الأتمتة.. رفاهيةٌ أم ضرورة؟

708

رفاه حسن /

قد يبدو مصطلح الأتمتة جديداً أو غريباً بالنسبة لكثيرين، لكن يمكن وصف أهميته بكلمة واحدة وهي “المستقبل”.. الأتمتة هي المستقبل الذي ينتظر الشركات والمؤسسات والعاملين في القطاعين العام والخاص على السواء، مع أن مصطلح الأتمتة ليس بالجديد إذ ظهر في منتصف القرن الماضي وأخذ يتطور أسوة بباقي التقنيات التي ظهرت وتطورت منذ ذلك الوقت.
والأتمتة، إذا تحدثنا عنها في سياق أوضح، هي عملية رقمنة العمليات والإجراءات والنشاطات اليومية، الروتينية والضخمة التي يقوم بها الموظفون، التي تستغرق منهم كثيراً من الوقت وتحويلها إلى إجراءات رقمية، وذلك من خلال البرامج والتطبيقات التي تعمل على القيام بهذه المهام بجودة أعلى ووقت وجهد أقل، ما يؤدي إلى تقليل الحاجة إلى العامل البشري بشكل جزئي، لكنه أيضاً يفتح الباب لاستحداث وظائف جديدة تناسب العصر والتطور الحاصل. لكن الكثير من الموظفين والعاملين غير قادرين على إدراك هذه الحقيقة المتمثلة بأن الأتمتة آتيةٌ، شئنا أم أبينا، وأن من يتخلف عنها على مستوى الشركات والأفراد سيواجهون عواقب وخيمة وسيفوتهم الكثير من الفرص التي ستأتي بها عمليات الأتمتة والأفكار والتقنيات التي ستلحق هذا التحول الكبير.
صرّح كثير من الرؤساء التنفيذيين، ضمن مشاركاتهم في مجموعة استطلاعات رأي قامت بها مؤسسة مهتمة بالاقتصاد والتحول الرقمي، أنهم يعملون على تطوير البنية التحتية لمؤسساتهم باتجاه التحول إلى الأتمتة الذكية لمؤسساتهم ونشاطاتهم الداخلية والخارجية بالكامل في محاولة لمواكبة التطور الحاصل والمتوقع في المستقبل القريب. وبناءً عليه، فإن تطوير البنية التحتية يعني بالضرورة إما تدريب الموظفين العاملين على الأنظمة الجديدة، أو توظيف عاملين جدد بمهارات تتناسب مع التحول الحاصل. هنا ظهر كثير من الآراء والاختلافات حول أيهما أفضل من ناحية الجودة والتكلفة؟ ومن ناحية أخرى فإن الشركات بذاتها لا تملك فكرة واضحة تماماً عن الوظائف والمهارات المطلوبة في المستقبل، لكنها تحتاج إلى مواكبة التحول الحاصل الذي يمكن تشبيه ضخامته بالتحول الذي واجهه العالم عندما تحول من البيئة الزراعية إلى التصنيع. لكن الفرق هو أن هذا التحول كان بوتيرة بطيئة إلى حد ما، فسمح ذلك للأجيال بأن تتعاقب عليه دون أن يحدث اختلالاً في الوظائف، إذ من المتوقع أن عمليات الأتمتة ستؤدي إلى فقدان نحو 14% من وظائف القوى العاملة في العالم في حال لم تبادر الشركات والأفراد إلى إيجاد الحلول وتطوير المهارات لمواكبة التحول.
ثمة الكثير من التقنيات التي بدأ العالم بالعمل بها مثل تقنيات الجيل الخامس وغيرها، التي تحتاج إلى بنية تحتية متطورة وكادر متمكن للتعامل معها بالشكل المناسب للخدمات التي تستطيع أن تقدمها هذه التقنية للوصول إلى الحد الأقصى للاستفادة منها في تقليل الجهد البشري وتقليل الأخطاء وزيادة الدقة في العمل، فضلاً عن تحسين الخدمات المقدمة للعملاء، ما يترتب عليه تحسين تجربة المستخدم. ويجب ألا ننسى أهمية الأتمتة داخل المؤسسة التي تعمل على تجميع البيانات وتحليلها لمساعدة صانعي القرار في اتخاذ القرارات المناسبة من خلال تقديم التقارير الكاملة والدقيقة واليومية عن المؤسسة وإنتاجيتها والعاملين فيها وأرباحها، ومن خلال ذلك كله يمكن تحديد العقبات والمشكلات التي تواجهها الشركة أو المؤسسة والعمل على حلها. كما يمكن من خلال القراءة والمتابعة التنبؤ بالنجاحات والإخفاقات التي من المحتمل أن تواجه الشركة، وبذلك يمكن زيادة وتحسين الإيجابي منها وتجنب السلبي.
هناك كثير من الخدمات التي تقدمها الأتمتة للمؤسسة والعاملين فيها لا يمكن حصرها في مقال واحد، لكن الخلاصة التي يجب أن نستنبطها هنا هي أن من المهم بالنسبة للمؤسسات والأفراد على حد سواء أن يكونوا على أتم الاستعداد لاستقبال التحول الكبير المقبل واستيعابه بشكل ممتاز لنتجاوزه بأكبر الأرباح وأقل الخسائر لجميع الأطراف، إذ من المهم أن يدرك الموظف أن التكنولوجيا وجدت لمساعدته في انجاز أعماله الروتينية والضخمة، في المقابل أن يطور الموظف مهارات جديدة لتطور العمل داخل المؤسسة وزيادة الإنتاجية وتحسين تجربة المستخدم.