أجهزة الدولة تدعم ساحات التظاهرات
ريا عاصي /
بعد مرور شهر من الاحتجاجات والتظاهرات والاعتصام داخل ساحة التحرير، تأثثت الساحة بمعالم جديدة صارت معلومة للزائرين والمعتصمين داخل الساحة، فالخيام التي تزود المعتصمين بالأكل والشرب تمتد في شارع السعدون وعند بناية المطعم التركي، والخيام التي تقوم بغسل الملابس، وأخرى تزود المعتصمين بالأفرشة والأغطية والعديد من خيام الإسعافات الأولية وكذلك خيمة للمفقودات وخيمة للمحامين والإجابة عن استفسارات الشباب حول القوانين والدستور وخيمة للكتب وأخرى لتدريس تاركي المدارس من أجل الحصول على الشهادة للمراحل المنتهية.
من بين هذه الخيام توجد 6 خيم كبيرة توزعت في أرجاء الساحة وعند شارع السعدون والشارع المتجه إلى ساحة الخلاني وعند المطعم التركي وشارع أبي نوّاس وفي بداية شارع الرشيد تابعة لوزارة الصحة مجهزة بالأسرّة الطبية والمعدات وفرق من الأطباء والمسعفين، كما أن لكل خيمة من هذه الخيم مفارز متنقلة تتابع سير الاحتجاجات والمحتجين لتسرع في إسعاف المصابين وحالات الإغماء التي يمكن أن تحدث بسبب الزخم البشري أو التعب والإرهاق.
وبالرغم من توفر العديد من المشافي، إلا أنني جوبهت برفض الأطباء اللقاء معي والحديث لي كونهم يتخوفون من الصحافة والتصريح الصحفي وهم غير مخوّلين للإدلاء بأية معلومات أو التصريح بأعداد الجرحى، بالرغم من ذلك تحدّث لي أحد المنتسبين قائلاً: “نحن نقف في ساحة الاحتجاج والتظاهر لذلك سأتحدث معك لأني مؤمن بحرية الرأي”.
الدكتور علي، 26 عاماً، يقول: “أنا خريج عام 2017 تم تعييني شهر تموز 2019 في بغداد بالرغم من أني ابن الناصريه ومنذ تعييني وليومنا هذا لم أتسلم راتباً او مستحقات”.
“منذ الأسبوع الأول للتظاهرات شرعت وزارة الصحة في إنشاء خيم لإسعاف المصابين من المتظاهرين ومنتسبي الأمن داخل ساحة التحرير، وكنت ضمن فريق طبي تمركز داخل الساحة مع سيارتَي إسعاف من مستشفى الواسطي لإيصال المصابين بجروح إلى المشفى.”
واضاف: “وضعنانا جدولاً للتناوب داخل الساحة، ومن يومها وأنا وزملائي نعمل كخلية نحل داخل ساحة التظاهر، معي داخل نفس الفريق طبيب مسيحي من أهالي الموصل، لكننا بدأنا نشعر بأننا أبناء بغداد لأن الأهالي يعاملوننا على أننا حالنا من حال أبنائهم المتظاهرين، فهم يوفرون لنا الأكل والشرب ويقدمون المساعده في حال نفاد إحدى المواد او العلاجات.”
وعند سؤالي عن الصعوبات التي يواجهونها قال: “للأسف فإن وزارة الصحة مازالت تعمل بقوانين النظام السابق، لذا غير مسموح لنا التصريح بأعداد الجرحى وكمية العوز لصنوف الدم، وهذه المشكلة نعاني منها جميعاً ولذلك رفض جميع الأطباء الحديث معك.”
وحين سؤالي عن حلمه قال: “أحلم بالتخصص بأمراض الدم، وبأن يفتتح مشفى خاص لمرضى الدم في محافظتي الناصرية حيث أغلب أطفال المحافظة مصابون بأمراض الدم وبأن يكون العلاج مجانياً ولجميع المواطنين.”
