(أبو سدرة) حفيد الإمام الكاظم (ع) وعميد السادة العلويين
عامرجليل ابراهيم /
أبو سدرة، ابن الكاظم، الماجد، سيد أحمد، أبو عجلان، كلها أسماء وألقاب أطلقت على مزار يقع في قضاء المجر الكبير بمحافظة ميسان وعلى الضفة الجنوبية اليمنى من نهر دجلة للقادم من بغداد الى ميسان.
يبعد المزار عن المحافظة بنحو 20 كم، وتحيط به غابة من أشجار السدر تعرف عند أهل القضاء بـ(غابة أبو سدرة)، وهذا المزار هو لعميد السادة العلويين السيد محمد بن المحسن بن موسى من أحفاد الإمام الكاظم عليه السلام.
“مجلة الشبكة العراقية” تشرفت بزيارة المزار الشريف لتسليط الضوء على هذه البقعة الطاهرة ضمن سلسلة (السياحة في العراق) لما له من أهمية على مستوى السياحة الدينية العراقية والتقت السيد أحمد زاير الحميداوي الأمين الخاص للمزار:
*من هو أبو سدرة؟
يقول السيد أحمد الحميداوي: إنه السيد محمد بن المحسن (حفيد الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام)، كان عالماً فاضلاً جليلاً وعميداً للسادة العلويين، يعرف عند بعض الناس بالسيد أحمد الماجد، وهذا ما ذكره صاحب كتاب (معالم الآثار في معرفة مراقد الأبرار) للبغدادي. يضيف السيد الحميداوي: اسمه هو السيد محمد بن المحسن بن موسى بن الحسن بن إبراهيم أبو إسحاق بن إبراهيم أبو عبدالله بن علي، أبو الحسين بن المحسن أبو طالب بن إبراهيم العسكري بن موسى أبو سبحة بن إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى الكاظم (ع).
ولادته ووفاته
يذكر السيد الحميداوي أن تاريخ ولادته غير معلوم، لكن على ما ذكر في مخطوطة عيسى كمال الدين وتحديد سنة وفاته، فيكون من الواضح أن السيد محمد بن المحسن قد أدرك أربعة من الخلفاء العباسيين وهم: القائم بأمر الله المتوفى سنة 467هـ، ومن بعده ولده الخليفة المقتدي بأمر الله المتوفى سنة 487هـ، ومن بعده أدرك خلافة المستظهر بالله المتوفى سنة 512هـ، وعاصر شطراً من خلافة المسترشد بالله الذي توفي السيد محمد بن المحسن في خلافته سنة 524هـ.
يستدرك السيد الحميداوي أن المتتبع للتاريخ يجد هذه الفترة الممتدة من سنة 467هـ-524هـ كانت من أحلك الفترات في كثرة الفتن والصراعات والاضطرابات والثورات في التاريخ الإسلامي.
ألقابه
للسيد محمد بن المحسن بن موسى ألقاب عدة اشتهر بها بين عامة الناس منها (ابن الكاظم) نسبة الى جده الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع)، ومن ألقابه ايضاً (أبو سدرة)، وهو أشهر لقب عُرف به المرقد نسبة الى شجرة كبيرة من السدر قديمة جداً عمرها أكثر من 360عاماً كان الناس يستظلون تحت أغصانها وبقيت الى جوار قبره فعرف مزاره بها، قطعتها حكومة النظام البائد في حملته لتهديم المزارات الشيعية سنة 1990م ونما ما تبقى من أغصانها فعادت من جديد وهي بجوار المرقد الشريف. ومن ألقابه “الماجد” و “سيد أحمد” و “أبو عجلان.”
* زائروه وزيارته..
يحدثنا السيد الأمين الخاص للمرقد عن زيارته فيقول: هي في الأيام الاعتيادية الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع، أما الزيارة الكبرى التي اعتاد عليها الأهالي فهي في 25 رجب ذكرى استشهاد جده الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) إذ يأتيه الناس مشياً على الأقدام من قضاء المجر الكبير والقرى المجاورة لقبره، كذلك في وفاة النبي الأكرم (ص) وعيدي الفطر والأضحى وعيد النوروز.
إعمار المرقد
أما عن مراحل الإعمار التي مر بها المرقد ومساحته، وغيرها من الأمور، فيحدثنا الحميداوي قائلاً: المزار مرّ بمراحل عدة من سنة 1893م حتى يومنا هذا، وفي سنة 1978م كانت قد جرت توسعة المرقد الشريف، لكن بعد عشر سنوات من ذلك لم تستوعب بناية المزار العدد الكبير من الزائرين فتوسع في سنة 1988م بتهديم البناء السابق وبنائه بناءً حديثاً بصورة أوسع. بعدها هدم المزار سنة 1990م من قبل النظام البائد الذي شن حملة واسعة على المزارات لتهديمها وإزالتها. وفي سنة 1991م حصلت الموافقة على إعادة بنائه فباشر السدنة برفع الأنقاض وتم البناء على نفس الأسس.
