«أبو بكر عباس».. رأســـه أيقونة انتصارنا

890

انتهى داعش.. فرفاق أبي بكر يحاصرون من تبقّى من الإرهابيين في الموصل الحبيبة التي تستعدّ للاحتفال باسترداد عراقيتها، وستكون صورة أبي بكر برأسه المرفوع عالياً علامة هذه النهاية الوشيكة

اسمه أبو بكر، واسم أبيه عباس، ولم يكن بينه والقيامة إلا سكاكين يحملها وحوش بهيئات آدميين، ولم يحنِ رأسه لهم ولم يتضرّعْ.

ستذهب تفاصيل الحكاية هدراً، سيقال إن هذا الضابط الجَسور اختطفته عصابات داعش مع رفاقه وهم يرومون إيصال المساعدات للنازحين، وسيحتجز عندهم فترة من الزمن يقررون بعدها ذبحه قرباناً على مذبحهم الدمويّ الذي توارثوه من ظلام القرون.

هذه تفاصيل تتبخّر عند اللحظة التي صار فيها حدّ السكين على الرقبة. لحظة كهذه، لحظة يأتي الموت بسلطانه لم نختبرها، فلا نعرف عنها شيئاً، اختبرها كثيرون ونقلوا لنا في كتب التاريخ إحساسهم في تلك البرهة القصيرة من الزمن قبل إغفاءتهم الأبديّة، قال أحدهم وهو يضع قدمه في دائرة الموت (أشعر أن السماء انطبقت على الأرض وأنا بينهما أتنفس من خرم ابرة).

أفكّر الآن باسماعيل الذبيح، الذي قال لأبيه “يا أبتِ افعلْ ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين”، وأفكّر كيف أن الصبر حين الذبح لا يطيقه إلا نبيّ أو من سكنته روح نبيّ.

وأفكّر بالذبيح الأكبر الذي ما أن احتزّ رأسه في كربلاء حتى ملأ اسمه الخافقين.

ذُبِح أبو بكر بن عباس، واقتطع الوحوش رأسه الذي لم ينحنِ وصار أيقونة عراقية يتناقلها مواطون أعاد إليهم أبو بكر صورة العراقيّ الذي يهزأ بالموت، كما أعاد عليهم صورة الشرف العسكريّ الذي أراد الطغاة منذ صدام أن يجعلوه نسياً منسياً فذكّرنا به رأس أخينا العراقيّ أبي بكر الذبيح.

وسيختلف بعضهم حوله: فمن قائلٍ أنه من جنوب العراق، ومن قائل أنه من غربه، ولا عجبَ فمنْ لا يريد شرف أن ينتسب لهذا الإنسان الذي منحنا أملاً بعراقٍ كدنا ننساه؟

اختلفوا حوله لكنّ قاتليه من الدواعش أعرف الناس بانتسابه، يعرفون بأنه عراقيّ وحسب، لهذا خطفوه، ولهذا ذبحوه، ولهذا صار ذبحه وبالاً عليهم، فبعد أن أصبح أيقونتنا لجأ هؤلاء المجرمون إلى التنكيل به، فلم يشفِ قلوبهم ذبحه حتى استهدفوا مجلس عزائه في العامرية بالقذائف، لكنّ كل ذلك قبض ريح فالسهمُ الذي أطلقه أبو بكر عليهم وصل إلى قلوبهم وانتهى الأمر.

انتهى داعش. رفاق أبي بكر يحاصرون من تبقّى من الإرهابيين في الموصل الحبيبة التي تستعدّ للاحتفال باسترداد عراقيتها، وستكون صورة أبي بكر برأسه المرفوع عالياً علامة هذه النهاية الوشيكة.
نحن مدينون لهذا الذبيح الذي ذبح قاتليه.