أطاحت بالنظام الملكي في العراق.. ثورة تموز 1958 ثمرة مناهضة الاستعمار

563

ترجمة: آلاء فائق /

في عام 1958، أنهت ثورة 14 تموز النظام الملكي الهاشمي في العراق الذي استمر 37 عاماً وأُسست الجمهورية العراقية، عندما فجرت مجموعة الضباط الأحرار، بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم ومساعدة العقيد عبد السلام عارف ثورة 1958، كانت هذه الثورة مستوحاة من الحركة القومية العربية وحركة عبد الناصر المصرية التي أطاحت بالنظام الملكي المصري في عام 1952.
حلف بغداد
شأنهم شأن كثير من العراقيين، كان الضباط الأحرار محبطين من النفوذ الغربي، لاسيما البريطاني، على البلاد. أيدت المملكة المتحدة والولايات المتحدة إنشاء ما يعرف بحلف بغداد بين العراق وإيران وباكستان وتركيا في عام 1955، الذي عدّته مصر عدواناً واستاء كثير من العراقيين منه. تفاقم هذا التململ في عام 1956 عندما دعم النظام في العراق الغزو البريطاني لمصر في أزمة السويس.
لم يكن حلف بغداد سوى صفقة ستراتيجية كان الغرض منها هيمنة بريطانيا وفرنسا ثم أمريكا على المنطقة لدواعٍ ستراتيجية أهمها الوقوف بوجه الإتحاد السوفيتي والسيطرة على منابع النفط واستيلاء الولايات المتحدة على إرث بريطانيا وفرنسا، لاسيما بعد حرب السويس أو ما سمي بالعدوان الثلاثي على مصر، ووقوف حكومة نوري السعيد بشكل معلن مع دول العدوان.
ثورة 14 تموز
كان قادة الثورة في العراق، هم كل من خالد النقشبندي، عبد السلام عارف، عبد الكريم قاسم، محمد نجيب الربيعي.
ففي 14 تموز 1958، أطاحت مجموعة عرفت باسم الضباط الأحرار، وهي مجموعة عسكرية سرية بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم بالنظام الملكي. كانت هذه المجموعة ذات طابع عربي بشكل ملحوظ. وقتل كل من الملك فيصل الثاني والأمير عبد الإله ونوري السعيد.
فكرة مستوحاة
كانت فكرة الضباط الأحرار مستوحاة من تنظيم الضباط الأحرار المصريين الذين أطاحوا بالنظام الملكي المصري عام 1952. كانوا يمثلون جميع الأحزاب ويمثلون مختلف الفصائل السياسية. كان معظم الضباط الأحرار من العرب الذين جاءوا من الطبقة الوسطى الحديثة. استلهم الضباط الأحرارعدداً من الأحداث في الشرق الأوسط في العقد السابق لعام 1952. كانت حرب عام 1948 ضد إسرائيل بمثابة تجربة حفزت إحساس الضباط الأحرار المصريين بالواجب. لقد فهموا مهمتهم، المتمثلة بالإطاحة بالأنظمة الفاسدة التي أضعفت الأمة العربية الموحدة. إن نجاح الضباط الأحرار في الإطاحة بالنظام الملكي المصري والاستيلاء على السلطة عام 1952 جعل عبد الناصر مصدر إلهام لغيره.
ليس لمصر دور عملي في ثورة تموز
كانت مجموعة الضباط الأحرار في العراق منظمة سرية وكان التخطيط والتوقيت يتم على يد عبد الكريم قاسم ومساعده العقيد عبد السلام عارف. سعى الضباط الأحرار لضمان دعم عبد الناصر ومساعدة الجمهورية العربية المتحدة لتنفيذ الثورة لأنهم كانوا يخشون أن يقوم أعضاء حلف بغداد لاحقاً بإسقاط الضباط الأحرار كرد فعل على الانقلاب. لم يقدم ناصر سوى الدعم المعنوي، ولم يقدم أي دعم مادي، لذلك لم يكن لمصر دور عملي في الثورة العراقية.
السيطرة على الإذاعة
في صباح يوم 14 تموز، توجه العقيد عارف مع اللواء 20 إلى بغداد، وسيطروا على الإذاعة التي وجه بثها للترويج للثورة. وأرسلت القوات للقبض على الملك فيصل الثاني وولي العهد عبد الإله فضلاً عن أفراد آخرين من العائلة المالكة. رئيس الوزراء نوري السعيد تنكر وهرب، لكنه قُبض عليه في الشارع في اليوم التالي وقتل أيضاً. عُين الزعيم عبد الكريم قاسم رئيساً جديداً للوزراء وأنشئت هيكلية حكومية جديدة في الأسابيع التالية.
