البهائيون.. يعترفون بالكتب السماوية ومرجعهم الأعلى هو بيت العدل

1٬981

عامر جليل ابراهيم /

الله سبحانه وتعالى هو الحقيقة المطلقة، واحد لاشريك له، خالق هذا الكون، وهو أجلّ وأعظم من ان يدركه احد او يتصوره العقل البشري او يحدد بأي شكل من الأشكال، هذا صلب ما يؤمن به البهائيون  الذين يعتقدون بأن البشرية في حاجة ماسة الى رؤية موحدة تجاه مستقبل المجتمع البشري وطبيعة الحياة والهدف منها، وبأن هذه الرؤية تتكشف في الآيات والآثار الكتابية التي جاء بها حضرة بهاء الله.

ويقول البهائيون بأن اسماء مثل الله، ويهوه والرب او براهما، كلها تعود الى نفس الوجود المقدس المنيع، فنحن نعرف الله عن طريق أنبيائه ورسله الذين هم واسطة الفيض الإلهي فالرسل يوفرون التربية والهداية الكاملة للبشرية جمعاء.

واستكمالاً لمشروع “مجلة الشبكة” بالتعريف بتنوع المجتمع العراقي كان لها هذا الحوارمع السيد حسين قاسم حداد “ابو علاء البهائي” الذي تحدث لـ “الشبكة” بصفته مواطناً بهائياً من دون صفة رسمية لأنه في الدين البهائي لا يوجد نظام كهنوتي او شيوخ او اسياد او قسس اوزعامات.

من بهاء الله؟

هو ميرزا حسين علي النّوري، الملقب ببهاء الله، ولد في طهران في العام 1817م لأسرة ثرية، نفي الى بغداد في العام 1852م بعد اتهامه بمحاولة اغتيال الشاه وبقي فيها عشر سنوات، وفي العام 1863م نفي الى اسطنبول بعد ازدياد شكاوى البلاط الإيراني منه، واستقر في الجانب الأوروبي من مدينة (أدنة) التي بقي منفياً فيها لمدة خمس سنين، بعدها نفي الى مدينة عكا التي بقي فيها حتى وفاته في العام 1892م.

اعلن حضرة بهاء الله دعوته للبهائية ببغداد في العام 1863م، اوائل مدة نفيه من ايران. والدّين البهائيّ هو أحد الأديان التوحيدية، ويشترك معها أساسا في الدّعوة إلى التّوحيد، ولكنّه دين مستقلّ له كتبه المقدّسة وعباداته وأحكامه كالصلاة والصوم وغيرها،

فلقد بعث الله عز وجل الى البشرية عبر التاريخ سلسلة من المربّين وهم رسله الذين بعثهم كمظاهر إلهية بين البشر فوضعت تعاليمهم أسس تقدم الحضارة البشرية، من بين هؤلاء الرسل ابراهيم وكريشنا وزرادشت وموسى وبوذا وعيسى ومحمد عليهم السلام، واوضح حضرة بهاء الله “وهو الأحدث بين سلسلة الرسل” بأن الأديان تأتي من المصدر الإلهي ذاته وهي بمثابة فصول متتابعة لدين واحد مصدره الخالق العظيم.

بماذا يؤمن البهائيون؟

 يؤمن البهائيون بوحدانية الله، وبأن جميع الناس جنس واحد وبأن الأنبياء والمرسلين مبعوثون من إله واحد، وكذلك يؤمنون بأن مجيء حضرة بهاء الله قد افتتح عصر تأسيس السلام على الأرض الذي تنبأ به رسل الله على مدى العصور، عصر ستبلغ الإنسانية فيه سن الرشد الجماعي على المستوى الاجتماعي والروحي، وتعيش كعائلة متحدة في مجتمع عالمي تسوده العدالة.

 هل لدى البهائيين كتاب مقدس؟

– الكتاب الأقدس هو أم الكتاب في الظهور البهائي، نزل باللغة العربية من قلم حضرة بهاء الله وهو جوهر ولبّ الآثار البهائية، ويشتمل على الحدود والأحكام والنصائح الأخلاقية، وأسس تشييد مؤسسات ستعمل على ايجاد نظام عالمي مبني على مبادئ روحانية واخلاقية.

انه احد آثار حضرة بهاء الله الغزيرة التي تؤلف ما لايقل عن مئة مجلد لو جمعت، وتمس مواضيع شتى كالأحكام والمبادئ المتعلقة بسلوك الفرد والحكم والمجتمع، والكتابات العرفانية في رقي الأرواح ورحلتها الأبدية نحو الله بارئها.

