إمام الهوى في داقوق البئر الحلو وسط ابار مالحة

3٬511

عامر جليل – تصوير:  حسين طالب /

امام الهوى، اسم طالما دفعني الى تساؤلات بيتي وبين نفسي وانا في طريقي من بغداد الى كركوك او بالعكس والذي يرفع على قطعة تشير الى جامع بقبة كبيرة ومئذنة تكسيها بلاطات الكاشي الكربلائي بزخارف جميلة..من يكون (امام الهوى)؟
يقع الجامع- المزار في قضاء داقوق، حوالي ٢١٠ كلم شمال بغداد، ودائما هناك سيارات اجرة او خاصة تقف عنده ليزور ركابها الامام، والذين لا يتوقفون يرفعون ايديهم بالسلام وقراءة الفاتحة، هذه المرة، توقف مع زميلي المصور ليس للزيارة فقط، انما لكتابة مادة تعريفية ضمن سلسلة مجلة الشبكة العراقية للتعريف بالمعالم السياحية الدينية والاثرية في العراق الثري جدا بها..
اصحاب المزار
يرافقني في زيارتي الصحفية، السيد مصطفى جودت، الامين الخاص، ويقول ان صاحبي المزار هما السيد الهادي بن مهدي بن حسين بن سرطة بن ابراهيم العسكري بن موسى ابو سبحة بن ابراهيم الاصغر المرتضى بن الإمام موسى الكاظم (ع), وابنته العلوية مريم المدفونة بجواره.
قصتهم
واستنادا الى جودت الذي يستند بدوره الى الروايات التي تشير الظلم والجور اللذين طالا ذراري آل البيت (عليهم السلام) وتعرض غالبيتهم الى التهجير والملاحقة، فكان وصول هذه العائلة الشريفة (السيد هادي وابنته مريم (ع) الى هذا المكان واستقرارها به، وتضيف الروايات ان العلوية مريم تمرضت وتوفيت قبل والدها الذي اوصى الناس ان يدفنوه قرب ابنته بعد وفاته وكان له ما اراد. ولا تذكر المصادر التاريخية تاريخ ولادته بالتحديد ولكن المشهور عنه حسب الروايات انه عاش في الفترة العباسية المتآخرة وكانت وفاته كانت في سنة 383هـ.
ويشير جودت الى ان هذا الطريق عرفه آل البيت الاطهار حتى قبل قدوم هذه العائلة لانه اساسا يقع على امتداد خط سبايا معركة الطف, والدليل وجود مقام الامام زين العابدين (ع) والذي يستمر بأتجاه نينوى ثم الحدود السورية.
تفاصيل المزار
ويشرح السيد مصطفى جودت تفاصيل المزار بالقول: ان مساحة المرقد المكون من الحضرة والمرقدين الشريفين (5000) الاف م2, مساحة الحضرة 300م2 مقسومة الى نصفين 150م حرم الرجال ومثلها للنساء, ويوجد مسجد الامام محمد الباقر (ع), مساحة المسجد 1500م2, يتسع المسجد الى 1700 مصلي, وتوجد اروقة داخل المزار الشريف لأستراحة الزائرين. وللمرقد منارة واحدة مغلفة بالكاشي الكربلائي ارتفاعها 20م, وقبة ترتفع 13م وهي قبة عادية غير مغلفة بالنقوش التي عادة ما تكون كربلائية او نقوش وزخارف عربية, اما القبرين الشريفين فهما من الخشب الصاج صُنعا في بغداد في الكاظمية تحديدابقياس 2متر × 180سم، وللمرقد ملحقات مثل غرفة الامين الخاص وغرفة الادارة ودار الضيافة وغرفة استقبال الوفود والمطبخ وهناك ورشة لصيانة المواد المستهلكة للمرقد الشريف, وصحيات وعددها 14 وحدة صحية 7 للرجال ومثلها للنساء.
ويستمر الامين الخاص ان “الامانة العامة بنيت لنا دار الضيافة تتكون من غرفة الاستقبال ومطبخ ووحدة صحية, وجهزته بمولدة 150كي في وكرفان للموظفين مع اجهزة التكييف وقامت بانارة المزار الشريف”. علما ان المزار بني من قبل المتبرع الحاج علي العزاوي من بغداد.
استراحة زوار الحسين (ع)
يقوم على خدمة المرقد 13 موظف ومن ضمنهم الامين الخاص وهو عدد قليل، كما يقول الامين بالنسبة الى حجم المزار “ففي المناسبات الدينية يكون الزخم كبيراً خاصة يوم 25 محرم ذكرى استشهاد الامام زين العابدين (ع), وايضا ايام اعياد نوروز في الربيع, وفي ايام الخميس والجمعة والسبت تكون حركة الزائرين كثيفةوبشكل متواصل.”
ويستوعب المزار 3500 زائر ومعظم مرتادي المزار هم من قضاء داقوق ومحافظة كركوك واقضيتها ونواحيها ومن محافظات الوسط والجنوب وايران وتركيا وخاصة في ايام اربعينية الامام الحسين (ع) عندما يتوافد الزوار الاتراك من تركيا صوب مدينة كربلاء وتكون استراحتهم في المزار كونه يقع على الطريق العام.
البئر الحلو
ويحدثنا الامين الخاص عن قصة البئر الموجودة في المرقد قائلا “لدينا بئر ارتوازي عمقه 33م وهو مميز عن بقية الابار الموجودة في اطراف المزار الشريف التي تتبع الحكومة او الاهالي للزراعة والبيوت وكلها تنتج مياها مالحة،. الا هذا البئر فمائه حلو والبيوت كلها في المنطقة تاخذ حاجتها من المياه الحلوة منه”.
مراحل الاعمار
في عهد العثمانيين ، شيدت قبة من الطين فوق المرقد الذي بقي كما هو حتى خمسينيات القرن الماضي فتوسع المرقد واصبح غرفة صغيرة ايضا من الطين وفي نهاية الثمانينيات شيدت وزارة الاوقاف هذا المزار من مادة البلوك وبشكل بناء بسيط وكانت مساحته 800متقريباً, وفي 2005م جاء متبرع من محافظة بغداد الحاج علي العزاوي فهدم المزار بعد موافقات من الجهات الرسمية وشيده بالشكل الفاخر والمساحة الحالية
وكانت كلفة تبرعه بالبناء مليار و 800 مليون دينار، وقد شيده وفاء نذر قطعه على نفسه حين تحسسنت صحة والدته بعد زيارة المرقدين الشريفينن وفي سنة 2014م انظم المزار الى الامانة العامة للمزارات الشيعية.
قصة لقبه بإمام الهوى
ويختتم الامين الخاص حديثه قائلا بان (إمام الهوى) لقب اطلقه الذين كانوا من يزورنه داعيا سبحانه بالشفاء بجاه المرقدين من امراض (عرق النسا), و(المفاصل), والذي يضربه (الهواء الشرجي) وشفوا، واستمر اللقلب واستمرت الزيارات طلبا للشفاء ليومنا هذا.
امام الهوا
اسم المزار باللغة التركمانية (ييل امامي) يعني (امام الهوا) والسبب ان المصابين بعرق النسا والمفاصل والذين كما سبقنا يزورون المرقدين الشريفين طلبا للشفاء والمصاب بالمفاصل، يوصف مرضه بالتركمانية بان مفاصله اصابته الهوا او(ييل)..لذلك نعتقد انه (الهوا) وليس (الهوى) ولسبب ما يكتب (الهوى)..