التكنولوجيا وكورونا .. صراع التأثيرات المتبادلة

706

#خليك_بالبيت

رفاه حسن /

كانت التكنولوجيا من أكثر المؤثرين والمتأثرين بأزمة جائحة كورونا، أو الفايروس المعروف باسم COVID-19، الذي اجتاح العالم وقلب الموازين على كل الأصعدة، فلقد تغير كثير من المفاهيم عن بعض التقنيات وتبيّن أنها إما متسرعة أو مغلوطة، بعد أن أصبحت تلك التقنيات حاجة ضرورية اليوم للسيطرة على الوباء، أو لمساعدة الناس على مكافحته.
اليوم تعد التكنولوجيا حائط الصد الأول ضد وباء كورونا، ولقد أسهمت كثيراً في حفظ الأرواح وتوفير الخدمات الضرورية للإنسان، وأهمها تلك الخدمات التي قدمتها الروبوتات، إذ تمكنت من سد مكان الإنسان في الكثير من الوظائف في وقت الحظر، فقد ساعدت في إعداد الطعام وتقديمه في المستشفيات، فضلاً عن التنظيف والتعقيم ورش المطهرات، ناهيك عن التشخيص والتصوير الحراري، ولقد ذكرت “رويترز” في تقرير لها أن الروبوت الصغير little peanut يضطلع بإيصال الطعام إلى ركاب الرحلة الجوية من سنغافورة إلى الصين المحجورين صحياً في أحد الفنادق.
ولا ننسَ دور الطائرات المسيّرة، التي كان يُنظر إليها سابقاً على أنها مخصصة للتجسس أو للأغراض العسكرية، لكنها اليوم أثبتت أن التكنولوجيا قادرة على حماية الإنسان ومساعدته على النجاة، إذ أسهمت في إيصال المساعدات الطبية إلى المناطق المتضررة، ونقل العيِّنات المرضية، الأمر الذي كان له أثر واضح في حفظ العينات وسرعة تسليمها، وسرعة الحصول على النتائج وحصر المرض، إضافة إلى إطلاق طائرات مسيّرة زراعية لرش المطهرات فوق الحقول والمناطق الريفية.
إن اكبر معضلتين واجههما العالم بسبب تفشي وباء كورونا هما التعليم وعمليات الدفع والتداول المالي، إذ أوقفت الجامعات والمدراس دراستها بسبب الوباء، ووجّه المسؤولون باستخدام التعليم الإلكتروني والتوجه إلى المنصات المتوفرة على الإنترنت، وسجلت المنصات الإلكترونية ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المستخدمين، إذ أن استخدام هذه المنصات لا يشمل الأغراض الدراسية فحسب، بل يشمل أيضاً المؤتمرات واجتماعات العمل التي لجأ إليها الموظفون بعد تحول العمل إلى المنزل في كل المؤسسات، والأمر كذلك مع عمليات الدفع والتداول المالي التي أصبحت خطيرة جداً، وشُخصت على أنها من أكثر الوسائل الناقلة للفايروسات. وبسبب حظر التجول المفروض في كثير من مدن العالم توجّه الناس إلى استخدام الدفع الإلكتروني بوصفه الطريقة الأفضل والأكثر أماناً للدفع اليوم. ولقد سجلت المواقع الإلكترونية مثل (أمازون) وغيرها ارتفاعاً في الطلبات في ظل انتقال المستهلكين إلى شراء المواد الأساسية عبر الإنترنت بسبب الحجر الصحي، وصرحت شركة أمازون معلّقة على هذه الظاهرة: نلاحظ زيادة في المشتريات عبر الإنترنت ما أدى إلى نفاد مخزون بعض المواد المنزلية الأساسية والمستلزمات الطبية.
ساعدت تقنيات التعرف على الوجه والتصوير الحراري في الصين، وامتلاكها قاعدة بيانات ضخمة، في إنشاء وحدات تحكم تراقب الفايروس طوال الوقت، وتحذر المواطنين من التوجه إلى المناطق الموبوءة أو الاختلاط مع الأشخاص المصابين. ولقد طورت بعض الشركات الصينية تقنيات للتعرف على الوجه حتى مع وجود قناع، فضلاً عن أجهزة كشف درجة الحرارة بالأشعة تحت الحمراء التي تم تثبيتها في جميع المدن الصينية لمتابعة تحركات المواطنين ومنع خرق الحجر الصحي من قبل المشمولين به.
وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أننا لا نغفل عن كون التكنولوجيا أحد المشاركين في الانتشار السريع للوباء عبر خطوط السفر التي أسهمت بنحو كبير في نقل الوباء من الصين إلى كل أرجاء العالم في غضون أسبوع واحد فقط.
وبعد ذكر الآثار الإيجابية والسلبية للتكنولوجيا على الوباء، لا ننسَ ذكر تأثير الوباء في التكنولوجيا، فعلى الرغم من أن أكثر المستفيدين من هذه الأزمة هي شركات التكنولوجيا والإنترنت، إلا أن حظر التجوال وتوقف الرحلات الجوية والانتشار المخيف للوباء دفع إلى إلغاء أو تأجيل كثير من المؤتمرات الضخمة التي كان من المقرر عقدها هذا العام، وأشهرُها مؤتمر فيسبوك f8 ومؤتمر أبل، وبعض المؤتمرات التي ستتم إقامتها بطريقة البث المباشر.
أما شبكة الإنترنت فلقد واجهت ضغطاً كبيراً في الآونة الأخيرة بسبب الاستخدام المفرط لها، ما دفع شركتي يوتيوب ونيتفلكس إلى تقليل جودة الفيديوهات والأفلام لمنع وقوع الشبكة.
أما في وطننا العربي فما تزال البنية التحتية للتكنولوجيا ضعيفة جداً من ناحية التعليم الإلكتروني أو الدفع الإلكتروني أو حتى المراقبة والمتابعة.

 

النسخة الألكترونية من العدد  356 

“أون لآين -1-”