البروفسور داود جاسم الربيعي: تبرّع ببناء ثلاث مدارس وورش للتعليم المهني

1٬618

جبار عبد الله الجويبراوي /

بعد أن تخرج على يديه العشرات من الطلبة منذ أربعين عاماً قضاها في جامعة البصرة وجامعات عربية، أحال نفسه الى التقاعد، ومثل سمك السلمون قرر العودة إلى مسقط رأسه (مدينة العمارة)، ووقف أمام ناظريه سؤال كبير: ماذا استطيع أن أقدم لمدينتي؟

في وقت استفحلت فيه ظاهرة الجهل والغش والخداع والوساطة والرشا. ولم يكن أمامه غير أن يجمع كل ما لديه من مال كسبه من رزق حلال ليخفف فيه معاناة أبناء شعبه من الأطفال والصبيان والشبيبة من أيتام محافظة ميسان من أبناء القوات المسلحة والحشد الشعبي البطل تيمناً بالآية الكريمة “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم” آل عمران 92 .

بادر إلى إنشاء ثلاث مدارس: ابتدائية ومتوسطة وثانوية، وخصص فيها أربع ورش لتعليم حرف النجارة والحدادة والكهرباء والحاسوب لمن لا يتمكن مادياً وعلمياً من مواصلة الدراسة، وأطلق عليها اسم “الواعدون”، آملاً في سد الفراغ الذي تركه آباؤهم الأبطال بعد أن قدموا أرواحهم ثمناً لتراب الوطن الغالي.
وخط في واجهة تلك المؤسسات التربوية “نحن آباؤكم” تيمناً بالحديث الشريف “أنا وكافل اليتيم في الجنة.”

فمن هو هذا العالم وما هي إنجازاته العلمية؟؟

انه عالم الأعشاب الطبية الأستاذ الدكتور داود جاسم الربيعي الذي ولد في مدينة العمارة / محافظة ميسان عام 1950م، وفيها أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية عام 1968م .

حصل على البكالوريوس من جامعة البصرة بالمرتبة الأولى عام 1972م، والماجستير من جامعة بغداد بتفوق، والدكتوراه من جامعة (درم) في بريطانيا بامتياز عام 1984م. عمل في التدريس الجامعي منذ السبعينات. كتب العديد من البحوث الطبيعية والزراعية والبشرية وحصل على لقب الأستاذية عام 1997. اشتغل في جامعة صنعاء في اليمن وفي سلطنة عمان، مارس العلاج عملياً بالأعشاب الطبية والتغذية لمدة إحدى عشرة سنة. رشح كأفضل باحث في الجامعات العراقية لنيل جائزة “روكان” في فرنسا للعلماء دون عمر (40) عاماً، أشرف وناقش العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه في العراق وخارجه، حصل على العديد من الشهادات التقديرية لجهوده العلمية والتربوية.

كما ألّف ونشر العديد من الكتب والبحوث ذات الصلة بحياة الناس، وعلى سبيل المثال لا الحصر: “لماذا يتساقط الشعر وكيفية علاجه؟”. “مدينة أرم ذات العماد” . “من هو العَشّاب؟”. “أبو بريص، مرعب النساء” . “القدرة الجنسية بين أذنيك”.”دوران الأرض حول نفسها وتأثيراته الصحية” . “البخور والعطور وتأثيراتهما الصحية”. “الماء قدسية وأسرار” . “تلوث داخل المسكن”. “فصيلة دمك تحدد نوع غذائك”. “الدماغ والذاكرة والنسيان” . …الخ.

الموسوعة العربية للعلاج بالأعشاب

وقبل أكثر من ربع قرن عكف على دراسة الأعشاب الطبية المستعملة في الوطن العربي في موسوعة اسماها ((الموسوعة العربية للعلاج بالأعشاب الطبية)) المؤلفة من مجلدين .

الأول يتكون من ستة أجزاء والثاني من ثمانية. تناول في الأخير أمراض جسم الإنسان على أساس الأجهزة وعلاجات كل مرض بالأعشاب والغذاء. صدرت الطبعة الأولى عام 2013 والآن تطبع ثانية طبعة مزيدة ومنقحة..

تجول في معظم بلدان الوطن العربي بما فيها من جبال وأهوار وسهول وصحاري وسواحل بحرية، فضلا عن إيران والهند، من اجل جمع المعلومات الميدانية عن الأعشاب واستخداماتها. كما اطلع على العديد من المراجع العلمية العربية والأجنبية.

وأخيرا ناشد أصحاب رؤوس الأموال المكتفية عوائلهم مادياً في محافظة ميسان والمحافظات الأخرى أن ينفقوا من أموالهم ما يحتاجه الشعب من مدارس ومستوصفات ودور عجزة ورياض أطفال ومتنزهات وطرق معبدة.

أمنيته ان نكون بمستوى الشعب الياباني (غير المسلم) الذي بنى اليابان بجهوده المتظافرة مع الجهد الحكومي.

أخيرا كُلف البروفسور هذا العام أي العام الدراسي 2017ـ 2018 بإدارة “كلية المنارة للعلوم الطبية” التي تعد من أهم المعالم الأكاديمية في المحافظة والتي ستساهم في رفد المجتمع العراقي بكوادر طبية متميزة فضلا عن فتح مراكز طبية لتقديم خدمات العلاج وزراعة الأسنان.