وعن مساحته يحدثنا السيد الحميداوي: إن المساحة الكلية للمرقد تبلغ 7 دونمات تقريباً، حسب ما مثبت في الخارطة، واليوم يشهد المزار مراحل بنائه الأخيرة. جدير بالذكر أنه كان تابعاً لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في زمن العهد السابق، ومنذ سنة 2008م أصبح تابعاً للأمانة العامة للمزارات وفق قرار 19 لسنة 2005م، وقد كنت أنا الأمين الخاص لهذا المرقد وخادمه، ووالدي هو المتولي الى وفاته سنة 2017م، وقد أنجزنا مراحل عدة في إعماره بدعم من الأمانة العامة للمزارات بجميع أمنائها العامين، وقد جرى الاتفاق على إعادة إعمار هذا المرقد بعد الاتفاق مع القسم الهندسي حتى يكون هذا المزار هو الأول الذي يُنفذ إعماره في العراق، لذا سمي هذا المشروع بـ(مشروع التحدي) لأن الدولة تمر بظروف مالية حرجة بسبب قلة الموارد.
وفي يوم 10/8/2016م وضعنا الحجر الأساس وبدأت مرحلة الإعمار، وهي المرحلة الأولى، وبعد مرور خمسة أشهر من العمل المتواصل أكملنا الهيكل ووضعنا القبّة على شكل هيكل حديدي، وانتهت المرحلة الأولى بتغليف القبّة من الداخل والخارج بالكاشي الكربلائي. وفي 21/12/2018م افتتحت المرحلة الأولى واستمررنا في العمل بدعم من الشيخ خليفة الجوهر نائب الأمين العام للمزارات ومباركة رئيس ديوان الوقف الشيعي حجة الإسلام والمسلمين السيد علاء الموسوي أكملنا المرحلة الثانية وهي المرمر والمزجّج والكهربائيات والتبريد والشبّاك المصنوع من الذهب والفضة. وقد افتتحت الأمانة العامةُ المرحلة الثانية في 21/2/2019م برعاية الشيخ خليفة الجوهر وبحضور جماهيري واسع من السادة والمشايخ والأساتذة والإعلاميين، واليوم ما زلنا مستمرين بالعمل حتى انهاء المراحل الأخيرة وهي تغليف المساحات الخارجية والأواوين الخاصة في الصحن.
يضيف السيد الحميداوي: مساحة الحرم الداخلي تبلغ 625م مقسمة الى قسمين، للرجال وللنساء، مساحة قسم النساء 190م، ومساحة قسم الرجال 150م، وبينهما حاجز، أما القبّة فارتفاعها 21م وقطرها (9.60)م مغلفة الكاشي الكربلائي. أبعاد الشباك 3×4م، تبرع بنفقة صناعته أحد الإخوة المؤمنين هو المهندس صادق القريشي، وكانت صناعته في جمهورية إيران الإسلامية بمدينة أصفهان، داخل الضريح يوجد الخاتم وهو من الخشب الصاج وصندوق الخاتم يحتوي على نقوش إسلامية وآيات قرآنية وزخارف إسلامية، منحوتة فيه شجرة السدرة والنسب الشريف على الخشب الصاج. الأبواب صُنعت في النجف الأشرف في حي الحرفيين معمل البيت الذهبي للحاج كفاح شمرتي وأولاده، وهي أربعة أبواب مقسّمة الى: باب “الإمام الكاظم” “وباب القِبلة” “وباب الإمام الرضا” “وباب السِدرة” التي تكون من جانب النهر حيث السدرة موجودة في هذا المكان. أما خارج الحرم فثمة مساحة بعرض 3م وارتفاع 6م من جهتي المزار اليمنى واليسرى ولها ملحقان؛ الأول غرفة بعرض 2م وطول 6.5م وارتفاع 4م مخصصة للصوتيات وقراءة القرآن ورفع الأذان والأدعية، أما الغرفة الأخرى فهي سرداب الى أسفل القبر ارتفاعه 3م وطوله يقارب 15م حتى نصل للقبر الشريف، أما هذه الغرفة فمساحتها 4.5 ×4م وارتفاعها 2.5م ويوجد فيها القبر الشريف، وهي مجهزة بجهاز مكيّف وإنارة وكلها مكسوّة بالمرمر والعين كار ومصممة حسب التصاميم الهندسية، وقد ذكرنا أن المساحة الكلية هي 7 دونمات المستغلة منها 5 دونمات فقط والباقي من المساحة هي متنزه ومرآب للعجلات وملحقات المرقد من إدارة وإعلام ومطبخ ومنام وقاعة للمناسبات والنشاطات الثقافية والدينية، ويوجد مسقف ارتفاعه 4م وعرضه 14م بطول 65م، وأرضيته من الكاشي الموزاييك لراحة الزائرين. أما الصحيات فكانت سابقاً اثنتين للرجال ومثلهما للنساء، أما اليوم فثمة 14 صحية للرجال ومثلها للنساء، ونأمل في توسعة هذه الخدمات أكثر في المستقبل.