالدفاع عن شخوص النظام وهنا تكمن الجدلية و محاولات التحرر منها، فالتصدي للفاسدين والفاشلين وكشف نقاط الضعف التي تعاني منها العملية السياسية مع إعطاء الحلول القانونية والدستورية لصانع القرار إنما تجعل من الإعلام الذي أريد له أن يكون بوقا تجعله سلطة رابعة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فالإعلامي الذي لا يستطيع أن يخلق من نفسه سلطة رابعة سيكون عنصرا مدمرا للوطن، وفي الجهة المقابلة فإن النظام السياسي الذي لا يوفر الإمكانيات اللوجستية والقانونية والدستورية للمؤسسات الإعلامية فإنما هو يخون نفسه بنفسه من حيث لا يعلم.

ويبقى كل ما تقدم حبرا على ورق إذا لم يتحقق مبدأ الحيادية المهنية في تقديم الرسالة الإعلامية للمتلقي، وأيضا فمفهوم الحيادية المهنية مازال غير واضح أو أن هناك من يتعمد تشويه هذا المفهوم من خلال ترويجه لأجندات غير وطنية ويدعي في الوقت نفسه أنه محايد، فالإعلامي الذي يقف على الحياد في الصراع ما بين الحق والباطل فهو بلا شك مع الباطل، وهذه رسالة للمؤسسات الإعلامية التي كانت تدعي الحياد في معركة العراق ضد إرهابيي داعش نقول لهم بكل جرأة أنكم أيها الأبواق إنما كنتم في معسكر الإرهاب ضد الوطن، ولو كان هناك تطبيق فعلي لبنود الدستور والقانون العراقي النافذ فإنكم ستحاكمون بجريمة الخيانة العظمى إذ لا حياد بين الوطن وإعدائه.

ويبقى الحياد مطلبا صعبا وعملة نادرة أن لم يكن مستحيلا في عالم الإعلام السياسي الذي بات اليوم يقود معارك أسهمت في إسقاط دول وأنظمة سياسية برمتها والأمثلة على ذلك يتكفل بتوضيحها ما أطلق عليه بالربيع العربي.

ونرجع ونقول أن مهمة الإعلام العراقي اليوم كبيرة جدا تتناسب وحجم التحديات التي تواجه الوطن منذ عام 2003 وحتى الآن، وينبغي على جميع صناع القرار في المشهد الإعلامي العراقي أن ينهضوا بمسؤولياتهم تجاه هذه التحديات ويتركوا مبدأ الربح والخسارة والحديث عن الغنائم إلى وقت آخر فالعراق هو الثروة الكبيرة التي لا تدانيها ثروة في قلب كل مواطن شريف يقدس أرضه وترابه.