في بداية شارع السعدون، عند الساحة، تقف مفرزة طبية تابعة لجمعية الهلال الأحمر. تحدثت مع السيد عزت رياض، مسؤول شعبة الإعلام الذي باشر بالقول: “من يوم 25 تشرين الأول استنفرت جمعية الهلال الأحمر العراقي من أجل نصب خيم وفرق جوالة داخل سوح التحرير العراقية بالتنسيق مع وزارة الصحة.”
وعند سؤالي عن مشاهداته قال: “ساحة الاعتصام هذّبت العديد من النفوس وعلّمت الشباب كيفية العمل بالتنسيق وكيفية نبذ الخطأ، فقبل يومين قامت مجموعة من الملثمين بسحب واستدراج أحد افراد مكافحة الشغب وقاموا بضربه بشدة، وفي الطرف الآخر صاح أحد المتظاهرين صارخاً بصوت عالِ: سلمية، سلمية، فتجمع عدد من المتظاهرين ليخلصوه ومن ثم ليعملوا حلقة حوله وإيصاله إلى خيمتنا للعلاج والتداوي.”
ثم أضاف: “ننقسم إلى وجبات صباحية ومسائية، من خلال ملاحظاتنا شعرنا بوجود تلاحم شعبي بين أهالي بغداد والمتظاهرين، إذ يقوم العديد من الأهالي بإطعام المتظاهرين، كما أن أصحاب المذاخر حين علموا بشرائنا للمواد الطبية من أجل ساحات التظاهر قاموا بتخفيض الأسعار والبعض منهم تبرعوا بالدواء مجاناً.”
الدفاع المدني
العقيد جودت، المدير الإعلامي للدفاع الوطني، قال: “توجد لدينا 17 سيارة إطفاء حرائق و 20 سيارة إسعاف و 130 مسعفاً تابعين للدفاع المدني داخل ساحة التحرير والمناطق المجاورة لها.”
لكني مع الأسف لم أتمكن من الحديث معهم داخل الساحة لعدم السماح لهم بالتصريح للصحافة، لذلك تحدثت مع المتظاهرين وأصحاب الخيام أنفسهم للحديث عن الدفاع المدني.
أمانة بغداد والمتطوعون
عند بناية المطعم التركي تجد خيمة كبيرة كتب عليها (متطوعو تنظيف الساحة والمطعم التركي) وبقربها العديد من الحاويات ومعدات التنظيف، وتقف سيارة جمع النفايات التابعة لأمانة بغداد.
التقيت رغد قاسم ،27 عاماً، متطوعة لتنظيف الساحة، قالت: “عند زيارتي لساحة التحرير في الأسبوع الأول للتظاهر هالتني كمية النفايات المتكدسة نتيجة قطع الطرق وعدم مرور مركبات جمع النفايات، كتبت في صفحتي الشخصية منشوراً دعوت فيه الشباب للتطوع للتنظيف والتبرع بمعدات النظافة، وبعد أقل من أربع ساعات تجمع عدد غفير من المتطوعين مع معداتهم لتنظيف الساحة وبناية المطعم التركي، ومن ثم قمنا بالاتصال بأمانة العاصمة وقاموا مشكورين بتلبية طلبنا وإرسال العديد من العمال وسيارات جمع النفايات وحاويات النفايات.”
أضافت قاسم “قمنا بتقسيم أنفسنا إلى فرق عدة، وبالفعل تم نقل النفايات من الساحة ومن المطعم التركي ومازالت سيارات نقل النفايات تتقاطر في الساحة بشكل كبير يوازي الزخم الكبير الذي يعج بالناس.”
السيد عقيل حسن، سائق سيارة جمع النفايات، خمسيني، يقول: “أنا من العاملين في شارع أبي نوّاس منذ ثلاث سنوات، كنت أعمل ضمن الوجبة الصباحية مع خمس فرق نتوزع على شارع أبي نوّاس، أما في شهر تشرين الثاني فقد تم استنفارنا للعمل على الوجبات واستقدام سيارات أكثر ليستمر العمل داخل الساحة والمناطق المحيطة 24 ساعة في اليوم كي نوازي الزخم الحاصل.”