أمريكا تخشى على مواطنيها
خلقت أعمال الشغب الجماعية التي أعقبت الانقلاب حالة تهدد حياة الأجانب المقيمين في المدينة بالخطر، وقد لقي ثلاثة مواطنين أمريكيين مصارعهم. وعلى إثر ذلك، خشيت حكومة الولايات المتحدة على استقرار أنظمة الشرق الأوسط الحليفة الأخرى.
استياء من الاستعمار البريطاني
كان هناك كثير من الاستياء الذي يختمر في صدور المتعلمين من العراقيين ضد كافة أشكال الاستعمار البريطاني المتبقية؛ واستياء شديد من السفير البريطاني، الذي عمل كما لو كان حاكماً للعراق آنذاك، لذلك كان هناك كثير من التيارات الخفية ضده.
في المجتمع الغربي، لاسيما لدى البريطانيين، والفرنسيين والإيطاليين وغيرهم، كان ثمة شعور بأن العراق سوف يمر بمتاعبه بشكل جيد لأنهم كانوا ينفقون الأموال على الخدمات الاجتماعية، لكنهم لم يحاولوا بناء جيش عراقي، في الواقع، كانوا حريصين على خدمات عسكرية صغيرة، كما أنشأ البريطانيون مؤسسات عدة جرى الحفاظ عليها.
توقعات الساسة الأجانب عن الثورة
في الفترة التي سبقت الثورة، كانت هناك بداية للأحزاب السياسية في العراق. اعتقد بعض السياسيين البريطانيين ممن كانوا يعملون في السفارة البريطانية أن النظام الملكي كان يعيش على شفا كارثة وشيكة. كما تنبأ أحد المساعدين العسكريين بحدوث ثورة أو اندلاع انقلاب عسكري في صيف عام 1958. كما توقع ضابط آخر، وهو عضو في وكالة المعلومات الأمريكية، من اتصالاته بالصحفيين والمجتمع الفني، احتمالية الإطاحة بالنظام الملكي.
كيف نجت الأميرة هيام
الأميرة هيام (1933-1999) هي ابنة الشيخ محمد الحبيب، تزوجت من ولي العهد العراقي عبد الإله عام 1953. نجت من مذبحة العائلة المالكة في ثورة 14 تموز.
في 14 تموز 1958، في حوالي الساعة 8:00 صباحاً تعرض القصر الملكي “الرحاب” في بغداد، لهجوم الثوار. عندما أدرك المدافعون عن القصر أنهم غير قادرين على الصمود طويلاً، وأنه سيستحيل عليهم الدفاع عن العائلة المالكة، وافقوا على تسليمهم للثوار، الذين ذكروا أنهم سينقلونهم إلى الحجز في وزارة الدفاع. العائلة المالكة المكونة من الملك وولي العهد والأميرة هيام والأميرة نفيسة (والدة ولي العهد) والأميرة العبادية (عمة الملك) وكذلك بعض أفراد الطاقم الملكي، غادروا القصر جميعاً عبر المطبخ.
أطلق الجنود النار عند مرورهم بحديقة المطبخ وسط صف من الجنود الثوار. وأصيب الملك برأسه ورقبته، بينما أصيب ولي العهد ونفيسة والعبادية في الظهر، وأصيبت الأميرة هيام بساقها.
بحلول الظهيرة وصل قاسم إلى بغداد مع قواته وأقام مقراً له في مبنى وزارة الدفاع.
وبعد تلك الحادثة نقلت الجثث الى سيارات تابعة لوزارة الدفاع. وبحسب ما ورد، ظل الملك، وكذلك الأميرات عبادية وهيام، على قيد الحياة أثناء النقل، لكن الملك توفي في الطريق.
كانت هيام هي العضو الوحيد في العائلة التي بقيت على قيد الحياة، ولكن كيف ولماذا حدث ذلك ما يزال الأمر غير واضح، لاسيما في حالة الارتباك التي أعقبت إطلاق النار الأولى، لكن يبدو أن جنوداً من قبيلة عائلتها حموها.
بعد فترة، تزوجت الأميرة هيام من ابن عمها، وكلاهما من قبيلة ربيعة وهي قبيلة بارزة من جنوب العراق ورزقت بطفلين.. ثم جاءت لتعيش في الأردن في الثمانينيات، وتوفيت في عمان، الأردن عام 1999.