التغيــــر المناخــــي والصحة الإنجابية

237

ترجمة وإعداد: آلاء فائق عن موقعي (لنك سبرنكر) و(نيوز أور) (ساندي هاو) و (جيسيكا كوتز)/

يعتبر تغير المناخ أكبر تهديد للصحة العامة في القرن الحادي والعشرين، لكن تأثيره بين فترة ما قبل وبعد الولادة لم يحظ بالاهتمام الكافي إلا مؤخراً، إذ أخذت جهود الأطباء وخبراء المناخ تتزاحم مؤخراً لمراجعة المؤلفات الحديثة المتعلقة بآثار تغير المناخ والكوارث البيئية ذات الصلة على صحة الحمل، وتقدم توصيات لتنوير جهود التكيف والتخفيف في المستقبل.
نتائج البحوث الأخيرة
على الرغم من أن الدراسات تختلف اختلافاً كبيراً في التصميم، والطرق التحليلية، وستراتيجيات التقييم، إلا أنها تتقارب عموماً في الإشارة إلى أن الكوارث المتعلقة بالمناخ مرتبطة بزيادة مخاطر حدوث مضاعفات واحتمال فقدان الحمل، ونمو الجنين المقيد، وانخفاض وزن الجنين عند الولادة، والولادة المبكرة، والولادة المختارة، ومضاعفات حديثي الولادة، فضلا عن الحساسية غير الواضحة على بعض الأمهات، ناهيك عن النساء المحرومات اجتماعياً واقتصادياً، اللاتي يكن أكثر عرضة للخطر من غيرهن.
إن تغير المناخ يكون طويل المدى في متوسط أنماط الطقس التي تحدد المناخات المحلية والإقليمية والعالمية، ففي العام 2007 ، قدم الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) مجموعة كبيرة من الأدلة التي تدعم وجود ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثير الأنشطة البشرية على المناخ العالمي، إذ يشير التقرير إلى أن الطفل المولود اليوم سيعيش في بيئة أكثر دفئاً بأربع درجات من متوسط درجات الحرارة خلال فترة ما قبل الصناعة، وسيواجه كوارث بيئية أكثر تواتراً وشدة كموجات الحر وحرائق الغابات والأعاصير.
كما تشير هذه الدراسات إلى أن تغير المناخ يرتبط بالعديد من الآثار الصحية قصيرة وطويلة المدى على مدى حياة الإنسان، بدءاً من الجفاف إلى ضربة الشمس، وأمراض الجهاز التنفسي، والأمراض المعدية، ومضاعفات الصحة العقلية، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وحتى الموت. على هذا النحو، يُعترف بتغير المناخ باعتباره “أكبر تهديد للصحة العالمية في القرن الحادي والعشرين.”
تأثير المناخ على الأم والجنين
يمكن تصور تأثيرات المناخ على صحة الحمل، بأنها تشمل التأثيرات المباشرة من خلال الكوارث البيئية المنفصلة، والآثار غير المباشرة من خلال التغيرات في البيئة الطبيعية، وكذلك الآثار غير المباشرة من خلال التغيرات في البيئة الاجتماعية. لذا فإن من المهم ملاحظة أنه على الرغم من أن الآثار المباشرة وغير المباشرة يجري تقييمها بشكل عام بشكل منفصل، إلا أنها تحدث في كثير من الأحيان في وقت واحد ولها تأثير تآزري أو متتالٍ على صحة الحمل.
التأثيرات المباشرة
من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في حدوث كوارث بيئية أكثر تواتراً وشدة ذات صلة بالمناخ، كموجات الحر، وحرائق الغابات، والأحداث الجوية المتطرفة، كالجفاف والأعاصير والفيضانات. وتشير الأدلة المتراكمة إلى وجود ارتباطات إيجابية بين التعرض السابق للولادة لهذه الأحداث ونتائج الحمل المعاكسة، لكن الأهم من ذلك هو أن السكان الذين لديهم قدرة أقل في الوصول إلى موارد العالم، ممن يسهمون بشكل أقل في تغير المناخ، يتحملون عبئاً أكبر وبشكل غير متناسب.
تأثير الحرارة على الأم الحامل
كان لارتفاع المتوسط السنوي لموجات الحر، المعروفة على أنها سلسلة من الأيام الحارة بشكل غير عادي، في الولايات المتحدة، من اثنتين في الستينيات إلى ست درجات في العام 2010، أثر بالغ الخطورة على الصحة بشكل عام، كما أن زيادة متوسط درجة موجات الحرارة الفردية بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، كانت له آثاره البالغة الخطورة، ولاسيما على النساء الحوامل، إذ كن أكثر عرضة للإجهاد الحراري من النساء غير الحوامل بسبب ضعف قدرتهن على التنظيم الحراري والتوازن.
الولادات المبكرة
يفحص تحليل (تلوي- أحد تحاليل عِلم الإِحصاء)، الذي أجرى مؤخراً مسحاً شاملاً لـ70 دراسة في 27 دولة، مدى تأثير ارتفاع درجة الحرارة على الولادات المبكرة، وانخفاض الوزن عند الولادة، والإملاص (الولادة الميتة)، إذ تشير تقديرات الملخص إلى ارتفاع مخاطر الولادة المبكرة بنسبة 16 بالمئة خلال أيام الموجة الحارة مقارنة بالأيام التي لم تكن فيها موجات حرارة. علاوة على ذلك، ارتبطت كل درجة فهرنهايت إضافية بزيادة خطر الإصابة بنسبة خمسة بالمئة. كما تشمل نوافذ التعرض المحتملة للولادة قبل الأوان شهراً واحداً من الحمل المسبق، وشهر الحمل، والثلثين الأول والثاني والأسبوع الأخير من الحمل، ما يشير إلى كل أنواع التعرض الحاد والمزمن .
كذلك أظهر التحليل (التلوي) أيضاً أن معدل وزن المواليد المنخفض كان أعلى بنسبة 9 بالمئة خلال الفترات التي تكون فيها درجة الحرارة أعلى من المعتاد، إذ كان الأطفال أخف وزناً بمقدار 26 غراماً في المتوسط . بالإضافة إلى ذلك، كان خطر الإملاص أعلى بنسبة 46 بالمئة خلال الموجة الحارة مقارنة بالأيام التي لم تكن فيها موجات حارة، مع زيادة في المخاطر بنسبة خمسة بالمئة لكل درجة فهرنهايت إضافية، ويبدو أن الحمل المبكر هو أكثر فترات التعرض للإملاص. في الوقت نفسه، جرى ربط درجات الحرارة المرتفعة أيضاً بنتائج الحمل الخطيرة الأخرى كتمزق الأغشية المبكر، ومشكلات القلب والأوعية الدموية أثناء الحمل، وارتفاع ضغط الدم الحملي، وتسمم الحمل، والعيوب الخلقية، ووفيات الأطفال حديثي الولادة.