بولادة قيصرية!

1٬047

علي غني /

منذ تأسيس الدولة العراقية أجرى العراق ثمانية تعدادات سكانية، خمسة منها من حصة وزارة الداخلية، وهي تعدادات لمعرفة عدد السكان وتوزيعهم الجغرافي، في حين كانت الثلاثة الأخيرة من حصة وزارة التخطيط، وتضمنت إلى جانب معرفة عدد السكان، معرفة الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، ونحن الآن على أعتاب تعداد جديد سيجرى في أواخر عام 2020.
تعدادات السكان في العراق
يقول الأستاذ سمير خضير المدير العام التنفيذي للتعداد في وزارة التخطيط:
نفذ العراق ثمانية تعدادات للسكان، خمسة منها نفذتها دائرة النفوس العامة في وزارة الداخلية، في سنوات (1927، و1934، و1947، و1957، و1965)، وأجريت جميعاً لمعرفة عدد السكان وتوزيعهم جغرافياً.
وتابع: أما التعدادات التي نفذها الجهاز المركزي للإحصاء، فكانت في سنوات (1977، و1987، و1997)، وكان الغرض منها جميعاً تعداداً خاصاً بالخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسكنية.
وأضاف: أما آخر تعداد، الذي كان مقرراً له أن يُجرى في 2009 فقد وصلنا فيه إلى مرحلة الحصر والترقيم، ثم توقف؟!
تعداد إلكتروني
قررنا أن تكون البداية من وزارة التخطيط، وبالتحديد من الجهاز المركزي للإحصاء، فكانت من غرفة عمليات التعداد التي يرأسها الدكتور ضياء عواد كاظم، الذي هو في الوقت عينه رئيس الجهاز المركزي للإحصاء إذ حدثنا بالتفصيل عن آخر التطورات عن عملية التعداد الذي سينفذ في العراق:
– سيُجري العراق في نهاية عام 2020 عملية شاملة للتعداد لجميع المحافظات بما فيها إقليم كردستان، وهذه المرة ستتم الاستعانة بتكنولوجيا معلومات متطورة، باستخدام الأجهزة اللوحية (التابلت) وشبكة معلومات الإنترنت، لتتمكن الملاكات العاملة من التراسل بالبيانات في الميدان فضلاً عن متابعة سير العمل لضمان دقة المعلومات وسرعة استخراج النتائج، كما سيتم استخدام تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية، إذ سيكون هناك رقم جغرافي لكل مبنى ومسكن يمكن أن يساعد أية مؤسسة خدمية بالوصول إليه، كما أن حقل القومية سيعالج في وقت مبكر في حال الإشارة اليها في حقل المعلومات التي يجب ذكرها.
*وهل ستستعينون بالملاكات التعليمية والتدريسية كما جرت العادة في التعدادات السابقة؟
– نعم، سنعتمد على الملاكات التعليمية والتدريسية كما حصل في التعدادات السابقة.
*وما دور الأمم المتحدة في عملية التعداد؟
– سيكون لها دور مساعد وداعم، إذ ستقدم الاستشارة التوجيهية لتطبيق توصياتها التي كانت قد أصدرتها بصدد التعدادات العامة للسكان.
*وهل ستُعتمد مخرجات التعداد؟ وهل ستنال كل محافظة حقوقها من الثروة؟
– إن أهداف التعداد تنموية تساعد على اعتماد الأعداد الحقيقية للسكان في توزيع الموارد المالية بنحو عادل.
*ما الوزارات التي ستنسق معها وزارة التخطيط؟
– نشاط التعداد يعد نشاطاً حكومياً تشترك فيه العديد من الوزارات.
*هل وجدت الوزارة قبولاً من أطراف العملية الساسية في إجراء مثل هذا التعداد؟ وكيف نقنع الناس بأن هذا التعداد يجري من دون تزوير؟
– نعوّل كثيراً على مناصرة الساسيين في إجراء التعداد، وسنعتمد كل المعايير الدولية لتعزيز الثقة والاطمئنان بنتائج التعداد.
*يعتقد المتخصصون أن هذا التعداد سيغير وجه العراق..
– التعدادات هدفها رسم الخطط والسياسات دائماً، ومن المؤكد أن البيانات المنبثقة أفضل أداة لرسم مستقبل مشرق للبلد.
*وما استعداداتكم لإجراء التعداد؟ وهل ستعتمدون على المعلومات السابقة التي هُيئت لتعداد عام 2009، وتعمدون إلى تحديثها؟
– في ما يتعلق بالاستعدادات انتهينا من تشكيل اللجنة العليا للتعداد، واللجان المتعددة، والعمل مستمر للتنفيذ الأولي، ونعم.. يمكننا الاعتماد على المعلومات السابقة التي دونت استعداداً لإجراء تعداد عام 2009، حتى لا نبدأ من الصفر، إذ أن مرور 10 سنوات على هذه المعلومات كفيل بإجراء تغييرات وتطورات بضمنها عمليات النزوح من المدن وتدمير المدن من قبل عصابات داعش.
*وهل تم اختيار المنطقة التجريبية لإجراء التعداد؟
– لم يتم حتى الآن اختيار المنطقة التجريبية، وستحدد في حينها.
الإنسان هو هدفنا
رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، في كلمته بالاحتفال في اليوم العالمي للسكان الذي أقامته وزارة التخطيط، بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس صندوق الأمم المتحدة للسكان، وتزامناً مع استعداد العراق لتنفيذ التعداد السكاني العام سنة 2020، أكد ضرورة أن تتفاعل جميع الجهات والهيئات والمؤسسات الدينية والبرلمانية والاجتماعية مع التعداد العام للسكان، لأن هدفه هو الإنسان الذي يجب أن يعطى الأولوية في الصحة والتعليم والمجالات العلمية والاقتصادية والتنمية البشرية، مشيداً بجهود المكتب الإقليمي للأمم المتحدة وصندوق الأمم المتحدة للسكان في هذا المجال إلى جانب جهود وزارة التخطيط والجهاز المركزي للإحصاء لتوفيرها قاعدة بيانات مناسبة تخدم خطط الحكومة وتمكنها من تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ملاكاتنا ستشارك في التعداد
عضو الهيئة العليا للتعداد العام للسكان، الأستاذ نايف ثامر المدير العام للتخطيط في وزارة التربية، أكد لنا أن الوزارة هيأت أعداد الهيئات التدريسية والتعليمية التي ستشارك في التعداد، وعلى حسب الوحدات الادارية، من أجل إجراء عملية الإحصاء.
أضاف ثامر: كما قد سُمّي ممثلو الوزارة في اللجان الفرعية للتعداد لغرض الاستعداد الجيد لتغطية عملية التعداد، وما زال التنسيق قائماً مع وزارة التخطيط لمتابعة المستجدات الجديدة.
الأمم المتحدة غابت عن اللقاء!
اتصلت بالمنسقة الإعلامية لمكتب الأمم المتحدة السيدة سلوى موسى، وسلمتها الأسئلة، التي كان أبرزها: ما دور الأمم المتحدة في عملية التعداد؟ وماذ ستوفر؟ وما الآلية التي ستدخل بها في عملية التعداد؟ وهل ستقدم الدعم المادي للحكومة العراقية؟ واذا كانت ستقدم المشورة، فما نوع المشورة؟ وهل لديها تنسيق مع وزارة التخطيط أو الوزارات الأخرى؟ وهل ستسهم في تدريب العدادين؟
لكني فوجئت بالسيدة سلوى بعد أكثر من أسبوعين من تسليمي الأسئلة، والاتصال المستمر، تقول لي: إن مدير المكتب ونائبه غير موجودين في العراق، وإنهما مسافران، وبذلك غاب عنا دور الأمم المتحدة!
دور كبير للداخلية
اللواء الدكتور سعد معن، مدير دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، أكد لنا أن وزارة الداخلية سيكون لها دور كبير في وضع الخطط الأمنية الخاصة بأمن التعداد.
وتابع معن: ستكون هناك لجنة عليا لمتابعة هذا التعداد وفق ما هو مخطط له، وهذا سيتم بالتعاون مع قيادات العمليات في بغداد والمحافظات لتشكيل غرف عمليات قبل إجراء عملية التعداد وبعدها.
وأوضح: إن وزارة الداخلية ستبدي المساعدة المناسبة لكل شخص فقد المستمسكات الرسمية، وسنوجه المكاتب والدوائر المعنية بالتعاون المطلق مع المواطنين للحصول على الوثائق الرسمية التي تساعدهم في عملية التعداد.
وأشار إلى: أن هناك تنسيقاً بين وزارة الداخلية في المركز وإقليم كردستان، وسنتعاون لتحقيق عملية تعداد سكان نموذجية وناجحة في العراق إن شاء الله، لأن الجميع حريصون على إنجاح هذه التجربة.
وبيَّن الدكتور معن: إن الداخلية ستوفر الحماية للعدادين، كما ستشكل لجنة أمنية عليا على مستوى عالٍ وستضم الأطراف المعنية، وسيكون فيها تمثيل للأجهزة الأمنية في محافظات البلاد كافة.
*وفي سؤالنا عن نوع حركة السير في بغداد والمحافظات يوم التعداد العام للسكان، هل ستكون مطلقة أم مقيدة؟ وهل توجد استشناءات للصحفين أو غيرهم؟
أجاب: إن طبيعة عملية إجراء تعداد سكاني في أي بلد من بلدان العالم تتطلب نوعاً من التواجد داخل المنازل أو المناطق أو المحافظات المحددة لتسهيل عملية إجراء التعداد بدقة ومرونة، وسيكون لوزارة الداخلية تنسيق مسبق للوصول إلى رؤية أمنية مشتركة تحقق الهدف من التعداد، وحتماً ستُراعى مصلحة المواطن أولاً.
وقال: إن الوزارة سيكون لها دور كبير في تسخير الإمكانيات الأمنية والخدمية مع باقي موسسات الدولة للعمل على إنجاح هذه الممارسة، وستكون هناك دوريات راجلة ومتحركة، وفرق أمنية واستخبارية وغرف عمليات كلها تعمل بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى.
*وعن سكان العشوائيات الذين سكنوا في محافظات معينة، وكانوا يسكنون في محافظات أخرى، وما إجراء الوزارة بحقهم؟
أجاب: إن عملية تقييد السكان وإدراجهم في المحافظات التي يسكنون فيها عبر مسح مناطق البلاد جميعاً هو من اختصاص الهيئة العليا المشرفة على السكان، وهو إجراء ستضطلع به هذه الهيئة، ونأمل أن يكون هناك تعاون مع الجهات الأخرى.
الكل يشترك في التعداد
الهيئة العليا للتعداد في العراق تمثل عدة وزارات، منها وزارة التخطيط، والجهاز المركزي للإحصاء، واقليم كردستان، ومجلس النواب، ووزارات (الداخلية والخارجية والتربية والتعليم العالي والبلديات والثقافة والنقل والاتصالات والزراعة والموارد المائية والهجرة والمهجرين) فضلاً عن الأمم المتحدة.