وتعتبر الآثار الكتابية المتعددة لحضرة الباب وألواح حضرة عبد البهاء وتفاسيره ورسائل حضرة شوقي أفندي وتفسيراته مصادر مقدسة بالنسبة للبهائيين. وعلاوة على ذالك فإن البهائيين  يعترفون  بالكتاب المقدس والقرآن الكريم والكتب المقدسة لسائر الأديان السماوية الاخرى على أنها آثار مقدسة.

* لكل دين او طائفة او مذهب تعاليم أساسية لا تكتمل الديانة إلا بها، هل للبهائية مثل تلك التعاليم؟

– نعم، للبهائية تعاليم اساسية مثلها مثل باقي الأديان، فالدين البهائي يؤمن بوحدة الإلوهية ووحدة الأنبياء والمرسلين ويدعو الى البحث عن الحقيقة ونبذ جميع انواع التعصب والخرافات وينبهنا الى أن الهدف الرئيس للدين هو ترويج الوئام والتآلف ويجب ان يكون الدين مطابقاً للعلم ويكون أساساً لمجتمع سلمي ومتطور ومنظم.

انه يدعو الى تكافؤ الفرص والحقوق والمزايا لكلا الجنسين ويؤيد التعليم الإلزامي ويدعو لإزالة الفوارق الشاسعة بين الفقر المدفع والغنى الفاحش ويعتبر العمل المنجز بروح الخدمة نوعاً من انواع العبادة ويقترح تبني لغة عالمية اضافية وايجاد المنظمات الضرورية لتأسيس وحماية سلام عالمي دائم، كل تلك تعاليم اساسية يجب ان يعرفها كل فرد من افراد الدين البهائي.

ما علاقة البهائية بالإسلام؟

– ولد حضرة بهاء الله في أسرة مسلمة ومجتمع اسلامي، لذا فيمكن القول بأن الدين البهائي قد نشأ من الإسلام مثلما نشأت المسيحية من اليهودية او البوذية من الهندوسية، وعلى هذا السياق فإن الدين البهائي دين مستقل مثل هذه الأديان، وله حدوده وتعاليمه ومؤسساته.

* كم عدد البهائيين في العالم واين يقيمون؟

– يزيد عدد البهائيين في العالم عن خمسة ملايين، وينتشرون في شتى بقاع العالم وينتمون الى شعوب وقبائل وجنسيات متعددة، ويعتبر الدين البهائي من بين الأديان الأكثر انتشاراً ويقطن البهائيون في اكثر من 100,000 ألف قرية ومدينة حول العالم.

* كيف ينظر الدين البهائي لسائر الأديان الأخرى؟

– يؤمن البهائيون بأن جوهر الأديان واحد، وبأن سيدنا ابراهيم وموسى وزرادشت وبوذا وكرشنا والمسيح ومحمد عليهم السلام هم جميعاً رسل مبعوثون من جانب إله واحد، ومن اجل ترويج الوحدة الدينية يوصي حضرة بهاء الله اتباعه  بالأخذ بالتسامح وترك التعصب، والتعامل مع الأديان الأخرى بمودة وحب وسلام.

* من يتولى رئاسة البهائيين؟

– دعا حضرة بهاء الله الى تأسيس نظام يتكون من مؤسسات منتخبة تعمل على المستويات المحلية والمركزية والعالمية، إن المرجع الأعلى للبهائيين هو بيت العدل الأعظم، وهو هيئة عالمية تتكون من 9 أعضاء ينتخبون بالاقتراع السري من قبل جميع اعضاء المؤسسات المركزية.

*ما هي المناسبات والأعياد التي يحفل بها البهائيون؟

– يحتفل البهائيون سنوياً بإحياء 11 عيداً ومناسبة ذكرى، ويمتنعون عن العمل في 9 أيام منها، تتضمن الأعياد ومناسبات الذكرى البهائية تلك الأيام المرتبطة بحياة حضرة بهاء الله وحضرة الباب، وعيد النوروز وهو رأس السنة البهائية، في 21 آذار.

وأعظم هذه الأعياد هو عيد الرضوان الذي يحتفل به على مدى 12 يوماً من شهري نيسان وأيار تمجيداً لذكرى اعلان حضرة بهاء الله دعوته في حديقة الرضوان ببغداد.

يتم الاحتفال بإحياء هذه الأعياد والمناسبات في اجتماعات عامة تتلى فيها الأدعية والمناجاة وتتسم بالتأمل. وللبهائية تقويم خاص يتكون من 19 شهراً وكل شهر من 19 يوماً.

* وجود مقر بيت العدل الأعظم على سفح جبل الكرمل في مدينة حيفا شمالي فلسطين ادى الى ظهور تساؤلات عن طبيعة العلاقة بين البهائية واسرائيل، ما صحة هذه التساؤلات؟

– لقد ذكرت المصادر البهائية مراراً أن البهائيين لا ينضمون للأحزاب السياسية ولا يتدخلون في السياسة، ولا يقبلون وظائف مثل الوزير او السفير او عضو مجلس الشعب او أية وظيفة لها علاقة مباشرة بالسياسة، ولا يطمحون بإنشاء أحزاب سياسية في العالم العربي او اي مكان آخر، فهم لم ينشئوا اية احزاب سياسية في اي من دول العالم التي يتواجدون فيها، رغم ان الكثير منها يسمح بحرية مثل هذا العمل، وهذا دليل على عدم رغبتهم في التدخل في سياسات العالم العربي، والبهائيون ملزمون، حسب ما نصت عليه تعاليم دينهم، بإطاعة حكوماتهم وقوانينها والولاء التام للأوطان التي يعيشون فيها، فبالإضافة الى اعتبارهم حب الوطن من الإيمان، يرى البهائيون انهم مسؤولون أيضا أمام الله أن يحبوا ويسعوا الى خدمة كل خلقه بدون تمييز أو عنصرية.

ان عدم معرفة الكثيرين من الناس بهذه التعاليم الأساسية في الدين البهائي جعلهم يكيلون لنا اتهامات لا أساس لها من الصحة مثل أننا عملاء لإسرائيل وأننا دعمنا تأسيس دولة إسرائيل وأن لنا علاقة تاريخية وثيقة بالصهيونية، لكننا نقول إن وجود المركز الإداري للدين البهائي في إسرائيل يدفع البعض لإثارة التساؤلات حول علاقة البهائيين باسرائيل، ومن المؤكد تاريخياً أن نفي حضرة بهاء الله الى عكا لم يكن برغبته واختياره وإنما تم بأمر من السلطان العثماني حيث كانت مدينتا عكا وحيفا في فلسطين ضمن املاك الحكومة العثمانية آنذاك، أما إسرائيل فقد قامت في عام 1948م أي بعد مرور 56 سنة من وفاة بهاء الله و 27 سنة من وفاة ابنه عبد البهاء، إن ارض فلسطين كانت ومنذ قديم الزمان مكاناً مقدساً لاتباع الديانات المختلفة، فهنالك المعابد المقدسة لليهود ومكان ميلاد ودعوة وصعود المسيح ومكان اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين للمسلمين، ومحل إسراء الرسول الكريم، فهي أماكن مقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين على حد سواء.

أما بالنسبة للبهائيين فإن المراقد الشريفة لحضرة الباب وحضرة بهاء الله وحضرة عبد البهاء موجودة فيها، ولقد حدث هذا نتيجة تواجد البهائيين في الأماكن المقدسة بأمر من الحكومة العثمانية وذلك قبل ثمانين عاماً من تأسيس دولة إسرائيل، وهذا التواجد ليس دليلاً على تعاون البهائيين مع دولة إسرائيل، أما عن علاقتنا الحالية مع دولة اسرائيل فإن واقع وجود المركز الإداري والروحي للبهائيين في حيفا يوجب علينا الاتصال بتلك الدولة من اجل المحافظة على حقوقنا المادية والمعنوية ومعرفة الالتزامات القانونية الواجب علينا اتباعها مثلنا في ذلك مثل بقية المؤسسات الدينية غير الربحية الإسلامية وغير الإسلامية منها والتي تخضع لقوانين  تلك الدولة وارشاداتها، أما فيما يتعلق بالادعاء بأن إسرائيل أعفت الأماكن المقدسة للبهائيين من دفع الضرائب وأعفت مواد البناء الخاصة بالأبنية البهائية من دفع الكمارك فمن المعلوم ان جميع الأماكن والعتبات المقدسة الدينية في العالم معفوّة من دفع الضرائب والرسوم الحكومية وما تقدمه اسرائيل فيما يتعلق بالأماكن المقدسة البهائية ليس استثناء للبهائيين، وانما هو يتماشى مع سياستها بخصوص باقي الأماكن المقدسة في اسرائيل، ومن ضمنها الأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين.